«الثنائي» يدس السم في دسم الحكومة.. هل تسقط المبادرة الفرنسية؟!

الحكومة اللبنانية

ليس تفصيلا عاديا أن تصدر الرئاسة الفرنسية بيانا تُعرب فيه عن أسفها “لعدم إحترام السياسيين اللبنانيين للتعهدات التي قطعوها خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لتشكيل حكومة خلال 15 يوما”، وأن يعتبر “أنه لم يفت الاوان بعد وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم والعمل أخيرا لمصلحة لبنان وحدها عبر السماح للرئيس المكلف مصطفى أديب بتأليف حكومة في مستوى خطورة الوضع”، فالبيان وإن حمل “لفحة” تفاؤل بأن المبادرة لم تفشل بعد، إلا أنه يظهر أيضا شراسة المعركة التي يخوضها الثنائي الشيعي وحلفائه للحفاظ على النهج السابق في تأليف الحكومات، مستعملين أدوات داخلية أبرزها “خيبة أملهم” من خذلان الرئيس سعد الحريري لهم ومبادرته إلى”لسعهم” بعد أن قدموا له “لبن العصفور” والقفز فوق الاعراف وحقوق الطائفة الشيعية، بالاضافة إلى عتبهم على الرئيس المكلف لأنه لم يراع أصول التشكيل والتشاور مع الرئاسات الاولى والثانية والكتل النيابية لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون، وصولا إلى إتهام الرئيس السنيورة بأنه “الطباخ الحقيقي” للطبق الحكومي المنتظر وما يعني ذلك من سعيه إلى قذف مسؤوليته عن محاولة نسف المبادرة عبر “دس السم بالعسل” عليه في التشكيلة الحكومية كي لا تكون مطابقة لمواصفات يرضاها الثنائي الشيعي وحلفائه السياسيين.

اقرأ أيضاً: «الممانعة» تطلق النار على رجلها.. و«تُشظي» المبادرة الفرنسية!

كل المشهد السابق يعني أن شيئا لم يتغير على صعيد مقاربة الثنائي للملف الحكومي بالرغم من الاوضاع الدقيقة والبالغة الخطورة التي يمر بها لبنان، وما يمكن أن ينتج عن هذا الاسلوب من تبعات، علما إنهم إتبعوا اسلوب التدرج في المطالبات فكان أولا التمسك بحقيبة المالية ثم المطالبة بتسمية جميع الوزراء الشيعة في الحكومة، وإن كان من غير المعروف على ما ستنتهي إليه المبادرة الفرنسية إلا أن سؤالا مشروعا يمكن أن يتبادر إلى ذهن المراقبين و هو :هل يمكن لهذه القوى أن تتحمل أمام جمهورها وأمام الشعب اللبناني مسؤولية إسقاط المبادرة الفرنسية؟

علي درويش
علي درويش

قفزة في المجهول


حتى الآن يظهر أن الاصرار على هذه المطالب هو قفزة في المجهول، وأن الشعب اللبناني سيكون أول من يدفع الثمن، وفي الوقت الذي تتكتم فيه أوساط كتلتي”التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” عن التعليق على بيان الرئاسة الفرنسية، تقارب القوى الاخرى التطورات الجارية من زوايا مختلفة وأن كانت تتشارك جميعها في التمسك بالامل بأن تصل إلىخواتيمها المرجوة، وفي هذا الاطار يصف عضو كتلة الوسط المستقل علي درويش ل”جنوبية” “ما نمر به اليوم بأنه مرحلة مفصلية وتتضمن مجموعة عوامل خطرة لا يمكن للبنان أن يتحملها”، داعيا إلى أن “يكون هناك مقاربة متوازنة لتشكيل الحكومة، لأن لا مصلحة لأحد بفشل هذه المبادرة ولا أحد يرغب بفشلها، لذلك نحتاج إلى نظرة موضوعية لبعض الملفات الداخلية تحديدا في ما يختص بمبدأ المداورة ووزارة المالية ومهمة الحكومة القادمة”.
يضيف:”أنا أميل إلى التفاؤل بالرغم من الاختلافات الحاصلة بين ألوان الطيف السياسي اللبناني، وبالرغم من الكثير من التناقضات والتباين ولكن الاطياف لديهم مصلحة لنجاح هذه المبادرة مع أحقية بعض العناوين التي تصدر من هذا الفريق أو ذاك”.

