«الجريدة» تنفرد بنشر بنود الملحق السري لـ«صفقة ربع القرن» بين طهران وبكين

الصين وإيران

حصلت «الجريدة» على معلومات خاصة، تفيد بأن بنوداً خاصة في اتفاقية الشراكة الشاملة بين الصين وإيران ستبقى سرية خلال الإعلان في الأيام القليلة المقبلة عن الاتفاقية، التي أثارت انتقادات كبيرة داخل إيران وخارجها.

رغم إبلاغ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي النواب الجدد قبل أيام دعمه لاتفاقية الشراكة الشاملة بين إيران والصين، وفق ما علمت “الجريدة”، ومحاولة حكومة الرئيس حسن روحاني إلقاء اللوم بمعارضة الاتفاقية على قوى خارجية تريد بث الفتنة، فإن الارتياب لايزال سيد الموقف بين القوى السياسية الإيرانية، خصوصاً بسبب الحديث عن ملحق سري أو بنود سرية لن يتم الإعلام عنها خلال تقديم الاتفاقية للبرلمان في المستقبل القريب.

ملف الـ 18 صفحة

وفي محاولة لإسكات الانتقادات، سربت وزارة الخارجية الإيرانية قبل أيام ملفاً من 18 صفحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير رسمي، هو نفسه الملف الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية لكن “الجريدة” حصلت من مصدر في “الخارجية” الإيرانية على قائمة ببنود سرية اتفق الجانبان على عدم نشرها، بعض هذه البنود تم نشره كعناوين عريضة، وبعضها الآخر يختلف تماماً عما جرى تسريبه.

طريق الحرير

وبحسب ما اطلعت عليه “الجريدة”، تعطي طهران الصين امتيازات كبيرة لتقوم الأخيرة بتغيير خريطة طريق الحرير الشهير الذي خصصت له بكين مبلغ خمسة آلاف مليار دولار، ليمر عبر إيران بدل الجزيرة العربية.

ومن هذه الامتيازات، أن تضمن إيران مدّ وتأمين الطريق الذي يشمل خطَّ سكة حديد وخطَّ اتوستراد سريعاً من ميناءي بندر عباس وشابهار الإيرانيين الى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسورية.

وتشمل الخطة مد خط أنابيب غاز ونفط من جنوب إيران إلى “المتوسط” يتصل بميناء بانياس السوري وميناء طرابلس اللبناني. وبحسب المصدر، حصلت طهران بالفعل على موافقة دمشق لإدارة ميناء بانياس بشكل استثمار طويل الأمد.

وقال المصدر، إن هذه الخطة لا تزال تواجه عقبات خصوصاً وقوف واشنطن في العراق وسورية بوجه تنفيذها، لذلك اتفقت بكين وطهران أن تتعاونا سياسياً واقتصادياً وأمنياً إذا دعت الحاجة لتذليل العقبات. وحسب المصدر فإن تنفيذ هذه الخطة يعني أن قناة السويس ومضيق باب المندب سوف يخسران قدراً كبيراً من أهميتهما الاستراتيجية.

كما يتضمن هذا الشق من الاتفاق جزءاً يتم بالتعاون مع روسيا، لوصل بحر عمان والخليج بشمال أوروبا عبر أذربيجان وروسيا وساحل جنوب إيران ببحر البلطيق.

وسوف تتولى شركات صينية تحديث سكك الحديد لتكون قادرة على تحمل قطار تصل سرعته إلى حوالي 400 كيلومتر بالساعة يستطيع إيصال البضائع من ميناءي شابهار وبندرعباس إلى سان بطرسبورغ الروسي خلال أقل من 24 ساعة.

