السيد محمد حسن الأمين: الإعجاز القرآني يتيح للجميع الحد الأدنى من التفسير النسبي

السيد محمد حسن الامين

أكد العلامة السيد محمد حسن الأمين “إنّ البعض من الذين يُبدون بعض الآراء والإشكاليات حول النص القرآني، لجهة كونه نصاً تاريخياً وليس نصاً أبدياً، وأنه صَلُح لأن يكون خطاباً للعرب وربما لغيرهم، وذلك في القرن الأول لنزول الإسلام، وأنّ هذا النص هو كبقية النصوص الأدبيّة والفكريّة والعلميّة التي يتمّ تجاوزها فيما بعد، وبالتالي فإنّ علينا وفق هذا الرأي أن نقرأ القرآن بوصفه إنجازاً تاريخياً قابلاً لأن يتجاوزه الزمن”.

الإعجاز التاريخي للقرآن

ولفت في موضوع “الإعجاز التاريخي للقرآن”، أن “هذا الإشكال ليس جديداً في مواجهة القرآن الكريم، ولكنه تجدد بصورة أكثر تطرفاً في المنعطف التاريخي الذي شهد فيه الإنسان التعرف على بعض معطيات العلم المادي، وخصوصاً عندما بدأت تظهر ثمرات هذه العلوم المادية، التي استولدت في كثير من الطبائع البشريّة تحولاً سلبياً عن الدين بصورة عامّة، وانبهاراً لا منطقياً في إنجازات العلم البشري”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: عبادة الصوم هي قوة الإمتناع أمام المغريات

واردف”: ولكن هذه الموجة ـ من وجهة نظري ـ قد انحسرت، أو هي آخذة في الانحسار أكثر فأكثر كلما بدأ الإنسان يزداد معرفةً، ويرى بصورة أوضح مساحات الجهل الواسعة التي جعلت الإنسان يدرك أنّ ما أنجزه من المعرفة والعلوم هو جزء يسير جداً من المساحة اللانهائية، التي يسعى الإنسان للوصول إليها، وهو ما زال في أول الطريق، الأمر الذي جعل العقل البشري يستفيق مجدداً على تساؤلات الوجود والعدم والغيب ويجنح مجدداً لأنّ العلم غير جاهز لتقديم إجابات لهذه المسائل المستحيلة”.

حول مسائل الغيب

ورأى “أنّ الدين ما يزال هو المصدر الضروري للجواب عن أسئلة الإنسان حول مسائل الغيب، ومسائل الوجود والعدم والموت؛ بما يجعلنا نتفاءل بأنّ العصور القادمة سوف تكون أقرب إلى الشعور بالحاجة الملحة للدين؛ وبالتالي لمراجعة الأديان السماوية ونصوصها، ومحاولة قراءتها بما يتناسب مع ما يكون قد توصّل إليه الإنسان من معرفة بالكون أعلى بكثير من معرفة الجيل الإنساني الراهن”.
و أوضح في هذا المجال ولكن من ناحية أخرى “يعترض البعض بخصوص النص القرآني الكريم على أنّ هذا النصّ يفترض فيه أن يكون نصاً واضحاً وضوحاً كاملاً؛ لكونه خطاباً للناس جميعاً، ودعوة لهم لتبني هذا النص والتدين بدين الإسلام، وهم ـ أي هؤلاء المعترضون ـ يرون أنّ الغموض الموجود في هذا النص لا يسمح لكل مستويات البشر العقلية والثقافيّة أن تستوعبه وتتفهمّه تفهماً كاملاً”.

الأمين: نوافق على القول بأنّ الاستيعاب الكامل للنص القرآني في محكماته وفي متشابهاته هو أمر شبه مستحيل لجيل من أجيال البشر

وفي تكوين إجابة قال العلامة الأمين”: نوافق على القول بأنّ الاستيعاب الكامل للنص القرآني في محكماته وفي متشابهاته هو أمر شبه مستحيل لجيل من أجيال البشر، وحتى لمن توفروا على حظ كبير من العلم والمعرفة”، مضيفاً: “ولكن بالرغم من ذلك ـ وهذه إحدى وجوه الإعجاز في القرآن الكريم ـ فإنّ كلّ قارئ مهما ضؤلت معرفته وثقافته، عندما يقرأ القرآن فإنه يستطيع أن يتوفّر على الحد الأدنى من المعاني الضرورية لفهم العقيدة، وهي عقيدة التوحيد ومستلزماتها الأولية، فيما يمكن لقارئ أكثر ثقافةً وعمقاً أن يتوفّر على مستوى أعلى من هذا الحد الأدنى، وصولاً إلى أعظم القرّاء الذين يبقى تفسيرهم للقرآن تفسيراً نسبياً واحتمالياً وليس نهائياً”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: العلم يقود إلى التطلع لا إلى إنكار الدين

الكون المسطور والقرآن المنثور

ووجد انه “في ساحة التأمل التي ينطلق منها هذا الفهم يمكنني القول أنّ القرآن بوصفه كتاب هداية لا يمكن أن يكون نصه بالمعروف لدينا أقل مما هو عليه فهو إذا تعمّقنا بمؤشرات الهداية التي يتضمنها القرآن الكريم، لوجدنا أنّ هذا الحجم من السور والآيات والكلمات التي يتضمنها هذا النص العظيم، هي الحد الأدنى من الكلام الذي يكفي للاشتمال على منطلقات الهداية الواسعة التي هي مهمة هذا القرآن، وهو في نظرنا استطاع أن يجمع بين الاختصار والاتساع في آنٍ واحد، وهذا كما أشرنا سابقاً أحد وجوه إعجازه وخلوده”.
وختم مستشهداً “هناك قول مأثور بأنّ القرآن هو الكون المسطور وأنّ الكون هو القرآن المنثور وكلا الأمرَين؛ الكون والقرآن لا حدود لهما”.

(من كتاب “أمالي الأمين” للشيخ محمد علي الحاج)

السابق
حوادث سير وإنزلاقات بالجملة..وفاة معاون وجرح 5 اشخاص!
التالي
الطقس يتحسن..العودة الى الطقس الربيعي ليلاً!