«صراع البقاء».. وثائقي عن جحيم السجون السورية

سجون سوريا
يروي فيلم "صراع البقاء" شهادات معتقلين سوريين خرجوا من جحيم سجون الأسد ويصورها بشكل درامي زاخر بالألم والإبداع معاً

كيف لك أن تتخيل السجن، هذا ما أورده معتقلون سابقون في سجون النظام السوري عبر وثائقي أنتجته قناة الجزيرة وحمل اسم “صراع البقاء” لينقل تجارب معتقلين سابقين لدى النظام عبر شهادات حية مسجلة ومشاهد تمثيلية بالغة القسوى كشفت جانباً صغيراً جداً من فظائع نظام الأسد بحق الشعب.

الشريط المصور الذي بثّ ليلة الأحد، تفوق على ما قدم سابقاً من أفلام وثائقية بكسر الصورة التقليدية للوثائقي الذي يظهر فيه المتحدث ضمن مكتب أو يجلس على أريكة ليتخذ من سينوغرافيا المكان دلالة واضحة على روح الحكاية، ويأسر تلافيف المشاهد لمدة خمسين دقيقة في حالة مزج بين الشهادة الحية والمشهد التمثيلي عبر تقنية الكرتون.

وخلال الفيديو روى مجموعة من المعتقلين مراحل متعددة من عذابات السجن مع تجاربهم المختلفة في سجون عسكرية ومراكز اعتقال، وركزّ الفيلم على الجانب الحياتي للمعتقل ضمن الزنزانة في محيط اجتماعي يتشارك فيه الطعام والموت والألم والمعاناة مع رفاق له، فلم يغرق الفيديو في عرض أساليب التعذيب بل تحدث في مسببات الموت وصراع المعتقلين للبقاء على قيد الحياة رغم مخاض الألم المرير الذي يعيشونه.

وهنا بدا الحياد في رواية الحكايات أكثر إقناعاً من الاستعطاف، فلم تأتِ سيمياء الوجه ولغة الجسد لتستدر مشاعر الجمهور بقدر قوة التفاصيل المسرودة عن قصص حية حدثت داخل غرف الاعتقال، فكان الجواب الأكثر وروداً لدى المعتقلين الجدد حسب رواية الفيلم هي مقارنة أساليب التعذيب ومرارة الحياة برواية “القوقعة” للكاتب مصطفى خليفة والتي صوّرت مرارة الاعتقال في سجن تدمر العسكري، ليظهر خليفة في الفيلم أيضاً بشهادة تربط بين شهادات المعتقلين ومدى مقاربة ذلك في الرواية.

إقرأ أيضاً: الائتلاف المعارض يطالب دول العالم إنقاذ المعتقلين في سجون الأسد من جحيم الكورونا

كما اهتم الفيديو بأخذ شهادة طبيب نفسي سبق وتعرض للاعتقال في سجون الأسد، للحديث عن المعاناة من جانب علمي دقيق، وهذا يحسب لصناع الفيديو بتركيزهم على شرح ما يعانيه المعتقل من أزمات نفسية قد تودي به إلى الانهيار أو حالة “الفصلان” التي وضحها الطبيب النفسي في الفيلم.

كما استعان الفيلم بضابط سابق انشق من إدارة المخابرات العامة ليروي كيفية تفكير عنصر الأمن في التعذيب ومدى إحساسه بالمعتقلين والنهج الذي يتبعه في التعامل معهم، كما استرشد الفيلم بآراء مختصين من منظمات إقليمية ودولية حول حالات الانتهاكات في السجون السورية وتوثيق ذلك عبر أخذ شهادة مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

تنوع واضح في الشهادات لم يحدث خللاً في تراكبية الفيلم، بل بدا وثائقياً سلساً لم يحمل المماطلة بل تنقل بانسياب بين المحاور التي تضمنت الطعام والرعاية الصحية وظروف الحياة داخل غرفة الاعتقال والحياة الاجتماعية التي تربط بين المعتقلين.

ويأتي الفيديو بالتزامن مع مطالبة جهات دولية واسعة من النظام السوري فتح السجون ومراكز الاعتقال امام الجهات الدولية لمراقبة وضع السجناء خشية تفشي وباء “كورونا” في دول العالم ووصوله إلى سوريا.

السابق
طلب من «القضاء الأعلى» إلى القضاة: للبتّ سريعاً بطلبات تخلية السبيل!
التالي
«التقدمي» يستهجن منطق الاستفراد: محاولات اختزال الدولة مرفوضة!