الحكومة الفاشلة «تنجح» بلفلفلة التحقيق في «تدمير بيروت».. بـ«5 ايام»!

صورة جوية لمكان الانفجار في مرفأ بيروت
تقترب مهلة الـ5 أيام التي أعطتها حكومة الرئيس حسان دياب للجنة التحقيق لكشف المسؤولين عن كارثة إنفجار المرفأ من نهايتها، وسط تسجيل موقفين بارزين في هذا الاطار الاول لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يطالب بلجنة تحقيق دولية لأنه "لا يثق مطلقا بهذه الحكومة أو بقدرتها على إظهار الحقيقة"، والثاني لوزير الداخلية محمد فهمي يعلن فيه أنه"سيستقيل من منصبه إذا لم تعلن لجنة التحقيق بالانفجار3 أسماء محددة لمحاسبتها".

كل ذلك يحدث وسط تصاعد الأصوات التي تشكك في قدرة اللجنة على إنجاز ما وعدت به، أولا بسبب غياب مصداقية الحكومة (ولجانها) محليا ودوليا تجاه أي وعد قطعته لمعالجة ملفات شائكة سابقة مثل التصدي للأزمة المالية والاقتصادية وفشلها في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وثانيا تسببها بزيادة “القطيعة” بين لبنان والدول الاوروبية والعربية نتيجة تصريحات رئيسها (الدليل تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه أتى لدعم الشعب اللبناني وأنه يجب تغيير النظام في لبنان)، وثالثا بسبب محاولة تبني فرضية واحدة للكارثة (أي الحادث والاهمال) الذي يمكن أن يكون مسؤول عنه شخص أو جهاز وتغييب الفرضيات الاخرى، ما يعني أن ما ينتظر اللبنانيين في هذا الملف هو  “فشل ذريع آخر” يضاف إلى سجل الحكومة و محاولات للفلفة الكارثة على الطريقة اللبنانية . 

شربل لـ”جنوبية”: المسؤولون في كوكب آخر.. واللبنانيون  “على ما قدر الله”  

على ما قدر الله 

يعترف الكثير من المراقبين بأن لا ضمانات للوصول إلى العدالة المنشودة في ملف إنفجار المرفأ، لكنهم يصرون على أن ما حصل أكبر بكثير من أن تتمكن السلطتين التنفيذية والتشريعية “تبليعه” للبنانيين مهما كانت سطوة القوى السياسية كبيرة على جمهورها، والدليل هو “إنعدام الثقة” الكبير الذي يواجههم به الشعب اللبناني يوميا وبشكل متصاعد لذلك قد يتم  تقاذف المسؤوليات وتسويف الحقائق من قبل السلطة التنفيذية لكن الرهان يبقى على ردة فعل الشارع اللبناني، أما علميا وتقنيا فتتعدد آراء الخبراء حول إمكانية الوصول إلى نتائج أولية خلال 5 أيام، إذ يدعو وزير الداخلية السابق مروان شربل عبر “جنوبية” “اللبنانيين الانتظار لنرى إذا كانت مهلة ال5 أيام كافية”.

شربل

ويضيف :”إلا إذا كانوا عارفين سلفا من المسؤول وأعطوا مهلة 5 أيام للتأكد  خلينا نشوف، علما أن  تحرك الحكومة جاء ضمن الامكانيات الموجودة، لأن الانفجار أتى في ظروف أمنية وصحية صعبة فنحن نعاني منها منذ 4 أشهر، والمستشفيات مليئة بمرضى الكورونا ثم حصلت الكارثة التي شلت الحركة في كل البلد”، شارحاً أن “الحكومة ألفت لجنتي تحقيق، لجنة إدارية لتبيان الاسباب التي أوصلتنا إلى الكارثة ولجنة قضائية التي وضعت في تصرف النيابة العامة التنفيذية، التي بدورها أنشأت لجنة قضائية للأجهزة الامنية لمعرفة من هو الفاعل وما هو السبب”.

في المقابل يرى شربل أن أصل المشكلة التي أدت إلى الكارثة هي مكان آخر، ويروي أنه حين “كان وزيرا للداخلية إنهارت بناية في الاشرفية وبقينا 3 أيام حتى إستطعنا أن ننقذ الناس من تحت الركام بسبب غياب المعدات”، شارحا أن “هناك مشروع قانون موجود في مجلس النواب منذ العام 2001 لتأسيس هيئة للتعامل مع الكوارث وإلى الآن هذا القانون لا يزال يقبع في الادراج”، ويوضح أن “لبنان  للأسف لا يملك ونش لإزالة الركام في حال تهدم مبنى، ولا نملك طائرة لإطفاء الحريق إذا إندلع حريق، كأن المسؤولين في كوكب آخر وهم يتركون الشعب اللبناني يعيش وفقا لمقولة “غوار الطوشي” على ما قدر الله ، وهذا أمر غير مقبول”.

