علي الأمين: إنفجار المرفأ نتيجة امعان «حزب الله» في تجويف الدولة!

علي الأمين

لا تزال استقالة رئيس الحكومة حسان دياب بعد كارثة تفجير مرفأ بيروت، تتفاعل محليا ودوليا في ظل المحاولات الحثيثة لإيجاد حل وسطي بين القوى السياسية لتشكيل حكومة جديدة تحظى برضى شعبي ودولي كذلك.

في هذا السياق، رأى رئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الأمين في حديث اذاعي لـ “راديو الكل” ان استقالة حسان دياب وحكومته لم تحدث رد فعل، ولم يتعامل معها اللبنانيون باعتبارها حدثا مهما أو تحقيقاً لمطلب أساسي، مشيرا انه “لم يبرز أية مواقف صادرة عن جهة معينة تستثمر أو تحاول أن تقول انها حققت إنجازا، باعتبار أن الكل يدرك ومنذ أن تشكلت هذه الحكومة ان السلطة في مكان آخر، وحكومة دياب ليست سوى قناع لها وهي مجرد أداة للسلطة الفعلية والحقيقية”.

مرحلة ما بعد استقالة الحكومة

 وأكد الامين ان ” السلطة الحقيقية هي من أسقطت حكومة دياب، بعدما استثمرتها حتى النهاية وعندما فقدت قدرتها على تلبية مصالح هذه السلطة تخلت عنها، مشيرا ان “التوجه واضح عند المواطنين بأن بُنية هذه السلطة بالكامل يجب ان تتغير، والمطالب الحقيقية تتصل بالتغيير الحقيقي على مستوى هذه السلطة “.

ولفت الأمين الى ان “ثمة تساؤلات شعبية تتصل بكيفية تشكيل الحكومة في المرحلة المقبلة، وهل ستخضع السلطة لمطالب الناس في عملية التشكيل؟ وعن شكل الحكومة فهل ستكون من المستقلين أم أنه سنذهب مجددا الى ما يجري اليوم تداوله بين أطراف السلطة “حكومة وحدة وطنية”؟

الموقف الفرنسي والاميركي

ورأى الأمين ان “حتى الآن الأمور ما زالت محتدمة، ولا يمكن الحديث عن إنجازات او تحقيق مطالب حقيقية فعلية حتى الآن”.

وتابع “لا شك ان المداخلات الدولية والتحرك الفرنسي والحديث عن تفاهم فرنسي أميركي في التعامل مع الوضع اللبناني كل ذلك يشكل اليوم ويدفع الكثيرين إلى نوع من المراقبة والترقب للمواقف التي سوف تلي في الأيام المقبلة مع وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي “ديفيد هيل” إلى بيروت غدا والذي سيبحث ملف الحدود مع إسرائيل، والذي يُتوقع التخطيط لشيء ما بناءً على ما قاله الرئيس برّي قبل يومين بأن الأمور شبه منتهية وهذا مؤشر على نوع من بداية حوار مع فريق السلطة والولايات المتحدة وتحديدا إعطاء إشارة إيجابية فيما يتصل بالحدود مع إسرائيل على حل هذا الموضوع الذي وكما يعلم الجميع أنه قد كان مُعرقل من الطرف الأميركي الذي يتهم لبنان بأنه يعرقل هذه المسألة.

اقرأ أيضاً: علي الأمين يرسم سيناريو ما بعد الإستقالة: هكذا أُسقطت حكومة دياب!

ورأى الأمين ان “حل هذه المسألة هو تقديم ورقة للأميركيين، ولكن هل سينعكس ذلك نوعا من السماح او الدفع باتجاه حكومة وحدة وطنية كما يريد حزب الله، أم أن الموقف الأميركي لن يدعم هذه الفكرة؟”.

وأضاف “في كل الأحوال الشارع لا يزال يرفض فكرة حكومة وحدة وطنية، ويذهب في إتجاه تشكيل حكومة من مستقلين من خارج التمثيل السياسي”.

