«التمييز الكوروني العنصري اللبناني» يًلاحق المغتربين الى القارة السمراء!

قادمون إلى مطار رفيق الحريري يرتدون الكمامات بعد فتح المطار في ظل استمرار انتشار فيروس كورونا في لبنان (أسوشييتد برس)

منذ منتصف آذار الماضي تاريخ بدء تفشي فيروس كورونا في كوت ديفوار أو ساحل العاج ، لا يمر أسبوع دون أن يُسَجل ضحايا لبنانيون كان آخرهم يوم أمس حيث توفي شاب في الخامسة والأربعين من عمره ما جعل عدد الوفيات يساوي إن لم يتجاوز عدد الذين سقطوا في لبنان منذ شباط الماضي ، بالأمس إحتضنت بلدة العباسية جثامين إثنين من أبنائها المغتربين في أبيدجان ، أما المصابون فحدث ولا حرج ومنهم أحبة وأصدقاء ، منهم من رحل ومنهم من تعافى ومنهم من ينتظر .

نقول حدث ولا حرج ولكن لا إحصائيات دقيقة للأمانة وإن كانت الإصابات مؤكدة لأن اللبناني في أبيدجان متروك لقدره شأنه شأن المقيم في لبنان حيث لا دولة ترعاه وتتابع شؤونه ، وعليه تدبير ” راسو ” بنفسه مع أن الموضوع لم يعد سراً وهو ما تؤكده الرحلات الأولى التي وصلت إلى مطار رفيق الحريري من أبيدجان ، ومع ذلك لم يصدر أي تحرك عن الدولة ووزارة الصحة – رغم معرفتنا وتقديرنا لحجم المهمات الملقاة على عاتقها داخليا – لمؤازرة الجالية في مهمة وقائية نظراً لحجم الجالية الكبير وحجم الإصابات التي لا تخفى على كل مقيم هنا ولو عبر إيفاد بعثة طبية تمد يد العون لما يقوم به بعض المؤسسات الإستشفائية اللبنانية  وبعض الأطباء هنا ، وهو جهد مشكور ولكنه غير كافٍ في بلد شأنه شأن غالبية بلدان العالم الثالث غير مؤهل لمواجهة حالات مرضية خاصة فما بالك بجائحة كالتي تجتاح العالم اليوم .

اقرأ أيضاً: إنتفاضة معيشية جنوبية جديدة..والجائحة تُحاصر اللبنانيين من الجنوب الى الشمال!

“تنقير”

صدقا لا نقول هذا الكلام مناكفة أو محاولة “تنقير” على دولتنا فنحن نعلم ما تعانيه من مشاكل ومصاعب على كل المستويات ، كما أن المسؤولية الكبرى تقع هنا على عاتق أبناء الجالية وهو ما سنتطرق له لاحقاً ، ولكن نقوله في محاولة للإضاءة على حجم المعاناة والقلق الذي يعيشه أفراد الجالية ، وكذلك في مسعى للتخفيف من حجم هذه المعاناة التي باتت ترمي ببعض ثقلها أيضاً على المقيمين في لبنان جراء عودة بعض المغتربين إلى أرض  الوطن دون أي إجراءات مضمونة ومطمئنة سوى ما يتخذ بعد الوصول إلى مطار رفيق الحريري الدولي من تدابير وفحوصات إذ أن لا إجراءات كافية في مطار أبيدجان لدى المغادرة سوى قياس الحرارة فقط . حتى مساء أمس كانت الحصيلة الإجمالية للمصابين في كوت ديفوار حسب بيانات وزارة الصحة الإيفوارية هي 15253 حالة شفي منها 9499 حالة وتوفي 94 مصاب ويبقى5660 حالة ناشطة قيد العلاج، علما أن المعدل اليومي للإصابات هو حوالي المئتي إصابة ، ويمكن القول بأن ثلث عدد المتوفين هم من اللبنانيين وهذا قد يعطي فكرة عن عدد المصابين من أبناء الجالية فالموضوع لا تهويل فيه ولا مبالغة ويبقى السؤال ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا العدد من الإصابات في صفوف الجالية اللبنانية ؟ 

الاستهتار

لا شك بأن أحد أهم الأسباب هو الإستهتار الذي بات للأسف سمة من سمات الشخصية اللبنانية بشكل عام خاصة مع بدايات إنتشار الفيروس حيث لم ولا يلتزم البعض بإرشادات الدولة كما هو الحال في لبنان من حيث وضع الكمامات والتباعد الإجتماعي فإستمر البعض بإقامة السهرات في البيوت حول “الأراكيل ” كما إستمر البعض الآخر بإرتياد الشواطئ والمسابح دون أدنى وقاية ، فهناك دائما بعض الناس الذين يسيرون عكس السائد والتيار دون الإلتفات إلى ما قد يسببوه من ضرر لأنفسهم والآخرين ، وكذلك إنتشار بعض المقولات في البداية عن أن الفيروس لا ينتشر في البلدان ذات المناخ الحار كأفريقيا مثلا وغيرها من المقولات التي يتداولها الناس دون علم أو تدقيق ، وما زاد الطين بلة هنا الإهمال في العلاج  الناتج عن تشابه بعض العوارض مع عوارض الملاريا وهو المرض الأكثر إنتشارا وهو ما جعل البعض عند شعوره ببعض الأعراض يلجأ إلى دواء الملاريا دون مراجعة الطبيب بإعتبار أن دواء الملاريا متوفر ومعروف .