درويش لـ “جنوبية”: لمقاربة موضوعية لمبدأ  المداورة و “المالية” و الحكومة 


ويختم:”في حال فشلت المبادرة سنعود عندها إلى نقطة الصفر وإلى لغة الشارع وعدم الاستقرار على كافة المستويات، لذلك نعتمد على وعي كل الاطراف في هذه المرحلة للتعاطي بخصوصية تمكّن من العبور فوق المطبات التي تعترض طريق المبادرة وعلى الجميع تحمل القيام بدوره في هذا الاطار”.

ادغار معلوف
ادغار معلوف

فرك رقبة

يوافق عضو تكتل”لبنان القوي” النائب إدغار معلوف على أن المبادرة الفرنسية لم تنتهي ويقول ل”جنوبية”: “أنا أفضل النظر إلى النصف الملآن من الكوب الذي يعتبر أن الفرصة لم تنتهي وهذا ما يظهر من خلال التحركات المصرية وتأجيل زيارة الرئيس المكلف إلى بعبدا”،
لافتا إلى أن”لا أحد يتحمل إفشال المبادرة ولا أحد يرضى أن “تنفرك رقبته”، نحن ضد المثالثة والتخصيص، لكن يمكن التعامل مع الامور بحكمة، بالاضافة إلى أنه لا يمكن تطبيق عرف إلا بموافقة كل الافرقاء، واليوم الرئيس الحريري يقول أنه مع المداورة وأيضا الوزير باسيل، ولا أحد يريد أن يدفع الشعب اللبناني الثمن لأننا نعرف مخاطر هذا الامر”.

معلوف لـ”جنوبية”: تطبيق العرف يكون بموافقة كل الافرقاء 


في المقابل يسجل معلوف ملاحظات على أداء الرئيس المكلف مع الافرقاء السياسيين خلال عملية التأليف، فيقول:”ليس مقبولا أن لا يتشاور مع كافة الافرقاء وهذا أمر موجود في أعرق الديمقراطيات، صحيح أنه من حقه أن يضح تصوره للحكومة التي يريد تأليفها لكي تكون فعالة و بعيدة عن الاحزاب، لكن من حقنا أن نعرف آلية عمله وما هي القواعد التي يعتمدها لإختيار الاشخاص، ومن هو فريق عمله الامور ليست سهلة ولا يمكن الاعتماد على نفس الرئيس السنيورة في تشكيل الحكومة”.

محمد الحجار
محمد الحجار


ريما وعادتها القديمة


على ضفة المعارضين لسلوك الثنائية الشيعية تجاه عملية التأليف، فإن التفسير الوحيد لما يحصل برأيهم هو تمسك “ريما بعادتها القديمة”، إذ يشرح عضو كتلة المستقبل النيابية النائب محمد الحجار ل”جنوبية” بأن “المبادرة الفرنسية أتت بالنيابة عن قسم كبير من المجتمع الدولي الذي أراد مساعدتنا عبردفعنا لتنفيذ الاصلاحات التي كان علينا تنفيذها منذ زمن”، معتبرا أننا “اليوم نحاول التشاطر بقصة المحاصصة والاصرار على الحصول على المواقع والحقائب وكأن البلد في أفضل حالاته”.

يضيف “البلد لا يحمل إفشال المبادرة الفرنسية لأننا بذلك نذهب إلى إعلان لبنان دولة فاشلة، والرئيس المكلف يحاول بكل جهده تأليف حكومة طبقا لمواصفات تنقذ البلد والتي تجسدها المبادرة الفرنسية اليوم وهناك أطراف تعتبر أن الامور تسمح لهم بالمساومة”.

الحجار ل”جنوبية”: سقوط المبادرة الفرنسية يعني إعلان لبنان دولة فاشلة

يرى الحجار أن “قوى 8آذار تحاول تبرير ما تفعله من خلال القول أن الرئيس الحريري يسعى إلى قضم حقوق الطائفة الشيعية ولكن هذا لا ينطوي على العاقلين و العارفين بالقواعد الدستورية فالامور واضحة”، لافتا إلى أن “رئيس الحكومة عليه عليه تشكيل حكومته بالتشاور مع رئيس الجمهورية ونقطة على السطر، ولم يقل الدستور أن على الاحزاب إختيار الحقائب والأشخاص علما أن هذه السياسة هي التي أوصلت البلد إلى ما نحن عليه والبعض مصر على الاكمال فيها”.
ويختم: “أتمنى أن يعود الوعي الى المعرقلين كي تبصر الحكومة النور وإلا فالامور ذاهبة إلى الاسوأ” .

السابق
«كورونا» يحصد المزيد من الضحايا في لبنان.. ماذا عن عدد الاصابات اليوم؟
التالي
«حياة أو موت».. هكذا وصف علوش «تعنّت» الثنائي الشيعي في الملف الحكومي!