بيروت تنجو من كارثة المرفأ _٢.. وهذه حقيقة المواد الخطيرة!

انفجار مرفأ بيروت

بدا لافتا إعلان  قيادة الجيش في بيان لها يوم الاثنين أنها “عثرت بالتعاون مع خبراء فرنسيين على 79 مستوعبا في مرفأ بيروت يحتوي على مواد حمض الهيدريك ومواد أخرى قد يشكل تسربها من المستوعبات خطرا”.

الانطباع الاول الذي يتبادر إلى الذهن أن مرفأ العاصمة ليس مرفأ عاديا بقدر ما هو مغارة “علي بابا” يعيث فيها الفساد والاهمال من كل حدب وصوب، وأن السلطة اللبنانية بكل أجهزتها المخولة حماية الشعب وتطبيق القانون تمارس عليه عنفا موصوفا يظهر يوميا من خلال كمية المواد القابلة للإنفجار التي تتركها في أكثر من مرفق عام (المرفأ ومبنى كهرباء الزوق أبرز الامثلة) مايعني أن هذه المواد قادرة على إزهاق أرواح الناس في أي لحظة من دون أن يرف لهذه السلطة جفن، أو أن يدفعها هذا الامر لممارسة القليل من اليقظة التي يمكن أن تجنب البلاد والعباد  مآس كبيرة وكثيرة.

اقرأ أيضاً: رحلة قبطان سفينة الموت الى بيروت: السلطات اللبنانية على علم مسبق!

الانطباع الثاني الذي يتبادر إلى الذهن هو أن اللبنانيين يعيشون في دولة مهترئة، يتورط كل مسؤوليها بالاهمال والتسويف في إدارة الشأن العام، والدليل هو تقاذف المسؤوليات الذي شاهده اللبنانيون بين المؤسسات والاجهزة المعنية بإنفجار المرفأ والبيانات الاعلامية التي صدرت عقب الانفجار من أعلى سلطة في الجمهورية اللبنانية (رئاسة الجمهورية وصولا إلى المسؤولين في المرفأ) بأنهم قاموا بواجباتهم الادارية وبأنهم طلبوا إلى “الجهات المسؤولة عن معالجة النيترات بإجراء المقتضى” وإنتهى الامر.

فادي داوود
فادي داوود

وقود للصواريخ!!

للأسف إنفجار المرفأ لم يظهر أن الامر إنتهى على خير، فهل كان لبنان أمام سيناريو مشابه لو لم يقم الجيش اللبناني بعمليات التفتيش في المرفأ وإيجاد المواد التي تم الاعلان عنها يوم الاثنين؟ يشرح قائد عملية” فجر الجرود” العميد فادي داوود لـ”جنوبية” أن “المواد التي تمّ العثور عليها تضم نوعان من المواد الاسيدية فقد تم ضبط مادة “Picric acid” وهي مادة خطيرة جدا لجهة إمكانية إستعمالها في صنع المواد المتفجرة، وهذه المادة مثل أغلب المواد الاسيدية يمكن إستعمالها لغاية سلمية أو غير سلمية، إذ يمكن إستخدامها  لصباغة الجلود و كمادة متفجرة و كوقود للصواريخ”.

داوود لـ”جنوبية”: الجيش حصل على”الداتا” اللازمة 

ويلفت داوود إلى أن “من بين المواد الاسيدية الاخرى التي تمّ العثور عليها بكميات كبيرة أيضا هي مادة “acide chlorhydrique”  إضافة إلى مواد أسيدية أخرى، وقد تم تشكيل لجنة من الجيش والخبراء والمحققين الفرنسيين والاميركيين الذي يحققون في إنفجار المرفأ وإعطائها الاذن على الاطلاع على “الداتا” المحفوظة لدى المديرية العامة للجمارك لكي تتمكن هذه اللجنة من الوصول إلى الجهة التي إستوردت هذه المواد وبأي تاريخ وسبب عدم إخراجها من المرفأ إلى اليوم”.

