حفل «بعلبك» وحدّ الشاشات اللبنانية وكشفَ عمق أزمتها!

موسيقى بعلبك
بثّت القنوات اللبنانية موحدةً حفلاً موسيقياً من بعلبك، حيث لم تتحد لتنقل المظاهرات هذه المرة أو خطاب سياسي بل من أجل حفل أسطوري، فتغيّبت "المنار" وسط عاصفة اقتصادية تصيب الإعلام التلفزيوني في موسم الصيف!

وكأنّ القنوات التلفزيونية غادرت نمطها المعتاد من إنتاج البرامج وتحولت إلى منصة بصرية لعرض الأعمال السابقة دون جديد يمتع العين أو يسلي الشارع من سلسلة أزماته اليومية.

ليس بعيداً عن هذه الأجواء الصيفية قبل عام كانت قناة الـMTV تنقل كاميراتها بين مدن لبنان لعرض حفلات فنية ضمن مهرجانات امتدت من الشمال إلى الجنوب، حيث تمكنّ صيف 2019 من استقطاب عدد كبير من السياح وانتشار المهرجانات على امتداد لبنان فحضرت طرابلس وصور وجبيل والبترون وبيت الدين وبعلبك بمسارحها التي وقف عليها مجموعة من الفنانين اللبنانيين والعرب.

بالمقابل غابت الحفلات المباشرة لتحضر مكانها البرامج الحوارية التي فتحت بثها لمناقشة الأزمة المالية المتزايدةـ فإذا ما حضرت التسلية عادت القنوات لبث برامج قديمة حظيت بنسب مشاهدة عالية أثناء بثها مثل برنامج “يا ليل ياعين” الذي مرّ على إنتاجه أكثر من 15 عام.

نقلت جميع القنوات اللبنانية الحفل ما عدا قناة المنار، ما أثار سخط لدى ناشطي مواقع التواصل

فقبل يومين قدمت “بعلبك” حفلها الوحيد لهذا العام بغياب المهرجانين الفني والسينمائي بسبب أزمة كورونا والوضع الاقتصادي الراهن، فأضيئت أعمدة معبد باخوس للفرقة الفلهارمونية اللبنانية لتغني للسلام في حفل حمل عنوان “علي الموسيقى” قدّمت من خلاله مجموعة من المقطوعات الموسيقية الشرقية والغربية التي سبق وحضرت على مدرجات بعلبك الشهيرة في نوستالجيا لعراقة المهرجان تزامناً مع الذكرى المئوية الأولى لإنشاء لبنان الكبير والذكرى الـ250 لميلاد الموسيقار بتهوفن.

إقرأ أيضاً: بالفيديو والصور: بعلبك تُغنّي للحياة والأمل.. «سنعيش»!

المفارقة أن الحفل الذي نُقل عبر صفحة “الفايسبوك” الرسمية لمهرجان بعلبك الدولي وبعد أن حظي بنسبة تفاعل جيدة من قبل صحفيين وفنانين عبروا عن إعجابهم بالحفل دون معرفة مسبقة بموعده ومضمونه، انقسمت الآراء حوله بعد تغيّب قناة “المنار” عن نقل الحفل بعكس كافة القنوات اللبنانية الأخرى التي توحدّ بثها لنقل الحدث المحلي ذي الصبغة العالمية من ناحية الإضاءة والتصوير والقالب الفني الذي ذكرّ المشاهدين بعراقة مدرجات بعلبك وتاريخ لبنان الغني فنيا وحضارياً عبر مشاهد بصرية للعروض الموسيقية والمسرحية التي قدّمت على المسرح لعقود متتالية وأبرزها إنتاجات الرحابنة.

كما حضر صوت الفنان اللبناني رفيق علي أحمد مقدماً مقاطع من كتابات المبدع جبران خليل جبران والتي تتحدث عن المحبة وتدعو لزراعة السلام في قلوب البشر.

وصف البعض الحفل الأسطوري بأنه تذكار للبنان الجميل الذي يدخل في أقسى أزماته الاقتصادية بعد الحرب الأهلية

مشهد ملحمي أسطوري أنسى المشاهد لدقائق وضع لبنان المآساوي وحالة الانهيار الاقتصادية ومايحيط بها من تبعات اجتماعية وإنسانية، فحتى لو غابت الكهرباء عن بيوت اللبنانين وحرمتهم مشاهدة الحفل، حضر الحفل عبر فايسبوك قبل أن ينتهي ويستمر نقل البث عبر صفحة المهرجان نقلاً عن قناة الـLBCI في عرضها المكرر لبرنامج “يا ليل يا عين”.

إقرأ أيضاً: انسحاب مدرب الرقص شارل مكريس يثير بلبلة في حفل بعلبك الوحيد لهذا الصيف!

نقلة بسيطة بين الخيال والواقع، أثبتت أن الشاشات اللبنانية كما وضع لبنان ليست بخير، فهي وضمن موسم بثها المباشر وتحضيرها لبرمجة الخريف تواجه أزمات إعلانية هائلة تزيد من درجة الجفاء بين المشاهد وشاشته الوطنية، فلا هي تعبّر عن ألمه وتستطيع إيجاد الحلول له، ولا هو يجد في إعادة بث برنامج مسلي قديم قدرة على نسيان الواقع وتعقيداته.

السابق
«المستقبل» تهاجم دياب وتنتقد التعيينات: نرفض تحويل رئاسة الحكومة الى صندوق بريد
التالي
آلية جديدة لضبط تحليق الدولار.. وسلامة يتحدث عن توحيد جميع أسعار الصرف!