الكورونا تستعيد الكوليرا.. «جنوبية» تنشر مذكرات «مرعبة» للسيد محسن الأمين في جبل عامل

السيد محسن الامين
الهواء الأصفر أو الكوليرا، كان عدوّ الانسانية الأول والمرضّ الفتاك المعدي الذي لا يرحم مطلع القرن الماضي، قبل أن تأتي أزمنة الأوبئة الفتاكة وآخرها "كورونا". وتنشر "جنوبية" مقطعاً للمرجع السيد محسن الأمين في كتابه "أعيان الشيعة" يروى ما جرى معه في بلدة شقراء سنة 1918 من مآسي وباء الكوليرا...

في تأريخ لواقعة اجتياح وباء الكوليرا جنوب لبنان قبل نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 والذي حصد الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، يقول المرجع السيد محسن الأمين:

 وقع الوباء في جبل عامل المسمى بالهواء الأصفر (الكوليرا)، حتى أنه مات في يوم واحد في قريتنا (شقرا) وهي قرية صغيرة اثنا عشر نفسا، وكان الوقت صيفا ودخل في أثناء ذلك شهر رمضان وامتنع الناس من تغسيل أمواتهم ودفنهم حتى الأخ من تغسيل أخيه وحمله إلى قبره ودفنه خوفا من العدوى.

اقرأ أيضاً: النبطية في كنف العائلات السياسية

 الوباء الأصفر

وزاد في الطين بلة ان الجندرمة (الشرطة التركية) كانت تجول في القرى تطلب الفارّين من الخدمة العسكرية، فأغلق الناس بيوتهم واقفلوها واختباوا فيها، فوظفنا لتغسيل الرجال رجلاً فقيراً يسمى (علي زين) ولتغسيل النساء، امرأة تسمى (عمشا بنت الذيب).

 فكان كلما توفي واحد يُغسله علي الزين أو عمشا ونذهب إلى البيوت ندق عليهم الأبواب، ونقول لهم اخرجوا ولا تخافوا من الجندرمة فإنا معكم، فيخرجون ويحملون الجنازة وأنا خلفهم، ومع ذلك إذا وصلوا إلى منعطف يتسلل بعضهم، فلا أزال معهم حتى نصلي على الجنازة وندفنها ونعود إلى البيت، فما نكاد نصل حتى يأتينا خبر جنازة أخرى فنذهب إلى أن ندفنها وهكذا طول النهار.

اقرأ أيضاً: الوطنية والفخر في شعر بولس سلامة ونثره

وتوفيت امرأة فقيرة فأبى كل أحد ان تُغسّل قرب بيته، وكان هناك خَربة فقلت غسلوها فيها، فأبى ذلك الجيران فقلت غسلوها في المعصرة، ففعلوا ولم نجد من يحملها، فصادفنا رجلين وامرأة، فألزمتهم بحملها فحملوا جوانب النعش الثلاث وحمله انا الرابع، إلى أن صادفنا رجلاً فحمل مكاني، ثم صادفوا مني غفلة، فانسلّوا وتركوا الجنازة في الزقاق، إلى أن فاجأنا جماعة فألزمتهم بحملها فحملوها،.

 وأما أقرباؤنا، فخرجوا من القرية إلا قليلا، منهم فبعضهم ذهب إلى الصوانة، وبعضهم إلى صِدّيق (مكان قرب تبنين) وأصررت على البقاء في شقراء. الخ..

(أعيان الشيعة، المجلد العاشر، ص366)

السابق
كي لا تزور الطبيب.. حافظ على نظافة أسنانك وابتعد عن غسول الفم!
التالي
بعد تعميمي سلامة.. الدولار مستمر بالتحليق!