ويشرح بأن “أحد الاهداف التي يسعى الجيش ولجنة التحقيق في الانفجار على تحقيقها هو الحفاظ على مسرح الجريمة كي لا تضيع الأدلة التي تسببت بإنفجار المرفأ”، لافتا إلى أن “إبقاء هذه المواد المكتشفة قد يكون في إهمال وقد يكون عن قصد أو غير قصد وهذا ما سيحدده التحقيق الجاري”. 

ويشير إلى أن “وضع الجيش يده على هذا الملف سيزيد من مصداقية الجيش اللبناني لدى اللبنانيين،لأنه من الضروري للجيش والمؤسسات الامنية أن تظهر بمظهر الحريص على أمن المواطن وعلى الحفاظ على المكونات الدولة اللبنانية”.

 ويختم:” Acide acrylique هوالاخطر بين المواد المكتشفة وقد يكون إستيراده بالكميات المطلوبة لأهداف صناعية، قد يكون هناك غايات أخرى كما يمكن إستيراده على دفعات وتحت ستار مؤسسة مدنية، المرفأ اشبه بمغارة علي بابا، والاسوأ أن إدارة المرفأ تقدمت بطلب لردم الحوض الخامس ولديها مستوعبات لا تعرف على ماذا تحتوي”.

دولة قاصرة وفاشلة

 في المقابل يشرح الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد نزار عبد القادر أسباب الفساد الذي يعشعش في كل زوايا المرفأ، ويقول لـ”جنوبية”: “الجيش من أجهزة الدولة وعندما تكون هذه الدولة قاصرة وفاشلة مهما حاولت قيادة الجيش تدارك هذا الثغرات لا بد من ان يلحقها نسبة من هذا التقصير في أداء وظائفها”.

عبد القادر لـ”جنوبية”: نعيش في لا دولة والأجهزة غائبة وعاجزة

يشدد عبد القادر على أنه “لا يحمل قيادة الجيش مسؤولية إنفجار المرفأ بل هي قد تجاوبت مع مشاعر اللبنانيين بإنسانية ورفق ولكننا شعرنا بعد فترة أنها خضعت للقرار السياسي وضغوط رئيس الجمهورية والحكومة والجيش”، معتبرا أن “الجيش  كمؤسسة مهما إنتظمت صفوفه لا بد من أن يتأثر بالضغوط السياسية الصادرة إليه وهذا ما تشكو منه المؤسسة التي تخضع لهذه الطبقة الفاسدة التي تفضل مصالحها الخاصة على المصلحة العامة”.  

نزار عبد القادر
نزار عبد القادر

يضيف:”لو لم يأت الخبراء الفرنسيون للمشاركة في التحقيق الجاري في المرفأ لما وجد الجيش هذه المواد، لقد أظهرت باخرة النيترات أن كل أجهزة الدولة هي في حالة من العجز أمام المافيات اللبنانية التي تعبث بسلامة وحياة اللبنانيين”.

ويرى عبد القادر أن “هذا الاهتراء والقصور ليس ميزة جهاز معين بل أنه ينطبق على كل أجهزة الدولة. نحن في حالة اللادولة حيث هناك عجز شامل وكامل وكلي لكل الاجهزة الحكومية التي تغيب بشكل كلي عن القيام بواجباتها القانونية”، معتبرا أنه “لا إمكانية للإصلاح في ظل هذه الدولة العاجزة وفي هذا العهد الذي أثبت أنه غائب عن كل القضايا الوطنية والسياسية التي تؤمن ممارسة الدولة لوظائفها الاساسية وخاصة ما يتعلق منها بأمن المواطن وسلامة البيئة”.

ويختم:”هذا بالاضافة إلى حالة الفساد المعمم الذي أدى إلى إفلاس البلاد وقتل المواطنين من خلال هذه الكمية الكبيرة من نيترات الامونيوم”.

السابق
«كورونا» يواصل تفشيه في لبنان.. ورقم الوفيات صادم!
التالي
التنمر سيد الموقف.. ابنة كريم فهمي ضحية التعليقات المسيئة!