نصرالله يلتف على «قيصر »..«قوة الردع »مقابل القوات الدولية!

ايران علم سوريا
في إطلالته امس حرص السيد حسن نصرالله ان يكون "اقليمياً واستراتيجياً " في خطابه، وللتخفيف من وطأة اي انسحاب ايراني من سوريا ومعها حزبه، عندما اختصر وجود الحرس الثوري وحزب الله بمجموعة مستشارين.

يعود الأمين العام لــ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى سابق عهده بالخطابات الإستراتيجية، تبعا للتغيرات الأقليمية في المنطقة المتصلة بالملف السوري وتحديداً من البوابة الإيرانية حيثما تدعو الحاجة، رغم أنه نشط في الآونة الأخيرة في خطابات داخلية ترسم خارطة طريق “دقيقة” للحكومة، لتسيرعليها في الملفات “الكورونية” والسياسية والإقتصادية والمصرفية وصولا إلى الدولار والغلاء، بما يشبه مسودة جلسة، حكومية تصدر مقررات تتماهى مع الخطوط العريضة لخطاباته، ولا تَحيد عنها قيد أنملة.   

غير أنه هذه المرة تخلى نصرالله عن هذه “الترهات” المحلية الملحة بحسب سلم الأولويات الإيرانية والسورية التي تسقط اللبنانية منها، واكتفى بتقديم “نصيحة” الى الحكومة اللبنانية ان اذا ارادت ان تعالج مسألة التهريب عبر الحدود السورية، التنسيق مع الدولة السورية، مشيرا الى أن المعالجة الجدية للتهريب تتطلب التنسيق الكامل سياسيا وامنيا مع نظام الأسد.

ذهاب لبنان في اتجاه سوريا سيجعله في موقع حرج امام عقوبات اميركية ستفرض على كل متعاون مع نظام الأسد

ولا شك ان نصرالله الذي توسع في الحديث عن دور ايران واذرعتها في سوريا، في الذكرى السنوية لاغتيال القيادي مصطفى بدرالدين، كان يستبق في جانب من خطابه بدء تطبيق قانون قيصر الأميركي، الذي سيبدأ تنفيذه الشهر المقبل (حزيران) بحسب ما  كشفت المتحدثةُ باسم الخارجية الأمريكية، جيرالدين غريفيث، قبل يومين.

قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين

و الجدير ذكره أن قانونُ “قيصر” هو لحماية المدنيين في سوريا، وهو اسمٌ للعديد من مشاريع القوانين المقترحة من الحزبين في الكونغرس الأمريكي، لمعاقبة النظام السوري وعلى رأسهِ بشار الأسد ومُعاونيه ماليًا، طالما أنَّ نظامه يرتكب جرائم حربٍ ضدَّ الشعب السوري.

إقرأ أيضاً: «حزب الله».. سلسلة «إنتهاكات» لبنانية كرمى للعيون الإيرانية والسورية!

وأوضحت غريفيث، أن قانون “قيصر” يوفر للولايات المتحدة “الوسيلة للمساعدة في إنهاء الصراع في سوريا من خلال تعزيز المُساءلة لنظام الأسد،

ودعم مبدأ محاسبة المسؤولين عن مقتل المدنيين على نطاق واسع وعن وقوع الفظائع بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية”.

وأكّدت المتحدثة الإقليمية أن: “القانون يضم عدداً من البنود الرئيسية التي تفرض عقوبات على النظام السوري وحلفائه، وعلى الجهات التي تساعده في الحصول على السلع والخدمات والتقنيات غير العسكرية التي تستخدم لتعزيز قدراته العسكرية”.

دعوة الى الارتماء في “حضن” الاسد!

نصرالله في خطابه هذا فرض على السلطة التي يديرها، عدم التناغم مع الخطة الاميركية، والذهاب مباشرة الى الأسد، وهي دعوة لا يمكن فهمها ولا تفهمها، اولا، لأن اللبنانيين غير متفقين على اعادة العلاقة مع نظام الأسد، فضلا عن ان الدول العربية لم تزل ترفض عودة سوريا الى الجامعة العربية.

ثانيا، ان الدولة اللبنانية التي تعاني من ازمة مالية واقتصادية، سلمت بالوقوف على ابواب الدول الكبرى وصندوق النقد الدولي، والذهاب باتجاه سوريا، سيجعل لبنان في موقع حرج امام عقوبات اميركية ستفرض على كل متعاون مع نظام الأسد.

يبدو نصرالله مدرك لما يقدم عليه، فهو قال بوضوح انه يرفض وجود اي قوة دولية على الحدود مع سوريا، معتبرا ان هكذا خطوة هي تحقيق لهدف من اهداف حرب تموز2006، وتتناقض مع قوة الردع التي تمثلها المقاومة في لبنان.

حرص نصرالله في خطابه، على تظهير صورة جديدة لطبيعة الوجود الايراني في سوريا، نافيا وجود قوات ايرانية، والجديد هو في التأكيد على ان هناك قوات سورية شعبية، سماها مقاومة، وشدد على ان “حزب الله” وايران لديهم مستشارون في سوريا، للتدريب والتنسيق مع النظام السوري ومع الميليشيات السورية. يمكن ادراج موقف نصرالله في سياق الرد على المعلومات المتواترة من اسرائيل ومن واشنطن وغيرهما عن خطوات ايرانية للانسحاب من سوريا.

مهد نصرالله بشكل غير مباشر لانسحاب ايران من سوريا بالرد مواربة على المعلومات المتواترة عن ذلك من اسرائيل ومن واشنطن وغيرهما

ما قاله نصرالله في ذكرى بدرالدين ينذر بمرحلة سيئة على لبنان، ذلك من خلال الاصرار على ان لا حلول للتهريب من غير التنسيق السياسي والامني مع نظام الأسد، وهو يعكس استعدادا لخوض مواجهة مع المجتمع الدولي في سوريا، يدفع لبنان المأزوم ضريبته، وفيما وصلت قيمة الليرة السورية الى ادنى مستوى في تاريخها، فان التقديرات تشير الى انهيار اكبر في قيمتها مع بدء تنفيذ قانون قيصر الشهر المقبل.

وطالما ان نصرالله متمسك بدعم نظام الاسد، ويفرض على لبنان هذا المسار، فالأكيد ان نصرالله سيكون متفرجا على مزيد من الانهيارات المالية والاقتصادية بسبب العقوبات التي تنتظر وتسبق اي خطوة تنسيق بين لبنان ونظام الأسد.

السابق
«غضبة»على تفلت المغتربين..وعودة «كورونا» إلى المربع الأول!
التالي
اليكم أسرار الصحف المحلية الصادرة اليوم 14 أيار 2020