وبمقتضى البند الثاني الذي أطلعت عليه “الجريدة” تتعهد الصين بشراء ما لا يقل عن مليون برميل نفط إيراني يومياً ودفع ثمنه بالعملة الصينية اليوان مع السماح لإيران بشراء مستودعات على الأراضي الصينية وفي الموانئ وتخزين النفط والمحروقات وإعادة تصديرها دون دفع أي ضرائب. وسوف تقوم الصين أيضاً بشراء كمية مماثلة من البتروكيماويات والمحروقات المعالجة في المصافي الإيرانية.

وتستثمر الصين في منشآت استخراج النفط والغاز في الجنوب الإيراني مقابل عقود استثمار تصل مدتها إلى 25 عاماً.

المجال العسكري

وينصّ الاتفاق على توسيع العلاقات العسكرية بما في ذلك تأسيس قواعد عسكرية مشتركة في الخليج وبحر عمان والمحيط الهندي. وتسمح طهران للطائرات الصينية بالاستفادة من المطارات العسكرية الإيرانية عند الحاجة والسفن العسكرية الصينية الاستفادة من القواعد والموانئ الإيرانية عند الحاجة أيضاً.

وتتعهد بكين في المقابل، بمساعدة طهران في تطوير أسطولها الجوي والبحري والبري. وتم في هذا المجال إقرار اقتراح لتأسيس معامل إنتاج أسلحة صينية على الأراضي الإيرانية، مما يعفي الصين من مواجهة أي مشاكل مع العقوبات الدولية أو الأميركية خلال تزويد إيران بالسلاح. واتفق الطرفان على بحث تطوير التعاون العسكري بينهما في اتفاقية جانبية أخرى.

تأجير الجزر

وفي بند أثار الكثير من السجالات والاتهامات ببيع أراضٍ إيرانية، تقوم إيران بتأمين مناطق سياحية خاصة للصينيين لا تنطبق عليها القوانين الإسلامية بخصوص المأكل والمشرب والملبس.

ويتضمن ذلك تأجير بكين أراضٍ في جزيرتي كيش وقشم، وبعض الجزر الصغيرة في الخليج وفي المناطق الإيرانية الحرة لمدة 25 عاماً. ويقوم الصينيون بتأهيل المطارات في هذه الجزر وتصميم مرافق سياحية تناسبهم.

التكنولوجيا

ينص الجزء غير المعلن من الاتفاق على أن تقوم الشركات الصينية بتأمين اتصالات الجيل الخامس من الإنترنت 5G لإيران، مقابل أن تساعد طهران بكين في الحصول على عقود تأمين الجيل الخامس عبر شركات مشتركة في مناطق النفوذ الإيراني بما في ذلك العراق وسورية وأفغانستان ولبنان.

ويسعى البلدان للاستحصال على عبر شركات مشتركة على عقود استخراج النفط والغاز في البحر الابيض المتوسط على شواطئ سورية ولبنان وتأمين الطاقة الكهربائية لدول غرب آسيا.

وينص هذا البند، على أن تضمن طهران إعطاء الأولوية في العقود للشركات الصينية فيما لو حصل أي اتفاق يؤدي الى رفع العقوبات عن إيران.

المصانع والبناء

كذلك تعطي طهران بكين إعفاءات شاملة من الضرائب وتؤمن لها أراضٍ على شكل استثمار لمدة 25 عاماً وتيسر لها الإمكانات المحلية مجاناً، لتقوم ببناء مصانع صينية داخل إيران مقابل تشغيل اليد العاملة الإيرانية (بنسبة٦٠ في المئة من العمال على الأقل) ونقل التكنولوجيا لإيران.

وتقوم الصين عبر شركات مشتركة مع طهران ببناء حوالي ستة ملايين شقة سكنية خلال فترة خمسة أعوام في إيران. وتتشارك هذه الشركات في عقود بناء السدود والمنشآت الهندسية في داخل إيران وخارجها في غرب آسيا وإفريقيا.

