نصرالله في البلاغ الرقم 1 ضد قانون قيصر: أنا القيصر!

قانون قيصر

لم تكن إطلالة الامين ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله عشية تطبيق “قانون قيصر”، عادية على الاطلاق ، حسب تقييم الخبراء الذين إستطلعتهم “النهار”.والسبب الذي دفع هؤلاء الخبراء الى إعتبار إطلالة زعيم المقاومة الاخيرة إستثنائية ، هو المواقف التي اطلقها ،والتي تمثل حسب رأيهم ،برنامج عمل يجب متابعة تنفيذه من الان فصاعدا.فماذا في هذا البرنامج؟

ما لفت المراقبين خروج نصرالله عن هدوئه وتحوّله الى التشدد الكامل عندما كان يستعرض كل الضغوط التي يتعرّض اليها الحزب في سياق الازمات التي تعرّض لها لبنان ولا يزال منذ 17 تشرين الاول الماضي ، ما اوصل الى الربط ما بين تطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 وما بين الخروج من الازمة الاقتصادية.من هنا بدا نصرالله غاضبا جدا في قوله:” الذي يضعنا ما بين خيارين: “يا نقتلك بالسلاح يا نقتلك بالجوع، أقول له‏، سيبقى سلاحنا في أيدينا ولن نجوع ونحن سنقتلك، نحن سنقتلك، نحن سنقتلك”.

اقرأ أيضاً: أفسحوا لخطى طهران أيها اللبنانيون

على اهمية هذا الموقف الرافض إطلاقا لإي بحث في سلاح الحزب ، يعتبر المراقبون ان الاساس لكل ما طرحه نصرالله بالامس هو الاستعداد لمرحلة بدأت الان،  وستمضي الى فرض تغيير إستراتيجي في سوريا ، ليس بفعل العقوبات التي لا سابق لها في “قانون قيصر” فحسب ، بل بفعل قانون “لعبة الامم” التي بدأت تتوضح معالمها في الميدان السوري الذي يزدحم فيه اللاعبون الكبار والصغار على السواء. ومن الامثلة الحديثة جدا على هذه “اللعبة” ما ظهر في محادثات وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بالامس في موسكو. ففيما أعلن ظريف أن بلاده “تعمل مع الأصدقاء لتطوير الوضع الاقتصادي لسوريا” ، اكتفى المسؤولون الروس بالحديث عن” متابعة المفاوضات السياسية عبر مسار أستانا”، من دون الإشارة مباشرة إلى “قانون قيصر” وتداعياته وسبل التعامل معه. ولم يخف عن المراقبين ان هناك “لغتيّن” لموسكو وطهران في متابعة الملف السوري من الان فصاعدا .

لم يكن يدري نصرالله وهو يعلن عن خطة إنقاذية للبنان قائلا ان ما يطرحه هو غيّر منسّق مسبقا مع طهران ، ان وزير الخارجية الايرانية كان  يعلن شيئا مشابها في موسكو ،هو في ظاهره يتعلق بسوريا فقط ، في حين ان يشمل في جوهره لبنان أيضا ، ما يعني ان الجمهورية الاسلامية تتعامل مع مرحلة “قانون قيصر” على اساس ان سوريا ولبنان في إطار واحد.فقد تحدث ظريف في العاصمة الروسية عن “خط ائتماني في إيران(لسووريا)، وسنفعّل كل وسائل التعاون”.وأتت مواقف الوزير الايراني  في الوقت كانت تشق فيه ناقلة نفط إيرانية طريقها نحو السواحل السورية، فيما يجري الحديث عن تجهيز ناقلات إيرانية أخرى في الأيام المقبلة.ألا يشبه كلام ظريف والمعلومات المتصلة به ، ما قاله نصرالله مساء الثلثاء:”هل يمكننا إيجاد دولة مثلاً إقليمية صديقة قريبة بعيدة مثلاً الحرف الأول من اسمها إيران، لأن كل الناس يفهمون عليّ، تستطيع أن تبيع الدولة اللبنانية بنزين، غاز، مازوت، فيول، مشتقات نفطية، بتروكيميائيات، وفينا نتوسّع نروح على الإحتياجات التانية؟”.

