«أموالكم» ليست لكم!

صرف الدولار

التضخم ظاهرة نفسية يتسبب بها الخوف المتوقع من زيادة الأسعار ومن خسارة العملة الوطنية لقيمتها أمام العملات الأجنبية ومقابل الدولار، الأمر الذي يدفع الناس سريعاً إما إلى إنفاقها أو إلى إستبدالها بأخرى عالمية تضمن لهم بعضاً من الإستقرار. تكبير الكتلة النقدية الوطنية مقابل شح الدولار يزيد من فرضية الدخول في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها أو وقفها. إنعدام الثقة بالمصارف وببطاقات إئتمانها والشيكات يعرقل الإقتصاد بحيث يتراجع حجم الإستيراد في بلد إستهلاكي بنسبة كبيرة وهو ما سيؤدي حتماً إلى مزيد من إرتفاع الأسعار. الدولارات الموجود في البلد رقمية لا فرق بينها وبين الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية. الحل الوحيد الممكن بحسب الخبراء للخروج من الأزمة يكمن في إنجاح المفاوضات وإبرام الإتفاق مع صندوق النقد الدولي وتحرير الإيداعات الدولارية العائدة للمودعين. لا بد من إضفاء صدقية على خطة الإصلاح، بالتزامن لا بد من إعادة رسملة ومعالجة الإلتزامات غير الممولة والخسائر. ومما لا شك فيه فإن كل ذلك سيترافق مع إصلاحات سياسية مؤلمة جداً لكن لوقت نسبياً قصير، فمن دونها لا حل مالي قريب يمكن أن ينتظره أو يتوقع حدوثه اللبنانيين.

اقرأ أيضاً: «حيتان» الصيارفة يبتلعون «دولار الفقراء».. تسديد نصف راتب العاملات الاجنبيات!

تقاسم السلطة

إنجازات المنظومة الحالية ومن خلال تشبثها بالسلطة وممارستها الغريزة السياسية أدت إلى ترتيب تقاسم السلطة ومحاصصة المناصب، أوصلت البلد إلى طغيان التمثيل الطائفي في مجلس النواب التي كان من الممكن تفاديها عبر وضعها أو حصرها في إطار مؤسساتي يعرف باسم مجلس الشيوخ، لقد ساهمت هذه المنظومة الفارغة في تبخر الطبقة الوسطى من المكون الإجتماعي تلك التي تعتبر مؤشر أساسي في قياس حجم الإستقرار، هي سرعت في انهيار المداخيل وفي خسارة الطبقة العاملة لقيمة تعويضاتها، و دفعت بالطاقة المتجددة المتمثلة بعنصر الشباب إلى الهجرة. وأكثر هي بغبائها أسست بل شرعت الإعتماد على عقود مؤقتة بين ارباب العمل والعمال تفتقد بالحد الأدنى للضمانات القانونية والتغطية الصحية وتعويضات نهاية الخدمة التي تقي العاملين من مخاطر الشيخوخة او من عدم القدرة على الانتاج.

إنجازات المنظومة الحالية ومن خلال تشبثها بالسلطة وممارستها الغريزة السياسية أدت إلى ترتيب تقاسم السلطة ومحاصصة المناصب

اكثر من 50% من المواطنين اللبنانيين هم تحت خط الفقر إلى الآن، السلة الغذائية للأفراد معرضة هي الأخرى إذا ما فقدت الدعم إلى الإرتفاع في الاسعار، الحريات في ظل نظام الإقطاع السياسي وسطوة أحزاب الزعماء تتهافت جراء القمع والإستهداف المباشر الممارس من قبلهم على أصحاب الرأي الأخر المعهم المختلفين، القوى الأمنية مع تدني مداخيلها وتعويضات عديدها لن يكون بمقدورها القيام بوظيفتها لمنع حدوث الجرائم المتوقع تزايدها مع الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي والمالي ومع إنفتاح البلد وانخراطه بهمة البعض من ابناءه في الصراعات والحروب الإقليمية وتعرضه لموجة كبيرة من التوغلات الاستخباراتية فيه.

اقرأ أيضاً: عبد القادر لـ«جنوبية»: نعيش في لا دولة والأجهزة غائبة وعاجزة

الغرائز الطائفية

ممارسة الغرائز الطائفية ستزيد الشرذمة. إنعدام الوطنية بالتزامن مع الأزمة الصحية وأزمة الديون والأزمة المصرفية وأزمة سعر الصرف وأزمة ميزان المدفوعات سيجعل اللبنانيين عرضة للغرق في مستنقع هو من الأزمات مزيج، آفاق لبنان بفعل وباء الفساد والحوكمة السيئة كئيبة، مستقبله في ظل غياب رزمة الإصلاحات الشاملة ذات الصدقية الدائمة غامض، ثروته العامة باتت لعنة بعدما كانت منجم من ذهب، مسؤوليه السياسيين حولوها إلى أنشطة غير مشروعة لهم ولزبائنيتهم، الأصول العامة في لبنان شاسعة لكنها مغيبة وغير مذكورة في تدقيق الحسابات ولا أحد يمكن أن يطلع عليها لأنها غالباً ما تكون غير مسجلة، والأسوء من كل ذلك هي محتسبة غنائم للسياسيين الخارجين عن القانون الفاسدين، بالإمكان لو تم الإفادة منها إضافة ما يعادل 5 %  إلى 10% إلى الناتج المحلي كعائدات إضافية تدخل إلى موازنة الدولة وليس إلى جيوب الزعامات وموازناتهم المتنامية، هي بالمناسبة تلعب دوراً أساسياً في الإقتصاد الوطني ولا تقل أهمية عن تلك الأصول التشغيلية المُعرفة بعبارة مؤسسات مملوكة من الدولة كالمطارات والمرافىء والمرافق مثل الكهرباء والماء والنقل والإتصالات، تسليط الضوء عليها مهم جداً وإدارتها بشكل جيد يسهم كثيراً في إعادة إنعاش جزء لا بأس به من الإقتصاد المهترىء وينقذ حياة الكثيرين ويبعد عنهم وعن الوطن شبح الإنهيار المتربص به المهيب.

السابق
خياران من 7 قوانين انتخابية.. ماذا أمام الثورة؟!
التالي
الفقه العاشورائي في الزمن الكوروني.. «إلا ما اضطررتم»