لا شك بأن أحد أهم الأسباب هو الإستهتار الذي بات للأسف سمة من سمات الشخصية اللبنانية بشكل عام خاصة مع بدايات إنتشار الفيروس حيث لم ولا يلتزم البعض بإرشادات الدولة

المعالجات

هذا في الأسباب أما في المعالجات فكما أشرت سابقا بأن اللبناني فضلا عن أنه متروك لقدره هو أيضا كما هو معروف على نطاق واسع  فاشل كجماعة رغم نجاحه الفائق كفرد ، وهذا ما نلمسه مرة جديدة في هذه الأزمة وكما سبق وأشرنا بأن لا إحصائيات دقيقة عن عدد الإصابات وما هذا سوى بسبب عدم التنسيق بين الجمعيات الموجودة وما أكثرها بحيث لم تشكل أقله لجنة متابعة مثلا بالتنسيق والتعاون مع السفارة اللبنانية من أجل مواكبة ألمصابين ومساعدة من هم بحاجة للمساعدة وغني عن القول بأنه ليس كل المغتربين أصحاب ثروات بل يمكن القول بأن الغالبية منهم  أناس متوسطي الحال يعملون ويكدحون أحيانا في ظروف قاسية ليؤمنوا العيش لعيالهم لذلك نقول أن الجهود للمواكبة والمساعدة كانت جهود فردية مشكورة ولكنها متفرقة سواء من أفراد أو جمعيات ولن ندخل في لعبة الأسماء لأن هدفنا ليس التبخير ولا التشهير بأحد ، بل الهدف هو الإضاءة على حال التشتت التي تعيشها الجالية رغم كثرة الجمعيات التي هي للأسف إما تابعة لمؤسسات معينة في لبنان أو لأطراف سياسية لا تخدم سوى مريديها وهي بذلك طبعا صورة طبق الأصل عن الممارسات في الوطن ، وإما جمعيات تعاني من الشِللية أو الشَلل نتيجة الترهل والخلافات الشخصية والمنازعات على المناصب وبذلك تفقد هذه الجمعيات قوتها وحتى مبرر وجودها وهي التي لو تضامنت فيما بينها لشكلت قوة لا يستهان بها ولجعلت من الجالية مركز قوة لها أهميتها خاصة وأن العلاقات بين اللبنانيين كأفراد والشعب الإيفواري تعتبر ودودة بشكل عام رغم بعض الأصوات النشاز التي لا يخلو منها أي مجتمع ، كذلك العلاقات مع السلطات الإيفوارية هي جد طبيعية ولا يوجد ما يعكر صفوها ولا يشعر اللبناني بأي إستهداف له كلبناني وهذه شهادة حق لا بد وأن نسجلها لهذا الشعب وهذا البلد الطيب. 

اقرأ أيضاً: 85 في المئة من اللبنانيين تحت خطر الجائحة..وفضيحة المازوت تنفجر في حضن «الثنائي»!

منظمة الصحة العالمية كانت قد أعلنت أن عدد الإصابات المؤكدة بالكورونا في أفريقيا تجاوز 750 ألف حالة ، وهناك توقعات بأن تشهد القارة السمراء مزيدا من الإصابات وهو ما يدعو لوقف الإستهتار من جانب البعض لأن القادم قد يكون أسوأ خاصة وأننا نعيش في بلدان نامية وشاسعة تفتقد لأبسط مقومات المواجهة في حالات أقل من هذه ، على أمل أن يأتي يوم ويصبح لدينا مؤسسات إغترابية فاعلة بعيدة كل البعد عن الشخصانية والتبعية والحزبية الشمولية المقيتة التي أوصلت بلادنا كي تكون في أدنى مستوى بين الدول ، فهذه العقلية هي التي أودت بنا إلى مشارق الأرض ومغاربها بعيدين عن ساحات طفولتنا باحثين عن لقمة عيش تقينا الوقوف على باب الزعيم ، فإذا بها تلحق بنا لتلوث بيئتنا في المهجر كما لوثتها في الوطن وهنا دور المغترب في رفض هذه الممارسات غير السليمة ولا  المسؤولة والوقوف ضدها كي لا يدفع الثمن مرة أخرى في المهجر كما دفعه في الوطن ، فالتضامن والتكاتف والتنسيق والبعد عن الأنانية هو المطلوب في هذه الظروف كي نخفف ما إستطعنا من وقع وتداعيات الأزمة ، فهل يستوعب ويستجيب المعنيون ؟ لعل وعسى …                            

السابق
وحدث الطلاق.. انفصال أنغام رسمياً عن زوجها أحمد إبراهيم!
التالي
«الثنائي المسيحي» «يطيح» بالثنائي الشيعي في عقر «نفطه»!