وفي سؤال عن الاسم المرشح لرئاسة الحكومة اليوم،  قال الأمين ان ” شكل الحكومة المتفق عليها هو يحسم الأمر تجاه اسم رئيسها، وهذا يعني انه إذا كان هناك حكومة سياسية، الشخصية ستكون سياسية مثل الرئيس سعد الحريري وهو اكثر شخص مرشّح ومقبول من الفريق المسيطر (فريق الممانعة)، ولكن أيضا هناك شخصية أخرى عندما نتحدث عن حكومة مستقلين عندها يطرح اسم نواف سلام السفير السابق في الأمم المتحدة والقاضي في المحكمة الدولية وهو شخصية تحظى بتأييد جزء من الانتفاضة حتى لا أقول الانتفاضة وايضا بدعم فرنسي وأميركي الى حد ما.

وعن الجهة التي ستقوم بتوزيع الأموال حسب وجهة نظر الرئيس الفرنسي، أشار الأمين الى انه بحسب البيان الصادر عن الدول المانحة تم التوافق على تكليف الأمم المتحدة بشكل أساسي، وأعطي للجيش اللبناني حيّز في هذا الموضوع، وبطبيعة الحال من خلال أيضا مؤسسات المجتمع المدني في لبنان كالصليب الأحمر.

وفي سؤال حول ما إذا كانت الدولة اللبنانية فاشة بنظر ماكرون،أكّد الأمين ان “لبنان بوجهة نظر اللبنانيين اولا دولة فاشلة، ويبدو واضحا من خلال جميع المواقف الدولية التي صدرت انه هناك عدم ثقة بالدولة اللبنانية، لا سيما وانهم يدركون جيدا حجم الفساد المستشري في المؤسسات والمحاصصة، وبالتالي لا يمكن الوثوق بها عبر اعطاءها المساعدات والاموال التي ستصرف لأنهم لا يضمنون انها ستصل إلى مستحقيها”.

إلى أين يتجه لبنان اليوم؟

ورأى الأمين ان “لبنان في مرحلة المخاض، مخاض التغيير الفعلي والحقيقي، ولكن السؤال الأساسي هو إلى أي مدى يمكن أن تُنجز التسوية؟ لأنه في نهاية المطاف لا يمكن الحديث عن خسائر وأرباح مطلقة لأي من الأطراف، سواء كان الشارع أو على مستوى السلطة السياسية أو القوى الإقليمية، وتابع “نحن في مرحلة تشبه الـ٢٠٠٥ عند اغتيال الرئيس الحريري، وكان هناك تدخل فرنسي أميركي لإجاد صيغة، وأيضا يشبه مرحلة اتفاق الدوحة عام ٢٠٠٨”.

واشار الأمين ان “هذه محطة أشبه بتسوية مرحلية، وهنا لا نتحدث عن تسوية نهائية لكن الأوضاع تفرض بنهاية الأمر أن يكون ثمة تسوية في الحد الأدنى لمنع انزلاق لبنان إلى متاهات لا ندري الى أين ستأخذ البلاد بسبب الأزمة المالية والاقتصادية والكوارث التي يعاني منها لبنان والتي تتطلب على الأقل وجود سلطة تحاول لجم هذا الانهيار من خلال الحوار مع المجتمع الدولي وتحديدا صندوق النقد الدولي”.

التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة “الحدث” أمس، تحدث الأمين حول ما آلت اليه التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، مشيرا ان “مطلب تحويل الملف الى المجلس الدولي هو أقل ما يفترض القيام به، لافتا ان لجنة التحقيق المكلفة من قبل السلطة قالت إنها سوف تنجز التحقيقات خلال خمسة أيام، وحتى الآن لم يعرف اللبنانيون ماذا جرى في الرابع من آب”.

ورأى الأمين انه “حتى الآن الأمر يتطلب تحقيقات أكثر لكن هذا لا يعني بالضرورة ليس هناك المزيد من الشكوك التي تتجه نحو آلية اجراء التحقيق، لأنه هناك نقاط استفهام حول هل هو فعلا تفجير حصل نتيجة اهمال كما تقول الرواية الرسمية، أو انه عمل تخريبي واستهداف لهذه المنطقة.

وتأسف الأمين ان “ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طالب بلجنة تحقيق دولية خلال زيارته الى لبنان، ولكن بدا ان ماكرون في خطابه الأخير كأنه تراجع عن هذا المطلب، وهذا ما يزيد الشكوك ب إمكانية ان يكون ثمة صفقة ما يجري اعدادها للتعمية على حقيقة ما جرى”، لافتا الى انه “غدا يأتي هيل الى بيروت على عجل بعد تصريح لبري أكد فيه ان ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية أصبح شبه منجز، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هناك مقايضات ما على المستوى الدولي في سبيل التعمية على هذا الملف”.

