تحرير الجنوب.. بين «معركة العلمين» وواجب خدمة «صاحب الزمان»!

الحدود اللبنانية الإسرائيلية
٢٠٢٠.. ٢٠ عاما على تحرر "حزب الله" من لبنان! أعد موقع "جنوبية" ملفاً لمناسبة "عيد التحرير"، يقرأ فيه عبر سلسلة من الموضوعات والتحقيقات التغير في مفاهيم و أدبيات "المقاومة والعمالة" على مدى عقدين من الزمن، وتداعياتها على اللبنانيين والبيئة الشيعية.

لِنَعُد بذاكرتنا إلى الوراء. حوالي عشرون عاماً، مجموعة من المقاومين ومعهم المصور الحربي، يتقدمون نحو موقع للعدو الإسرائيلي فيقتلون ويجرحون من في داخله، ويقف أحدهم ليغرس علم “حزب الله” دون وجود العلم اللبناني، فيقسم رافعاً يده نحو العلم!

وعند دخولنا، شباب من الجامعة، الجنوب بعد التحرير بساعات قليل، أوقفنا بعض عناصر “حزب الله” ليُفسِح المجال أمام باصات تحمل عناصر لعملاء لحد، وقالوا لنا باستهزاء “ليه حاملين هيدا العلم؟!”، وكانوا يقصدون العلم اللبناني.
أذكر أنني سألت أحد عناصر “حزب الله” عند الخط الحدودي أثناء تأديته واجب الحراسة بعد التحرير: “لماذا حملتم علم “حزب الله” دون العلم اللبناني أثناء إقتحامكم لمواقع العدو قبل التحرير”؟ فكان ردَّه: “أيُعقل أن أحمل العلم ذاته الذي يحمله عدوي من عملاء لحد؟!!!”

أيُعقل أن أحمل العلم ذاته الذي يحمله عدوي من عملاء لحد؟

لا أحتاج إلى عناء الرجوع إلى ذاكرتك أيها القارئ. في مشهد آخر، أحداث ٧ أيار سنة ٢٠٠٨، صعد أحد مناصري “حزب الله” على عامود يُرفع فيه العلم اللبناني، أثناء هجومهم على أحياء بيروت، فمزق العلم وقذفه نحو الجمهور المتلهف لدهسه، ومن ثم يرفع العلم الأصفر، فاتحاً بيروت منتصراً… على حد زعم من اعتبره عيداً مجيداً!
منذ أشهر قليلة، اضطر أمين عام “حزب الله” أن يضع العلم اللبناني بجانب راية الحزب، ربما لأول مرة، حتى يستطيع مهاجمة ثورة ١٧ تشرين ويتهم الثوار بالعمالة لصالح السفارات.

مشاهد لم يلتفت إليها البعض إلى إعتبارها وقفات مهمة في تاريخ لبنان المعاصر، فتكثر التبريرات ويستهزئ البعض بكونها وقفات غير مهمة! فلا يجوز الوقوف عندها وتسليط الضوء على هذه الظاهرة المتكررة بطرق مختلفة…
(النظام اللبناني غير شرعي ومجرم)(من الضروري تسلّم المسلمين الحكم في لبنان كونهم يشكلون أكثرية الشعب)راجع هاتين الفتوتين، الأولى خمينية أما الثانية خامنئية في مقال صادق الموسوي مجلة الشراع، أو مع الكاتب وضاح شرارة وكتابه “دولة حزب الله”…

ويمكنك أن تراجع أيضاً خطب أمين عام “حزب الله” المُسربة خلال إلقائه لدروس وردوده على أسئلة الحاضرين، يقر فيها أن من واجبه تحويل لبنان إلى ولاية تابعة إلى إيران تحت تصرف “الولي الفقيه”، وطرد المسيحيين كونهم غزاة! لا أدري إذا كان التيار العوني مسيحياً! أو “كنيسة” مار مخايل معبداً لفِرقة جديدة غير مسيحية!

يمكن حصر مهمة “حزب الله” بالعبارة التي كانت مدونة على العلم الأصفر “الثورة الإسلامية في لبنان”، وهذه الثورة هي تتمة للثورة الأم التي اندلعت في مدينة قم بقيادة الخميني!

ومن هنا يمكن حصر مهمة “حزب الله” بالعبارة التي كانت مدونة على العلم الأصفر “الثورة الإسلامية في لبنان”، وهذه الثورة هي تتمة للثورة الأم التي اندلعت في مدينة قم بقيادة الخميني.

من “الثورة الإسلامية” إلى “المقاومة الإسلامية” بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان وتماشياً مع إتفاق الطائف، أي مجاملة أو تقيّة؛ حرر جنود “حزب الله” الجنوب بدمهم – إلا عند عشاق نظرية المؤامرة، فلديهم مخيلتهم ونظريتهم الخاصة التي يستخدمونها مع حواسّهم غير المرئية وغير الموضوعية – لكن واجبهم لم يكن وطنياً ولا يمت ل “الوطن” بصِلة، بل كان ضمن خطة واضحة المعالم: تهيئة الظهور ل”صاحب الزمان”، وتحرير فلسطين لإثبات صحة عقيدتهم وأنها دين المحمدي الأصيل.

لا يستطع مناصرو “حزب الله” المؤدلجين الرد أو التعليق على هذا الكلام. ببساطة لأنهم يؤمنون به ولا يستطيعون إنكاره. بالمقابل، تجدهم يهرعون إلى معتنقي نظريات المؤامرة، للرد عليهم والتعليق على كلامهم. أصحاب نظرية المؤامرة يخدمون خطاب “حزب الله”، وليس العكس.

منذ أيام، سمعت مقطع مصور وصلني من أحد الأصدقاء، ل”رجل دين” على قناة وِصال، يكشف عن فتوى لـ”الخامنئي” يبيح فيها “أكل الجزر في رمضان بنية أرنب”. كانت ردة فعلي بسرعة أنني شتمت “رجل الدين” (بين قوسين، لأن اللقب لا يليق به)، لأنه اعتمد على كلام صادر من حساب ساخر للخامنئي…

أقرأ أيضاً في ملف “عيد التحرير” المزيد من الموضوعات و التحقيقات:

السابق
لبنان.. المقاومون «الحقيقيون» في صلب «17 تشرين»
التالي
علي الأمين يعلّق على توقيع إيران عقوداً لاستخراج النفط في سوريا: رد «جميل» من قبل النظام!