فترة سماح فرنسية حكومية..ورهان على «أرنب» بري لحل عقدة «المالية»

نبيه بري

مدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقت “مباراة” تشكيل الحكومة بين الافرقاء اللبنانيين الذي حدده خلال زيارته الاخيرة إلى لبنان ب15 يوما والذي ينتهي غدا الثلاثاء، وأعطى الرئيس المكلف مصطفى أديب (الذي زار قصر بعبدا للتشاور مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تشكيل الحكومة اليوم) وباقي الافرقاء اللبنانيين المزيد من الوقت لإجراء الاتصالات قبل أن يرفع المجتمع الدولي “بطاقة العقوبات الحمراء” في وجه الطبقة السياسية في لبنان، مانحا إياهم فرصة لعدم تجرعهم والشعب اللبناني كأسها المر من خلال إيجاد المخرج اللازم لحل عقدة وزارة المالية التي يصر الثنائي الشيعي على الحصول عليها تحت عنوان الميثاقية وحفظ حق الطائفة.

بعث لهم بالرسالة التالية “فكروا مجددا وأبلغوني قبولكم أو رفضكم مبادرتنا” لأنه ليس من مصلحة المجتمع الدولي وخصوصا الفرنسيين والاميركيين الخضوع للحسابات الطائفية التي يرفعها المطالبون بحقيبة المال لأنها ستفتح عليهم أبواب مساومات أخرى ومن أطراف متعددين.

تلقف الجميع “فترة السماح الفرنسية الجديدة” وأولهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسرعان ما ترجمها من خلال الدعوة إلى مشاورات مع رؤساء الكتل النيابية في قصر بعبدا بدأت بعد ظهر اليوم، أما في مقر الرئيس المكلف وفي عين التينة فالاتصالات أصلا لم تهدأ ولم تبرد وتيرتها منذ أيام، لكنها إتخذت منحا آخر بعد زوال ضغط إنتهاء المهلة  المخصصة للتشكيل وبعد التأكد أن الجميع لا يريد المواجهة، لا الفرنسيين ولا الاطراف الداخلية (الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر) بالرغم من محاولات تسجيل أهداف ومكاسب في المرمى الفرنسي لكنهم آثروا عدم توتير الاجواء وتأكيد الاستعداد للحوار في سبيل إنجاح المبادرة .

فهل يعني ذلك أن الوقت الذي أعطي لمزيد من الاتصالات مفتوح وما الحكمة من هامش “الاستيعاب والتفهم” الذي أبداه الفرنسيون تجاه المعنيين  بتشكيل الحكومة؟

مرونة مشروطة 

ما يمكن إستنتاجه من مروحة الاتصالات التي قامت بها “جنوبية” مع الاطراف المعنية أنهم الجميع يدرك أنهم لا يملكون ترف الوقت لإضاعته، لأنه يعني بذلك إضاعة لفرصة بقاء لبنان برمته، ولذلك فهم متفائلون وحريصون على ولادة الحكومة بأقرب وقت ممكن، وهذا ما يؤكده مصدر دبلوماسي لـ”جنوبية قائلا :”الفرنسيون لا يريدون تطبيق مبادرتهم بالتحدي بل إبقائها ضمن التوازنات اللبنانية بما يضمن نجاحها، وبالتالي إعطاء المزيد من الوقت يعني رفع فرص نجاحها وتحقيق الاهداف التي يريدونها”، لافتا إلى أن “كل الفرقاء اللبنانيين يحاولون قدر الامكان تخفيف التشنج وإن كان الاختلاف لا يزال قائما حول وزارة المالية، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال تصريحاتهم التي تبقي باب التواصل مفتوحا”. 

 يضيف المصدر:”ليس واضحا  كيف سيجد الرئيس أديب حلا لمشكلة حقيبة المال، لكن هناك معطيان إيجابيان يمكن تسجيلهما الاول إعطاء الفرنسيين لرئيس الحكومة المكلف المزيد من الوقت لحل هذه العقدة, المعطى الثاني هو أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو من أمهر السياسيين القادرين على إيجاد الحلول في آخر لحظة، وبالتالي من المتوقع أن يجترح الحل كعادته كي تبصر الحكومة النور قبل نهاية هذا الاسبوع”.

بإنتظار أرنب بري 

إذا الجميع يراهن على “أرنب” رئيس مجلس النواب الذي سيخرج لإعطاء الحل بعد أن كان سببا في عدم ولادة الحكومة في الوقت الذي حدد لها، ويبدو أن هذا الرهان ليس مستبعدا إذ يشرح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة لـ”جنوبية” أنه “خلال الاستشارات النيابية التي جرت وجمعت الرئيس بري وأعضاء كتلة التنمية والتحرير مع الرئيس المكلف، توجه إليه ناصحا بأن لا يحدد مهلة 15 يوم لتشكيل الحكومة فربما إستغرق الامر وقتا أقل، ودعاه أيضا إلى وضع مسودة البيات الوزاري خلال هذه الفترة ليصار بعدها إلى عقد إجتماعات بسرعة وليتم تحديد جلسة لمناقشة البيان في مجلس النواب لإقراره”، مشددا على أن “هذه هي الروحية التي تعاطينا بها مع الرئيس أديب، لكن هذه الايجابية لا تعني إتباع سياسة إدارة الظهر وعدم التشاور مع الرئاسة الثانية طيلة 15 يوما، نحن نتفهم أنه يتشاور مع الرئيس السعد الحريري ولكن هذا لا يلغي شراكتنا في السلطة الاجرائية من خلال وزارة المالية”.

