«ثورة تشرين» تتوعّد الحكومة: لا مفاضلة بين من نهبنا أو سينهبنا

لبنان ينتفض

فيما أدّى انتشار فيروس “كورونا” المستجد في لبنان الى اخماد ثورة 17 تشرين، مع اعلان حالة التعبئة العامة ومنع التجمعات، عاد نبض الشارع مجددا على الرغم من جميع الاجراءات في ظل الغلاء الفاحش والتدهور المعيشي الحاصل بسبب التشدد بالقيود المصرفية، وتأخر الحكومة اللبنانية بوضع خطة اصلاحية وصرف المساعدات المالية للعائلا الأكثر فقرا.

وصدر عن لقاء تشرين البيان التالي:

يتعاظم غضب المواطنين في كل المناطق أمام تمادي قوى المنظومة الغنائمية والوصيين الاقليميين عليها في تجاهل حقوق المواطنين الأساسية، والذين تُركوا لجوعهم أمام غياب كامل للإجراءات الملحة على المستويات الاجتماعية والمالية والاقتصادية والتي من شأنها تمكين الناس من الالتزام بالحجر الصحي المنزلي، هذا الحجر الذي حولته السلطة إلى حجر أمني بعدما غابت عنه الإجراءات الاجتماعية والمالية والاقتصادية التي تخفف من عبء الازمة عن الناس وعن البلد واقتصاده، والذي يُراد منه شلّ قدرة اعتراض المواطنين والفئات الاجتماعية على نهب ما تبقى من مواردها ومدخراتها.
فبعد ثلاثة أشهر على تشكيلها تتمادى الحكومة “الواجهة” بمدح نفسها على إنجازات وهمية، غير أن ما يطغى على أدائها هو تخبطها الدائم؛ ويلحق اعترافها بإفلاس البلد تسريب الخطط الاقتصادية ومن ثم سحبها، والعمل على تشريع حجز المصارف لأموال المودعين ومحاولة الاستيلاء على الودائع والتحويلات والاقتطاع منها، كما وتمرير تمويل مشاريع ضارّة بالبيئة وبالناس ومسببة لتفاقم وضع المديونية العامة (مثل سد بسري)، بينما تفشل في توزيع المساعدات بسبب عشوائية خطواتها واستمرار ذهنية المحاصصة والزبائنية. يضاف إليه الانتهاك المتمادي للقانون والدستور في مسألة إعاقة التعيينات القضائية الأخيرة، وتعيينات كتّاب العدل الفئوية وفضيحة الفيول الفاسد، والعجز المطلق عن ضبط الأسعار وضبط المتلاعبين بصحة الناس وبرغيفهم.

اقرأ أيضاً: ثورة 17 تشرين لن تنطفئ.. دعوات للتجمع ومسيرات سيارة!

أين هي الحلول والرؤى؟ وأين هي الخطوات الجدّية الحامية لحياة المواطنين؟ وأين هي التدابير الحكومية الحقيقية لمواجهة الجوع الذي يجتاح الخارطة اللبنانية؟
أمام ذلك لا يجد المواطن إلاّ حكومة واجهة وستارة لقوى أخرى، حكومة الظلال والصدى، فيما القرار الفعلي هو في يد تحالف ثنائي متكوّن من حزب الله والتيار الوطني الحرّ الذي يتحمّل مسؤولية الأداء الحالي، لكونه كان شريكًا في الأداء الحكومي منذ خمسة عشر سنة على الأقل. كما لا يمكن للحكومة التغطية على فشلها ومواجهة انفجار الغضب الشعبي عليها بالهجوم الاستباقي على شركاء الأمس، وتقاسم الأدوار معهم بين سلطة ومعارضة بينما تعمل الدويلة على استكمال وضع اليد على ما تبقى من مقدرات البلاد ومراعاة احتياجات محورها الإقليمي!
هذه المعارضة الوهمية اليوم قد أسهمت فيما وصلنا إليه. فهي التي أمنت النصاب المطلوب لكي تحصل هذه الحكومة على الثقة، وهي التي جرّدت نفسها من أحقية الاعتراض عليها عندما دفعتها الى تبني موازنتها وخططها الاقتصادية.
إن الحكومة تتلطى بالجائحة، وتتلكأ عن اتباع سياسة ناجعة تستند إلى تكثيف الفحوصات اليومية لتحديد البوصلة، بل إنها تستخدم الوباء للتغطية على مسؤوليتها في المبادرة إلى مواجهة الكارثة الأكبر المتمثلة بالانهيارين المالي والاجتماعي وتداعياتهما. كما وتتعامى عن وجود مئات الألوف ممن فقدوا وظائفهم وشحّت مداخيلهم، وتنقضّ على أصول الدولة وتشجع ما تقوم به أحزاب طائفية ضمناً عبر توزيع كراتين إعاشة وكمامات، لإحياء آليات الاستقطاب الطائفي بوهم القدرة على محو الأسباب التي فجّرت ثورة تشرين. وتتكرر معها لغة تهديد الثوّار ظناً منهم أن اعتماد القبضة الأمنية وتقنين الحريات العامة هو أقصر الطرق لتغطية العجز عن تقديم أي حلول توقف الانهيار من جهة، ومن جهة ثانية تضع البلد أمام استحقاق ما سمي بـ “صندوق التعافي” المفترض أن يشتمل على كل ممتلكات الدولة اللبنانية، أي ممتلكات الشعب اللبناني، والمقامرة بها على مذبح مصالح الكارتل السياسي – المصرفي المسؤول عن نهب البلد وإفقاره.