ماذا يعني الضغط الذي باشره نصرالله في مواجهة موجبات “قانون قيصر”؟لم يخف على المراقبين ان الامين العام ل”حزب الله” اصدر توجيها للمسؤولين في لبنان على كل المستويات يدعوهم فيه الى الاستعداد للعمل بموجب المخطط الايراني الذي سيمضي ، ولو بمعزل عن روسيا ، كي يمنع القانون الاميركي من الوصول الى رحيل الرئيس بشار الاسد ومعه النفوذ الايراني ضمن صفقة ستكون موسكو في قلبها.ولهذا بدا نصرالله وكأنه يحضّر ل”أمر ما” عندما قال :”  أنا أتكلم للشعب اللبناني : عليك أن تساعدني على ‏المسؤولين اللبنانيين إذا قال المسؤولين اللبنانيين كلا، بصراحة، إذا خافوا من ‏الأميركيين مثلاً، هل يعني سنبقى خائفين من الأميركيين ؟”

لا يبدو ان هناك من المعطيات ما يكفي لمعرفة ما سيذهب اليه نصرالله في الاسابيع المقبلة تنفيذا للمخطط الايراني في سوريا.إلا ان هناك ما يكفي من معلومات للتأكيد على ان ساحة النزال الاساسية لتطبيق “قانون قيصر” ستكون لبنان الذي يمثل رئة النفوذ الايراني في هذه المنطقة .ويقول وزير سابق له خبرة واسعة في ملف ” حزب الله” ل”النهار” ان الاخطار التي تتهدد لبنان حاليا تفرض إستقالة الحكومة الحالية التي باتت “أكثر من ضرورية لحماية الشعب اللبناني من الكوارث القادمة “.اضاف: “انها حكومة الدويلة التي أسقطت الدولة ومن اخطر ما اقدمت عليه الحكومة اخيرا هو ما يشبه السطو على تعيينات القطاع المالي وخصوصا تعيينات المصرف المركزي”.وخلص الى القول :”لقد وضع حزب الله يده عمليا على القطاع المالي . فعلى رغم ان الحزب رضخ ظاهريا لعدم القدرة على الاطاحة بحاكم مصرف لبنان ، لكنه إستطاع عمليا الاحاطة بمجموعة من كاتبي التقارير وناقلي الرسائل”.

في العودة الى الخبراء الذين إستطلعتهم “النهار” ، يقول هؤلاء ان نصرالله تصرّف بالاجمال على طريقة منفذّي الانقلابات الذين يستهلون إنقلاباتهم ب”البلاغ الرقم واحد”.علما ، كما يوضخ الخبراء ، ان البلاغ الجديد ليس الاول من نوعه منذ ان صارت طهران اللاعب الرئيسي في لبنان العام 2005 بعد إنتهاء مرحلة الوصاية السورية ، إلا انه هذه المرة يأتي في ظروف معقّدة تشير الى ان لبنان والمنطقة تتحضّر لتغييرات مهمة.

يستعيد اليوم بعض من عاصرو المرحلة الاخيرة من وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان قبل زواله بعد الاجتياح الاسرائيلي صيف عام 1982 .ففي مهرجان تأبيني لمناسبة  الذكرى السنوية السابعة لإغتيال الزعيم الاشتراكي كمال جنبلاط أقيم في مدينة عالية كان الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات خطيب المناسبة.وأثناء القائه كلمته عبرت في سماء المنطقة طائرات حربية إسرائيلية فعلّق عرفات قائلا:”أنا في إنتظارك يا بيغن(رئيس الوزراء الاسرائيلي  في ذلك الوقت)”.وفي اقل من ثلاثة أشهر إجتاحت إسرائيل لبنان  وأخرجت منظمة التحرير الفلسطينية منه.العبرة في هذه الواقعة، كما يقول من عاشوها ، ان هناك فارق ما بين إظهار القوة وما بين الفعل الذي تنطوي عليه القوة، وهذا الامر ينطبق على نصرالله اليوم.

كأن الامين العام ل”حزب الله” يعلن حاليا ردا على “قانون قيصر” الاميركي انه هو “القيصر” في لبنان.لا جدال في ان نصرالله هو “القيصر” في لبنان اليوم ، لكن ليس ما هو مضمون ما سيحصل غدا؟

السابق
الخارجية الفرنسية تعرب عن قلقها ازاء الوضع في لبنان: لتطبيق الاصلاحات
التالي
وهّاب يدخل على خط التوتر بين جنبلاط وابوحمزة: تتهم بهيج لتهدر دمّه!