أكراد سورية دفعوا الثمن الأغلى في ظل استبداد نظام الأسد

الاكراد في سوريا

الأكراد في سوريا اليوم ، أكبر أقلية غير عربية ، وبصفتهم هذه ، فإن لهم مشكلتهم الخاصة ، مع النظام السوري الحالي ، وهذه المشكلة يطلق عليها الباحث والكاتب السوري رضوان زيادة إسم ” المسألة الكردية في سورية ” . وهو يتناولها ، على هذا الأساس ، في كتابه الجديد الصادر حديثاً تحت هذا العنوان نفسه ، (عن ” شركة رياض الريس ” في طبعة أولى ، بيروت 2020 ).

اقرأ أيضاً: مارغريت دوراس الدَّاعية إلى تدمير كل ما «يُدمِّر».. المعرفة

1,500,000 كردي

ويحمل الكتاب التعريف الآتي بالأكراد في سوريا :” الأكراد في سوريا اليوم أكبر أقلية غير عربية ، إذ يوجد وفق الأرقام التقديرية ، مليون ونصف مليون كردي في سورية (ما بين 8,5 و 10 % من مجموع التعداد السكاني ) . ومعظم الأكراد (في سورية ) من سكان الريف ، ويتمركزون في المناطق الآتية :1 – المنطقة الشمالية الشرقية من الجزيرة ، حيث يتمركز العدد الأكبر منهم في محافظة الحسكة .2 – حلب وعفرين وعين العرب .3 – دمشق وبقية المناطق السورية .

حساسية الأيديولوجيا البعثية 

ويشير الكاتب إلى أن السوريين ” دفعوا ثمناً باهظاً لمقاومة نظام الأسد منذ اندلاع الثورة السورية (في العام 2011) ، فالقمع كان معمَّماً وشاملاً ، لم يستثن أيّاً من الأكثريات أو الأقليات ، بيد أن الكرد ، بشكل خاص ، ربما دفعوا ثمناً أكبر لحساسية الأيديولوجيا البعثية ضد الأقليات غير العربية ، وخاصة تلك الصاعدة سياسياً ، وهي الأقلية الكردية . لذلك ، استُهدف الكرد – تاريخياً – وعلى ما يؤكد الكاتب – بمجموعة من السياسات التمييزية ضدهم ، منذ تسلم حزب البعث الحكم في عام 1963 ، وتشددت تلك الإجراءات مع تسلم الاسد وتعزيزه لنظام السيطرة المركزي ( التسلطية السورية ) .

تمييز رسمي شمولي 

فالتمييز الرسمي ضد الأكراد في سورية – وبحسب هذا الكتاب – تزايد كثيرا بعد عام 1960، مع ازدياد الروح القومية في سورية، فعانى الأكراد من نقص التمثيل السياسي والتطور الإقتصادي والحدّ من الخدمات الإجتماعية في مناطقهم. ومنعت اللغة الكردية والموسيقى والمنشورات الكردية ، ومنعت الأحزاب الكردية، واعتُقل بعض أعضائها وسجنوا، وغيرت الحكومة السورية أسماء القرى والأماكن الكردية إلى العربية ، كما مُنع الأكراد السوريون من حقهم في الإحتفال علنا بأعيادهم ومناسباتهم الخاصة… إلخ .

قوىً ومطالب وخيارات

إنّ هذا الكتاب يحاول التطرق إلى القوى السياسية الكردية الأساسية الفاعلة في سورية سياسيا وعسكريا،  وصولا إلى مطالب الأكراد اليوم في أيّ عمليّة سلامٍ في سورية، ومن ثم تناول الخيارات من أجل حل المسألة الكردية في سورية، وذلك ضمن إطار تحوُّلٍ ديمقراطيٍ شاملٍ في سورية.

محتويات الكتاب 

ويحتوي الكتاب على: مقدمة وستة فصول هي: الأول يدور حول “انهيار النظام السياسي وولادة الثورة السورية”؛ والثاني، يستعرض “المشكلة الكردية في سورية”؛ وحول “الكرد والدستور في سورية” يتمحور الفصل الثالث؛ وحول “الكرد في سورية بين النظام الفيدرالي والديمقراطية الليبرالية” يتمحور الفصل الرابع والفصل الخامس يتناول مسألة “الصراع على سورية / الولايات المتحدة وروسيا والكرد في سورية”؛ والفصل السادس والأخير، يناقش “مآلات المسألة الكردية في سورية”.