إن بلدنا لبنان يمر في لحظة تحولٍ مفصليّ في تاريخه، فغداً سيخرج الناس من الحجر الصحي ليجدوا حطام بلد، من حيث انهيار المؤسسات، وبطالة متفشية لم يعرفها من قبل، وإمكانات معدومة نتيجة سياسات من حكمنا ونهبنا في الثلاثين سنة الماضية، ومن يحكمنا وينهبنا اليوم، كما ومِنْ مَنْ يريد إحكام قبضته على السلطة بشكل شمولي وسيحكمنا وسينهبنا لثلاثين قادمة.
ويبقى شعار ثورة تشرين “كلن يعني كلن” بوصلة التحرك الشعبي الذي لن يتأخر أمام الفشل الذريع لكافة مكونات السلطة عن العمل لإسقاط الحكومة-الواجهة، والذي يطرح اليوم قيام حكومة انتقالية بصلاحيات تشريعية من كفاءات مستقلّة عن أحزاب المحاصصة الطائفية، حكومة توفر الدعم الفوري لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولأكثر من 600 ألف عائلة تفاقمت معاناتها في ظل الحجر المنزلي، لكي تقود مرحلة إعادة تشكيل مؤسسات السلطة كلها واعتماد برنامج محدد تنجزه خلال الفترة الانتقالية يتضمن:

  • تشكيل لجنة خبراء مستقلين لإعداد قانون انتخاب ديمقراطي تصدره الحكومة الانتقالية بمرسوم تشريعي، وتشكيل هيئة وطنية كاملة الصلاحيات لتنظيم الانتخابات على أساسه. على أن ينتخب المجلس النيابي الجديد رئيسًا جديدًا للجمهورية.
  • إعداد خطة انقاذ اجتماعي – مالي – اقتصادي فورية تراعي العدالة الاجتماعية ومتطلباتها. وإصدار المراسيم التشريعية الضرورية لتكريس استقلالية السلطة القضائية ولتمكينها من الإفراج عن أموال اللبنانيين المحتجزة واستعادة الأموال المنهوبة آو الثروات التي تكونت بطريقة غير مشروعة ومحاسبة المتورطين بالفساد وبالاستيلاء على المال العام.
  • بسط سيادة القانون ومؤسسات الدولة الشرعيّة صاحبة الحق الحصري بالسلاح واعتماد سياسة خارجية مستقلة تخدم المصالح الوطنية وتستعيد دور لبنان العربي.

يشدد لقاء تشرين في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد على أهمية المبادرات في المناطق وفي المركز، لإبقاء ثورة تشرين على زخمها وعلى مبادئها المواطنية الجامعة من جهة، وإلى تكثيف وتطوير كافة جهود التعاون والتنسيق من جهة ثانية، بهدف إسقاط نظام المحاصصة الطائفية الغنائمية واستعادة الوطن والدولة العادلة والراعية لجميع اللبنانيين، وإرجاع الصراع إلى اسسه الحقيقية بين اللبنانيين الذين رأوا في ثورة تشرين الهواء النظيف وبين قوى التسلط إما الممسكة بالسلطة اليوم أو تلك الأطراف التي جرى إخراجها من جنة محاصصة الحكم!

السابق
ثورة 17 تشرين لن تنطفئ.. دعوات للتجمع ومسيرات سيارة!
التالي
ربع مليار جنيه إسترليني.. خسارة القطاع السينمائي في لندن بسبب كورونا!