زراعة وصيد وعملة رقمية

كما تتولى الصين الاستثمار في مجال الزراعة الصناعية في الأراضي الإيرانية عبر شركات صينية تستصلح أراضي على مدى 25 عاماً. كما تعطي إيران امتياز صيد الكرول (الصناعي) للشركات الصينية في المياه الإقليمية الإيرانية مدة 25 عاماً مقابل 10 مليارات دولار سنوياً شريطة عدم اقتراب السفن الصينية من السواحل الإيرانية اكثر من 8 أميال بحرية والسماح للصيادين الإيرانيين بالصيد.

وتسمح إيران للصين بتأسيس مزارع استخراج عملة رقمية على أراضيها يمكنها أن تستفيد من معامل إنتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية وتوزع أرباح المعامل مناصفة بين البلدين.

وتسمح إيران للشركات الصينية باستخراج المعادن غير الاستراتيجية من أراضيها وإعادة تصنيعها داخل إيران أو تصديرها بشكل خام الى الصين أو أي دولة أخرى.

المصارف

يتم فتح خط اتصال بين المصرفين المركزيين في الدولتين. وتسمح الصين للتجار الإيرانيين بفتح حسابات مصرفية بالعملة الصينية والتعامل المصرفي بالعملة الصينية وتبادلها بالعملات الأخرى وتحويلها إلى إيران أو أي دولة أخرى مع مراعاة قوانين غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.

لا يمكن للإيرانيين تحويل الأموال إلى الدولار الأميركي في المصارف الصينية طالما كان الحظر الأميركي على استخدام طهران للدولار سارياً، لكن يمكنهم تحويلها إلى أي عملة أخرى والاستفادة من المصارف الصينية في تأمين وتغطية اعتماداتهم المالية الدولية لشراء البضائع من الدول الأخرى. ويتم تأسيس مصرف إيراني- صيني مشترك يشرف على التعاون المالي بين البلدين.

تعاون سياسي ونووي

في المجال السياسي، تدعم الدولتان سياسات كل منهما للأخرى في المؤسسات الدولية. تدعم الصين طلب إيران لدخول منظمة شانغهاي وبريكس ومنظمة التجارة الدولية، وتدعم إيران الصين في منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة عدم الانحياز. كما يقوم الجانبان بتأسيس مركز مشترك للتعاون الامني والاستخباراتي والقضائي وتبادل المجرمين.

وتساعد الصين الإيرانيين في إعادة بناء مراكزهم النووية من ضمنها مفاعل أراك للماء الثقيل حسب الاتفاق النووي ونقل التكنولوجيا السلمية في شتى مجالات العلوم النووية لإيران، إضافة إلى مساعدة إيران في الاستفادة من التكنولوجيا النووية في مجال الطب والزراعة وإنتاج الطاقة.

التشيع وتبادل الطلاب

في المجال الثقافي، يسمح كلا البلدين، أحدهما للآخر، بتأسيس مراكز ثقافية تروج للغتيهما. ويتبادل الجانبان ألف طالب من كل جانب على الأقل كل عام. وتقوم جامعة المصطفى التابعة للحوزة العلمية في مدينة قم بتأسيس مراكز تعليم وتثقيف ديني في المناطق المسلمة في الصين، وتسمح الصين لهذه الجامعة بترويج التشيع في هذه المناطق في مواجهة مد الأفكار السلفية في المجتمع الأيغوري. وحسب المصدر، فإن جامعة المصطفى سوف تقوم بإعطاء ألف وخمسمئة منحة تعليمية لطلاب علوم دينية من الصينيين كي يدرسوا في الحوزات العلمية في إيران كل عام ويعودوا الى الصين لترويج الفقه الشيعي بين المسلمين هناك.

السابق
صرخة ألم يُطلقها أستاذ ثانوي: هل سيستطيع أي ولي أمر من تسجيل أبنائه في المدرسة؟
التالي
عون يُعلّق على مبدأ «الحياد»: ملزمون الدفاع عن أنفسنا!