لا يوافق شربل على الدعوات للإستعانة بلجنة تحقيق دولي، ويسأل: “ما هي وظيفة أجهزتنا الامنية والقضائية إذا؟ هل وجودهم للمشاركة في الافراح وحين تحصل كارثة نستعين بالخارج؟ إذا رأت اللجان التحقيق التي تشكلت أنها بحاجة للإستعانة بخبرات من الخارج فليكن؟ وليس من الضروري أن نلجأ إلى الخارج في كل أمورنا”، مشدداً على أنه “يكفي أننا  نشحذ المساعدات الغذائية والطبية والمالية، بينما منظومتنا السياسية لا تزال على خلافها بين بعضها البعض بسبب مصالحها، أما في جريمة الرئيس رفيق الحريري كان هناك إنقسام في الشارع اللبناني، اليوم كل اللبنانيين متضامنين ومتكافلين مع بعضهم البعض”.

ويضيف: “ما حصل في لبنان مرت به فرنسا والولايات المتحدة  لكنهم لم يستعينوا بالخارج ، لا أضع لبنان في مصاف هذه الدول ولكن على الاقل أن نمتلك إمكانيات مقبولة تسمح لنا بالتصرف وفقا للأصول، لكن ما حصل العكس فمسؤولينا دأبوا طوال 40 سنة على  الإستدانة  من الخارج حتى بلغ الدين 100 مليار دولار و بعدها إنهار البلد”.ويختم:”فلنسمع ما قاله ماكرون عن الفساد في لبنان، فساد مسؤولينا لم يحصل في أي بلد في العالم وهو نموذج غير موجود في أي مكان آخر وهم غير آبهين إلا برفع الصوت لجلب المزيد من الاموال من الخارج و الحفاظ على مناصبهم” .

الحلو لـ”جنوبية”: الادعاء بوجود  الخبرات اللازمة للتحقيق مزحة  

عدم ثقة

ينظر نائب رئيس حركة “لبنان الرسالة” العميد خليل الحلو إلى المطالبة بلجنة تحقيق دولية حول كارثة إنفجار المرفأ من زاوية أخرى، ويعيد هذه المطالبة إلى إنعدام الثقة بين اللبنانيين والسلطتين التنفيذية والتشريعية، ويشرح لـ”جنوبية” ذلك بالقول: “أن المطالبة بهذا النوع من التحقيق فيه موقف سياسي، لكن المنطق هو أن الشعب اللبناني لا يثق بالسلطة التنفيذية  والتشريعية في لبنان لأنهم جزء من محور إقليمي وفساد داخلي”، موضحا أنه “عندها تتجه الناس نحو حل دولي لضمان إسترداد حقوقها، ولا يجب إتهام من يطالب بتحقيق دولي بأنه متآمر أو تسييس، الناس تفتش عن مصلحة البلد ولا ترى ان هذه المصلحة يمكن ان تتحقق عبر هاتين السلطتين”.

خليل الحلو
الحلو

يلفت الحلو إلى أن “السلطة القضائية تضم عدد كبير من القضاة التي يمكن الإتكال عليهم بالرغم من وجود جزء فاسد في الجسم القضائي، لذلك أرى إذا تمكنت هذه السلطة من تعيين القضاة النزيهين وإستدعت خبراء من داخل والخارج عندها يكون الوضع مقبول وتكون لجنة تحقيق محلية يمكن ان توصل الناس إلى حقوقها”، معتبرا أن “الادعاء أننا نملك كل الخبرات اللازمة للتحقيق فهذا مجرد مزحة وسنحتاج الى خبرات أجنبية، والتعاون مع  دول صديقة ليس خيانة  ما حصل كارثة لم تحصل في تاريخ لبنان والمنطقة وأقرب إلى قنبلة نووية”.

يرى الحلو أنه “منذ وقوع الكارثة إتخذ المجلس الاعلى للدفاع قرار تأليف لجنة تحقيق وإعطاء نتيجة خلال خمسة أيام وهي برئاسة رئيس الحكومة، ومن الناحية التقنية لا يمكن لهذه اللجنة الوصول إلى نتيجة خلال فترة قصيرة لأن هذه اللجنة يجب أن يترأسها قاضي تحقيق لديه الخبرة لكي يتمكن من وضع كل الفرضيات التي أدت إلى الكارثة وليس البناء على فرضية واحدة وتركيب الادلة عليها”، شارحا أنه “يجب وضع  فرضيات الحادث والعمل المخابراتي والعدوان الإسرائيلي، ويجب أن يكون تضم لجان التحقيق خبراء في الحرائق لأنه صحيح أن مادة “نيترات أمونيوم “هي عنصر مهم جدا في وقوع الكارثة لكن هذه المادة لا تشتعل وحدها، والسؤال هو من الذي أشعلها وكيف إمتد الحريق إلى هذه المادة، ولذلك يمكن أن لا يكون في لبنان هذا النوع من الخبراء “.