وعن موقف عون وتأكيده انه ليس لديه صلاحية على مرفأ بيروت، قال الأمين إن ” المفارقة ليس بعدم وجود سلطة لديه على المرفأ، انما قوله انه حولها الى مجلس الدفاع الأعلى، علماً بأنه هو رئيس هذا المجلس ورئيس الحكومة نائبه، وبالتالي هذا الكلام غير مقبول من رئيس الجمهورية، ويعني أن المجلس لم يستجب لأوامره وهو ما يستدعي من عون تحركا محاسبة لمجس الأعلى”.

صفقة دولية للتعمية عن فاجعة المرفأ

وفي سؤال حول صفقة دولية للتعمية عن فاجعة المرفأ، أكد الأمين أنه ليس لديه معطيات حول المحادثات الأميركية – الفرنسية، ويبقى هذا الكلام في إطار التساؤلات والشكوك، مشيرا انه “على الأقل، في الدائرة اللبنانية، هناك نقطتين أساسيتين: المطلب الأميركي واضح لجهة حل مسألة الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل وترسيمها وانهاء ملف مزارع شبعا، الى جانب مسألة الصواريخ الدقيقة”، لافتا ان “هذا الأمر سيتضح مع مجيئ هيل الى لبنان مساء الخميس، علما بأن زيارة هيل سوف تقتصر فقط على الرؤساء الثلاث ولن يلتقي أي من الشخصيات الأخرى وهو ما يوحي بحسب تحليله أن ثمة صفقة ما تبرم مقابل الصمت على التفجير”.

مستودعات أسلحة في المناطق السكنية

وأكّد الأمين ان “الغموض حول التحقيق لا يزال قائما، حتى انه لم تحسم أيا من الروايات التي جرى تداولها حتى الآن وهو ما يزيد الشكوك، وذلك فضلا عن تصريح نتنياهو الذي وجه رسالة غير مباشرة لـ “حزب الله” بنقل مخازن الأسلحة الموجودة بين السكان”، مشيرا انه “ثمة حالة ذعر في العديد من المناطق، اذ تم العثور أمس عن أنفاق في بلدة شويفات والحديث عن مخازن أسلحة وذلك حتى في الضاحية ومناطق سكنية أخرى”، مضيفا ان “إسرائيل في المرحلة المقبلة سوف تستغل هذا الموضوع وهو موضوع خطير في نهاية المطاف”.

كارثة “كورونا” وقدرة لبنان على مواجهتها

وحول قدرة لبنان على مواجهة “كورونا” الذي سجل أرقاما قياسية بعد كارثة المرفأ وما نتج عنها، قال الأمين إن ” الحكومة اليوم بعد استقالتها اصبحت حكومة تصريف أعمال، ولكن بطبيعة الحال نحن أمام سلطة مهترئة تماما وفقدت ثقة الناس بها، وواضح ان السلطة أمام هذه التحديات التي حصلت بعد التفجير مضعضعة وأجهزتها وآلية عملها كلها محل انتقاد وتساؤل، وبالتالي ازاء كل هذا الغضب الموجود في الشارع من الصعب اقناع الناس الالتزام بالتوجيهات الصحية، لا سيما ان حالة الغضب تجاوزت مسألة كوفيد 19″.

“حزب الله” قاد عملية اضعاف الدولة اللبنانية

وختم الأمين بالتشديد على ان “لبنان منذ عام 2006 انتقل الى مرحلة جديدة، وهي مرحلة انهاء الدولة واضعافها الى الحد الأدنى، و”حزب الله” قاد هذه العملية الى حد تحويلها الى أداة في يده مستغلاً ضعفها، ليبرر وجوده الأمني والعسكري والانتقال بين الحدود، وهذه استراتيجية متبعة وليس سببها النظام السياسي فقط، ولكن الذي استجد هو وجود من أمسك بهذه الدولة وعمل على تجويفها وانهاء وجودها واحترامها وقوتها في سبيل استثمار هذا الضعف من اجل تمدد حضوره ونفوذه للقول ان أحميكم، لكن بعد التفجير الأخير انتهى هذا الأمر”.

السابق
شتائم وتعليقات مسيئة من حساب كنعان الاكتروني.. ماذا يجري؟
التالي
تسوية «الحكومة الجامعة» تتحرك وفق حسابات الربح والخسارة!