«قيصر» يسطع بغضبه على الحكومة «المغضوب عليها»!

الحكومة اللبنانية وقيصر
هل هو فلكلور سياسي لبناني طلب التغيير الحكومي عند كل منعطف تتعرض له البلاد للتخفيف من وطأة الاحداث، أم هو غضب قيصر الساطع القادم من يملي على بعض القوى السياسة اللجوء إليه بعدما تبين لها أن لبنان لن يكون بمنأى عن مفاعيل هذا القرار السلبية؟، واستتباعا هل القوى السياسية المعارضة التي باتت مؤخراً خارج الحكم والمتهمة أصلاً بتبعيتها لقوى "استكبارية" عالمية كم يصفونها، على إستعداد للدخول في هكذا تسوية داخلية "خنفشارية"؟

سيفاقم قانون قيصر عزلة النظام اللبناني القائم حالياً كما في سوريا، فثمة جهات عدة من بينهم رجال أعمال وساسة وشخصيات ستطالهم العقوبات نظراً لعلاقتهم الوطيدة مع النظام السوري ومع الدول والمجموعات والأحزاب التي تدعمه، وطأة الضغوط الإقتصادية ستشتد على لبنان الغارق أصلاً ببحر منها، حالة من الضياع والإرباك ستبقى مستمرة والبحث عن مخرج للخروج منها مازال في بداياته خصوصاً وإن الإيديولجيا المسيطرة على البلد تحمل افكاراً تعتبر المواجهة سبيلاً وحيداً لمقاومة هكذا قرار و تضرب لذلك أمثلة وتتغاضى عن حقيقة ما وصلت إليه أحوال من إعتمد هذه السياسة إقتصادياً وإجتماعياً ومالياً. ضغط شعبي مطلبي في الشارع وآخر معترض في البيت وفي المؤسسات والشركات والمصانع وفي الوظيفة، يحسبه هذا البعض غير موجوع لكنه من شدة الألم هو صامت أو خائف من القمع و مما يشاع عن وقوع فتنة أو حرب أهلية.

اقرأ أيضاً: «قيصر»… بوتين أمام استحقاق «مصير» الأسد

شهوة السلطة

شبكة الإتصال والأمان التي يصبو حزب الله إليها، من دون مساعدة حليفه التيار البرتقالي الساعي مؤخراً لتمييز نفسه عنه والغارق أصلاً بكله في شهوة السلطة والمتنعم بخيراتها ولم تتوقف عنده هذه الجائحة حتى في زمن القحط المهيب، يسعى من خلالها أي حزب الله إلى تأمين مخارج له  تنجيه أو تخفف عليه مصائب ومصاعب ما بعد قرار قيصر الخطير، طبعاً من دون المس وكما في كل مرة بقضاياه الرئيسية وسلاحه بالتحديد، الذي يعتبره مقدسا ويتصل عنده مباشرة بتحديد المصير. تسوية قد تفرض عليه بعض التنازلات ولو مؤقتا لإرضاء بعضاً من خصومه المحليين وإقناعهم تحت عنوان الإنقاذ إلى التعاون معه، فهل من مُجيب يُسمعه ما يرضيه وما يريد، أم سيواجه مزيداً من الضغوط لأنه بنظر الكثير علة ما وصلنا إليه بعدما إنتقل من مهمة مقاومة العدو على الحدود إلى ما وراءها، إلى دول جارة وشقيقة عربية متدخلاً فيها بسلاحه مع أفرقاء إقليميين؟

المناعة الوطنية والسلم الأهلي لا يتحققان بالوقوف ضد الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية

كلفة الإصلاح

لن يكون لأي دولة تابع لها أو حليفة له القدرة على مساعدته أو إنعاشه نظراً للظروف الممائلة التي تعيشها وتستعد هي الأخرى إلى مواجهتها، أمراء نقاط التهريب سيكونون تحت المراقبة الدولية عما قريب، التجار الممانعيين سيبحثون عن مصالحهم وعن دور لا يخسرهم ما يجنونه من أرباح أعتادوا عليها لأمد طويل، وعليه فإن ثقافة حزب الله السائدة هي من بحاجة إلى تغيير، الثقافة الأمنية العسكرية التي يلجأ إليها على إعتبار أن كلفة الإصلاح أعلى من كلفتها وكذلك سياسة الرعاية المتدفقة الخارجية المعتمد عليها لأجل إنجاح السياسات التوسعية للداعمين  أدت إلى تفشي الفساد والمحسوبية وإلى قتل النمو، والحل الوحيد المتبقي له وللبنانيين يكمن بالعودة إلى مطالب الشارع والإعتماد على الذات الوطنية وعلى تحسين العلاقة الخارجية مع الآخرين بأستثناء المجمع على أعتبارهم أعداء وشر مستطير، لا بد من توسعة مصادر الدخل وإعلاء قيم الكفاءة والإنتاجية، الأولوية اليوم هي لترشيق القطاع العام وتنقيته من الفساد وتهيئته لتقديم خدمات نوعية للمواطنين توفر للدولة موارد مالية وتزيد المداخيل. المطلوب تسوية تضمن للناس تحقيق أهدافها عبر تعظيم الثقافة التشاركية فمن دونها ستتفاقم الأزمات وتزداد المطالب ويكثر عدد المُحتجين، ردم الهوة بين الحزب وبين سائر اللبنانيين والعودة إلى رشده ووطنه هو السبيل الوحيد للنجاة من الهزات التي تصيب البلد وأدت وستؤدي مع الوقت إلى مزيد من الإنهيارات إن لم يتدارك ذلك في وقت ليس ببعيد. 

اقرأ أيضاً: لبنان ليس بمنأى عن «قيصر».. عجاقة لـ«جنوبية»: العلاقات مع النظام مهددة بالقطيعة!

المناعة الوطنية والسلم الأهلي لا يتحققان بالوقوف ضد الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، ستستنفذ القوى الحالية  المحلية عما قريب أدواتها الأمنية والمالية القديمة، تغيير دور الدولة في المجتمع وتطوير الأنظمة ومنع الاحتكار والاستغلال هو الخير الأبقى وإلا فالأخرة التي وُعد بها تنتظره وتنتظرنا و يقيناً وبالغصب ستأخذنا وتأخذه إلى ما هو بالنسبة لكلينا مكروه لأنه مجهول.

السابق
ناشط آخر يُستدعى الى التحقيق: لدولة مدنية لا بوليسية!
التالي
بعدما لامس الدولار عتبة الـ5000.. مصرف لبنان يُصدر أخيراً المنصة الإلكترونية!