آخرة التجديف بـ«الذات الثنائية»!

شغب من الشبيحة
لا يحتمل "الثنائي الشيعي" اي انتقاد ولا سيما من داخل الطائفة نفسها. ويعرض الانتقاد لاحد رموز "الثنائي" الى عقوبات وتانيب وتنبيه.

يتكرر المشهد شيعيا، اعتداءات على من يحاول النيل من مكانة الآلهة. هي محاكم التفتيش الحديثة التي لا تتدخل الا عندما يلجأ فرد معروف بتسمية ( زعيم) بالاسم، وبلا مواربة.

لا مانع لدى القادة من أن يشمل الهجاء او السباب أو التهكم الجميع،  حيث بإمكان كل ديك منهم ان يعتبر ان المقصود زعيما سواه.

أن يطال النقد مسؤلا او احد افراد عائلته من قبل أشخاص مجهولين ومهما كان النقد قاسيا فمن الممكن  هضمه وغض النظر عنه.

الانتقاد من داخل الطائفة نفسها ممنوع

ولكن ما يثير غضب الزعامة هو النقد الموجه من طرف معروف وله ام وأب وعائلة وقرية وان يسمى هذا الطرف زعيما محددا بالاسم فهذا خارج القدرة على التحمل، هو تحد مكشوف، عار لا يحتمل المواربة او التحايل، هو تحد لمكانة وقدسية الزعيم، واذا كان الناقد من ذات الطائفة والمنطقة ويتجرأ على المس بالقدرة الإلهية للزعيم فهذا ما لا يمكن قبوله او التسليم به من دون عقاب.

والعقاب واجب الاتباع الذين يجدون في هكذا مناسبة فرصتهم لإظهار ولاءهم للزعيم  وتأكيد حاجته  الى خدماتهم.

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: «المجلس الشيعي» تابع لمراكز قوى الأمر الواقع

ولكن بعد كل اعتداء تتوالى التعليقات المناهضة للزعيم والفاضحة لارتكاباته والمتضامنة مع المعتدى عليه، ولكن ذلك لم يردع او ينبه هؤلاء الزعماء إلى خطورة أفعالهم ونتائجها السلبية عليهم، وهذا يدل على الرعب الذي هم فيه من أن يكثر المتجرؤون على القدرة الإلهية.

وحادثة كفر رمان هي نموذجا من هذه الحوادث. فالسيد ابو زيد لم يشتم الرئيس برى او يتعرض له بكلمة نابيه، وما قاله يطال إدارة شركة الكهرباء وانحيازها لمصالح الزعامات( الكمالية) وعلى حساب الحاجات الأساسية للمواطنين. وهذا يطال جميع المسؤولين.

العنف المادي بقي سمة شيعية تدل على مدى الشعور بالغلبة والقوة بمواجهة المعارضة الشيعية

فسلوك إدارات الدولة تجاه المصيلح او عين التينة هو ذاته ما تقوم به في بيت الوسط او بعبدا او… والنقد هنا هو عام ولكن تسمية المقام الإلهي هو ما استوجب القيام بمهمة التأديب.

ولكن ما هو أسوأ من التأديب هو تبريره واعتبار ان أي نقد  للذات الإلهية هو امر مرذول ومستنكر!!!

 وهكذا يصبح الضحية معتد ويستحق العقاب بدلا من الاحتجاج على فعل الاعتداء والتعهد بعدم تكراره. وللأمانة فإن هذا السلوك لا يختصر بحركة امل.

فيوم قام المخرج شربل خليل بنشر شريط يصور فيه السيد حسن نصرالله وهو يحرك عمامته على رأسه بطريقة كاريكاتورية قامت الدنيا ولم تقعد وتخللها مظاهرات بإتجاه المدينة الرياضية مع تكسير سيارات واعتداءات هددت السلم الأهلي.

ويومها كنت انتظر خطاب السيد حسن متوقعا منه توبيخ المتظاهرين وادانتهم والاعتذار من المعتدى عليهم والتعهد بعدم تكرار هكذا أحداث واحترام حرية الرأي والتعبير. ولكن بدلا من ذلك اطلق سماحته تنبيها مفاده ان الطائفة الشيعية لا تقبل بهكذا سلوك تجاه رموزها.

في حينها لم أصدق ما سمعت، وتوجست من هذا الموقف وفسرته بحاجة مشروع حزب الله إلى القائد الإله غير القابل للنقد لتحقيق مشروعه الجذري في المنطقة.

تراجع الحريات

وكانت هذه  بداية التراجع عن الحريات الذي سرعان ما تشبه به غبطة بطريرك الموارنة وسواه من أصحاب المقامات. ولكنه بقى عند الطوائف الأخرى في حدود القانون  مع التدخل السياسي لتطويع عنق  القوانين لصالح أصحاب المقامات.

الا ان  اللجوء إلى العنف المادي بقي سمة شيعية تدل على مدى الشعور بالغلبة والقوة بمواجهة المعارضة الشيعية كما بمواجهة الطوائف اللبنانية الأخرى.

التمادي في هذا السلوك يوتر الأجواء وينمي الآحقاد  داخل الطائفة ويوتر العلاقات بين الطوائف، ويمهد الأرض لمشاريع الحروب الأهلية والكونفدرالية والتقسيم  وسواه، خاصة في ظروف انحلال الدولة والأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي تعصف  بالبلد، ومن يزرع الريح يحصد العاصفة، والعواصف تحيط بنا من كل الجوانب.     

السابق
السيد محمد حسن الأمين: «المجلس الشيعي» تابع لمراكز قوى الأمر الواقع
التالي
سقوط الفدرالية.. جعجع ينأى بنفسه والثنائي الشيعي: رسالتنا وصلت!