خواجة لـ”جنوبية: أديب يزور عين التينة قريبا ولا نقبل بسياسة إدارة الظهر

يضيف:”هذا الامر أدى إلى خلق أجواء سلبية لأنه ليس هكذا تدار الامور والرئيس بري قال أنه بالرغم أن هذا الامر يزعجنا جدا إلا أننا سنقوم بما هو مطلوب منا كمجلس نيابي، إذ ليس مطلوبا أن يكون هناك محاصصة على طريقة الحكومات السابقة ولا سياسة إدارة الظهر أيضا، بل من المفروض أن يتم التصرف بطريقة تتلافى أخطاء الماضي بطريقة متوازنة”، لافتا إلى أنه “من المتوقع أن يزور الرئيس أديب الرئيس بري قريبا، ونحن نعرف أنه لم يقدم تشكيلته اليوم لأن هناك حالة إعتراضية لا يمكن تخطيها أوتأليف حكومة من دونها، والرئيس بري أظهر مرونة فائقة لجهة تقديم العديد من المرشحين غير الحزبيين ليوافق الرئيس المكلف على أحدهم  وهو ليس في وارد فرض أي وزير عليه”.

النائب محمد خواجة
خواجة

وأكد أن “الامور لا بد من أن تصل إلى حل من خلال التشاور مع الرئيس المكلف والكتل النيابية الاساسية التي ستعطي للحكومة الثقة في المجلس النيابي، ومن المفروض أن تولد الحكومة خلال هذا الاسبوع لأن الوضع في لبنان غير مقبول وككتلة التنمية والتحرير نريد ولادة الحكومة هذه الليلة”.

الرئيس المكلف لم يقدم صيغة لبعبدا

على ضفة بعبدا وبعد لقاء عون– أديب اليوم تّم الاتفاق على مقاربة ملف الحكومة بشكل مختلف بعد “العتب” الذي سجلته عين التينة على الرئيس المكلف، إذ أوضحت مصادر مواكبة للقاء عون-اديب لـ”جنوبية ” أنه “لا تزال هناك مشاورات بعد ان طرأت بعض التطورات في الساعات ال ٢٤ الماضية تمهيدا للقاء ثان ضمن مهلة معقولة للوقوف عند التطورات المقبلة”، مشددة على أن “الرئيس المكلف لم يتقدم بأي صيغة اليوم، لا تشكيلة مكتملة ولا حتى اسماء، ومسألة استمرار المشاورات امر متفق عليه بين الرئيس عون والرئيس المكلف والرئيس رئيس الجمهورية سوف يستطلع آراء الاطراف السياسيين لمعرفة مواقفهم”.

مرونة الفرنسيين 

والسؤال الذي يطرح هو هل يمكن أن يبادر الفرنسيون إلى إظهار تساهلا ما تجاه مطلب الثنائي الشيعي في مقابل هذه المرونة التي تبديها القوى السياسية للمساعدة على ولادة الحكومة؟

يجيب سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة على هذا السؤال بالقول لـ”جنوبية”:”لا نعرف إلى أي مدى سيكون نفس الجانب الفرنسي طويلا لجهة إفساح المجال أمام الافرقاء اللبنانيين والثنائي الشيعي للوصول إلى حل في ما يتعلق بحقيبة المالية، خصوصا أن جميع الاطراف الفرنسي واللبناني والاميركي لهم مصلحة في التوصل إلى حل وتجنب المواجهة وإن كان شد الحبال بينهم قائما”، لافتا إلى أن “إنهيار لبنان بالنسبة إلى الفرنسيين معناها مزيد من الهجرة إلى دول أوروبا وتصاعد حركات الارهاب التي يحذر منها المجتمع الدولي وخصوصا الولايات المتحدة، لأن هذا يشكل خطرا على حدود إسرائيل التي تسعى إلى ترتيب أوضعها مع الدول العربية”.

 طبارة لـ”جنوبية”:الفرنسيون لن يعطوا المالية  للثنائي.. لقطع طريق المساومات

ويختم : “الفرنسيون لن يتنازلوا بسهولة لجهة إعطاء الثنائي الشيعي حقيبة المالية لأن هذا يفتح في وجههم باب المساومات من قبل أفرقاء لبنانيين آخرين، والحل أن يبدي الجانب اللبناني ليونة أكبر وإيجاد مخرج مناسب وإن كان لا يمكن التكهن بمن سيربح بشد الحبال هذا، علما أن لدى الاميركيين والفرنسيين سلاحا أقوى هو العقوبات وسحب المبادرة هذا يعني إنهيار لبنان”.

طبارة
السابق
بالفيديو: جمعية «نفعل» وتعاونية «رمّال» توضحان حقيقة بيع المساعدات الإنسانية!
التالي
وفيات «الكورونا» الى ارتفاع.. وهكذا توزعت الإصابات على الأقضية اللبنانية!