«حزب الله» في 38 عاماً.. من أداة «تحرير» إلى سلطة «إحتلال»!

حزب الله
٢٠٢٠.. ٢٠ عاما على تحرر "حزب الله" من لبنان! أعد موقع "جنوبية" ملفاً لمناسبة "عيد التحرير"، يقرأ فيه عبر سلسلة من الموضوعات والتحقيقات التغير في مفاهيم و أدبيات "المقاومة والعمالة" على مدى عقدين من الزمن، وتداعياتها على اللبنانيين والبيئة الشيعية.

الرعيل الاول من مؤسسي “حزب الله” من اتحاد “بيت الطلبة المسلمين” والعديد من المتأثرين بـ”الثورة الاسلامية في إيران” لم يكن ينتظر ان يتحول هذا التنظيم الذي بدأ بتدريبات اجراها 1500 مقاتل منه برعاية الحرس الثوري الايراني في البقاع الى قوة عسكرية كبيرة تبدلت ادوارها ووظائفها. ولم تتغير وظيفة سلاح “حزب الله” منذ تأسيسه فحسب بل تغيرت حتى كل ادبياته السياسية.

اقرأ أيضاً: البداية كانت من «الشرقية».. هكذا تسلّل «حزب الله» الى البلدة

فبين “الرسالة المفتوحة للمستضعفين” المعلنة في العام 1985 التي دعت “الأمريكيين والفرنسيين وحلفائهم بالتأكيد من لبنان، ووضع حد لأي كيان استعماري على أرضنا”، وتقديم الكتائب إلى “السلطة العادلة” وتقديمهم للعدالة “للجرائم التي ارتكبوها ضد المسلمين والمسيحيين” في حين يدعوهم إلى “اختيار خيار الحكومة الإسلامية”.في العام 2009 ( بعد 24 سنة من الرسالة المفتوحة) اعلن “حزب الله” عن إقرار مؤتمره العام لـ “الوثيقة السياسية” التي تعبر عن توجهات الحزب السياسية بعد سلسلة المراجعات والقراءات للتجارب السابقة من الانخراط في العمل السياسي الداخلي.

تبدلات كبرى

بيروت
بيروت

وبين العام 1985 و2009 وبعد التحرير في العام 2000 وحرب تموز 2006 و7 ايار 2008 طرأت تبدلات كبرى في مشروعية بقاء سلاح “حزب الله” وبات مضطراً ان يخوض في معركة سياسية لتبرير بقاء هذا السلاح وإيجاد وظيفة جديدة له. فبعد سقوط حجة المقاومة والتحرير وإنخراطه في معركة داخلية في 7 ايار للدفاع عن اصل وجود السلاح، يؤكد مراقبون لمسيرة الحزب ان اساس إطلاق وثيقة العام 2009  هو لببنة مشروع الحزب وإسقاط مفهوم “الدولة الاسلامية” في لبنان وعدم مشروعية قيامه لكونه يخيف الشركاء في الوطن ولا سيما المسيحيين وما لهاثه وراء تفاهم مار مخايل مع ميشال عون عراب 1559 وجبران باسيل صاحب نظرية إعادة عملاء لحد واسرائيل جارتنا ولا يؤمن بالعداء الايديولوجي معها.

عدم “زهد” “حزب الله” في الحياة السياسية الداخلية، ورطه في الكثير من السقطات الداخلية، فبعد خطيئة 7 ايار ومن ثم جريمة الانخراط في الحرب السورية في العام 2011 وخسارته البعد الداخلي السني وكذلك المحيط العربي السني والفلسطيني السني، غرق في وحول السلطة الداخلية، فصار السلاح للدفاع عن حق عون في الرئاسة على اعتباره الرئيس القوي في طائفته ومن ثم عقد تسوية ثانية مع سعد الحريري الاقوى في طائفته رغم محاولة الغائه مع وليد جنبلاط بقاتون انتخابات العام 2018 والذي فُصل على قياس “حزب الله” و”حركة امل” وسنة 8 آذار وسوريا  وحلفاءهما اي ميشال عون ومن اجل الاتيان بجبران باسيل نائباً اذ كان يعير انه الوزير الدائم في كل الحكومات بعد العام 2008 ولكنه النائب الراسب في انتخابات 2005 و2009 وبالتالي لا يمكن ان “تكتمل” شخصية باسيل “الرئاسية” بلا رئاسة التكتل كنائب وكرئيس حزب وهما ورثة من عمه عون والمطلوب ان يرث الرئاسة والتي باتت “كحلم ابليس في الجنة”.

“حزب الله” اليوم غارقاً في المستنقعات الاقليمية والدولية ومحاصراً من الاميركيين وملاحقاً من الاسرائيليين على “طرق النفس”

المبررات

ومنذ العام 2009 يؤكد المراقبون ان “حزب الله” اخترع مبررات لاسباب تشكيله للقطعات العسكرية المقاومة لطرد الاحتلال، واحالها الى غياب الدولة وعدم قيامها بمسؤوليتها، ولكي يبرر وجود سلاحة وربطه بمشروع السلطة كان عليه ان يخترع وظيفة جديدة سماها “منطق المقاومة السياسية”، وان وظيفة هذه المقاومة المزعومة مكافحة الفساد وإصلاح النظام السياسي وإن عليه ان يصحح هذا النظام وفق نفس المبررات التي حتمت المقاومة العسكرية.ومن سقطة الحرب السورية والعراقية واليمن والبحرين وخسارته العمق العربي والسني للمقاومة التي كانت مثار اعجاب وتقدير كل الشعوب العربية والخليجية في العام 2000 عند انجازها التحرير، يقف “حزب الله” اليوم غارقاً في المستنقعات الاقليمية والدولية ومحاصراً من الاميركيين وملاحقاً من الاسرائيليين على “طرق النفس” كما يقال ويئن تحت نير العقوبات المالية والسياسية والاعلامية وها هو يخوض في صفقة المولدات والبواخر ومعامل الطاقة والنفط المغشوش ويغطي حليفه باسيل في كل ممارساته ويتستر على فساد الشريك الشيعي المضارب نبيه بري كما يرى المراقبون ان اعدم المقاومة وساواها بمنطق العمالة عندما وافق على صفقة العميل عامر الفاخوري وقبله خرج فايز كرم وغيرهم من العملاء ووفق منطق البراغماتية الايرانية التي تغطي السماوات بالقبوات والضرورات عندهم دائماً ما تبيح المحظورات.

اقرأ أيضاً: «حزب الله» خذل اللبنانيين واحبط ثورتهم!

“حزب الله” وفق المراقبين امام تحديات كبرى وجودية ومالية وشعبية وسياسية ومع انخراطه في لعبة الحدود الفالتة والتهريب على انواعه وتصدير المقاتلين والسلاح واستيرادهم الى لبنان من سوريا والعراق واليمن، يفقد كل مشروعية وتبقى مقاومته الغارقة في فساد السلطة بلا غطاء حقيقي وعرضة للسقوط في اي لحظة.