يستعرض الكتاب المسألة الكردية في سورية ويضع توصيات عدّة لحلولها 

توصيات حل المسألة الكردية

وينهي الكاتب الفصل الأخير ، بقائمة توصيات ، تشكل بنودَ حلٍّ للمسألة الكردية في سورية ، وذلك ضمن إطار تحول ديمقراطي شامل في سورية ، من خلال الإستناد إلى التصور الآتي: فيقول: لعله بات واضحا أن الدولة السورية وشكل نظامها السياسي لم يعد ممكنا أن يستمرا بذات المنحى، وقد ينعكس ذلك على الجغرافيا والتقسيمات الإدارية والسياسية. وهذه التغييرات التي قد تكون عميقة، لا يجب أن تعوق التطلع إلى الأمام من أجل الحفاظ على كيانٍ سوريٍّ يجمع كل السوريين تحت سقف دولة وطنية ديمقراطية تحترم الهوية القومية والدينية وحقوق الإنسان وتصون كرامته. هذه التغيرات المتوقعة لكيان الدولة السورية تأتي نتيجة ثورة عارمة وردّ فعلٍ وحشيٍّ من النظام قطع كل الحبال بين الشعب السوري وما تمثله منظومة الحكم في سورية. فالتضحيات التي دفعها السوريون في السنوات الثمان الأخيرة (2012- 2019) إلى جانب معاناتهم لعقود عديدة من قمع النظام الجائر واستبداده، لا بد وأن يكون التغيير الحاصل في سورية متناسبا مع حجمها وشدتها. والأكراد هم من المكونات التي تعرضت للأذى والظلم الجماعي.

لضمان تحقيق هذه التغييرات يوصى بالآتي:

  1. التشديد على وحدة سورية أرضاً وشعباً.
  2. تفكيك كافة المنظومات المسلحة الأمنية والعسكرية، وإعادة هيكلتها تحت مسمّى وطني واحد يجمع كافة المكونات، ويخضع لرقابة مؤسساتية وبرلمانية شفافة، وكذلك للمسألة القانونية كأي مؤسسة مدنية أخرى.
  3. وضع ضمانات دستورية واضحة تتعلق باستقلالية القضاء، ووقف العمل بقانون الطوارئ والملاحقة القانونية لمرتكبي الانتهاكات المتعلقة بالمجازر والتهجير وكافة أشكال الإنتهاكات الجسمية وتعويض المتضررين.
  4. وضع ضمانات دستورية واضحة تحدد الحقوق والواجبات على أساس المواطنة الكاملة، المواطنة التي تسمح للمواطن أن يتبوأ أعلى مناصب الدولة بغّض النظر عن انتمائه الديني أو المذهبي أو العرقي.
  5. وضع ضمانات تتعلق بحقوق الإنسان وحرياته، استنادا إلى شرعة حقوق الإنسان والمعاهدات والإتفاقيات الدولية ذات الصلة التي تشمل كافة المواطنين دون أي تمييز على أي أساس كان.
  6. الإعتراف الدستوري بالهوية القومية للكرد السوريين باعتبارهم جزءاً من نسيج الشعب السوري.
  7. الإعتراف باللغة الكردية لغةً رسميةً إلى جانب العربية في المناطق التي يتركز فيها وجود الكرد.
  8. العمل على تعزيز الهوية الثقافية الكردية واحترام خصوصيتها ضمن إطار التعدد والتنوع الثقافي الوطني ، وكجزء من الهوية الثقافية السورية.
  9. اعتماد اللامركزية الإدارية وتوسيع صلاحيات الإدارات المحلية في المحافظات السورية.
  10. اعتماد نظام سياسي برلماني وزيادة مقاعد البرلمان ووضع قانون انتخابات نسبي عادل يعتمد القوائم والدوائر الإنتخابية الصغرى أو الوسطى، بحيث يسمح لكافة القوى السياسية والمكونات المجتمعية المشاركة في السلطة.
السابق
الجيش يُعمم صورة لأحد أفراد خلية «التلاوي» الإرهابية.. هل رأيتموه؟
التالي
جنبلاط يُطالب بالعفو العام: الكورونا يجتاح «رومية»!