يضيف:”أنا أؤمن بأي لجنة تضم خبراء محترفين ومن دون خلفيات سياسية عندها يمكن الوثوق بعمل اللجنة، أما اللجنة التي تألفت فهي لجنة إدارية وسيتركز عملها على الناحية القضائية و لن تتمكن من إنجاز أي خطوة حقيقية” .والسؤال هنا هل يمكن أن يكون لوجود الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث عاملا مساعدا على إمتصاص تداعيات الكارثة ومعالجتها سريعا؟ يجيب الحلو:”الهيئة الوطنية مهمتها إدارة عمليات الانقاذ  لوجستية وكان يمكن ان توفر الكثير من الفوضى التي حصلت على الارض ، والاكيد أن وجود الهيئة وعمل الاجهزة و الوزارات تحت إشرافها أفضل بكثير من عمل كل وزارة وجهاز لوحده لأن وجودها يزيد فعالية مواجهة الكارثة على الارض ويمنع الهدر في الطاقات”. 

داوود  لـ”جنوبية”: الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث تستلزم “إرادة طيبة”

نتائج أولية

ينطلق قائد معركة فجر الجرود العميد فادي داوود في حديثه لـ”جنوبية” حول المعالجات لكارثة المرفأ من أهمية وجود هيئة وطنية لإدارة الكوارث في لبنان( وهي للاسف لا تزال حبرا على ورق و في أدراج المجلس النيابي ) لافتا إلى أنه “في كل إستحقاق يحصل سواء فياضانات أو حريق أو كارثة  (إنفجار المرفأ) يسأل المواطن أين الدولة، وهذا ناتج عن غياب مؤسسة مهمة وهي الهيئة الوطنيةلإدارة الكوارث، علما أن هذه الهيئة موجودة في دول تتمتع بمميزات أقل بكثير من لبنان، وبغياب هذه الهيئة عبثا يبني البناؤون في إطار مكافحة الكوارث”.

ويشرح داوود أن “ميزة هذه الهيئة هي جمعها لممثلين عن كل الاجهزة وليس الجيش فقط بل الصليب الاحمر والدفاع المدني ووزارة الصحة والنقل كل من إختصاصه، ومهمتها وضع سيناريوهات محتملة لكوارث يمكن أن تحصل سواء حرائق أو فياضانات أو تفجيرات أو غيرها، و عند وقوع الحادثة تقوم هذه الاجهزة بتنفيذ خطط الانقاذ الموضوعة “.

فادي داوود
داوود

ويضيف: “للأسف لبنان لا يملك هذه الهيئة التي تستلزم فقط “الارادة الطيبة ” من المسؤولين لكي تتحول إلى واقع”.ويوضح أن “القانون يجيز تكليف الجيش اللبناني تنفيذ حالة الطوارئ وهذا ما يحصل في الكثير من الدول، وهذا يتيح له القيام بالكثير من الخطوات أهمها وحدة الامرة ووحدة القيادة لأنه مؤسسة هرمية”، لافتا إلى أن “لبنان يمتلك الخبرات والاخصائيين الذين يمكنهم التصدي لهكذا حوادث ولا يلزمنا سوى الاستعانة بهم”.ويشدد “لدينا كل الكفاءات المطلوبة وإذا إكتشفنا أننا بحاجة إلى خبرات من الخارج يمكن للجان التحقيق المكلفة الاستعانة بها والقانون يسمح بذلك  والدعوة إلى تحقيق  دولي تنم عن عدم ثقة بنظام العمل الذي تتبعه الحكومة”.

وحول قدرة لجنة التحقيق تحديد المسؤوليات خلال 5 أيام يقول:”لا أملك فكرة عن عديد اللجان الادارية والقضائية التي تشكلت لتحديد المسؤولين عن الحادثة التي وقعت فإذا كانت موسعة عندها يمكن ان تعطي نتائج سريعة بوقت قصير، والاكيد أنه يمكنها الوصول إلى نتيجة أولية خلال 5 أيام و تحديد إذا كان الانفجار نتيجة صاروخ أو إعتداء خارجي أو نتيجة حريق من الداخل “.

ويلفت إلى أن”التوسع بالتحقيق لجهة معرفة نتائح الانفجار بحرا وجمع وقائع حسية عما حصل فهذا يتطلب وقتا أطول ويمكن تضمين اللجان قضاة جنائيين وعدليين ونواب، ولبنان يمتلك كل الخبرات البشرية اللازمة لمعرفة ما حدث ما عدا OPERATING  SYSTEME  أو أنظمة التشغيل، فكل الكفاءات اللبنانية في هذا المجال تعمل في المؤسسات و الشركات العالمية “.

السابق
الكورونا يُنهك البلد المفجوع: رقم قياسي جديد للإصابات.. وحالتي وفاة!
التالي
ماكرون من قصر الصنوبر: لبنان بحاجة لنظام سياسي جديد.. وعلى الشعب كتابة تاريخه!