خطاب نصرالله.. بين وجهين.. المقاوم والمساوم

السيد حسن نصرالله

بكثير من الاستعلاء تحدث أمين عام حزب الله حسن نصرالله، مرتدياً العديد من الاوجه المستعارة، وهو يخاطب اللبنانيين عامة، وبكثير من العتب يخاطب جمهور حزب الله المقاوم، كإطلالة لتبرئة يديه من حبر حكم الافراج عن أخطر عميل وأكثر العملاء إجراماً. حتى أنه لم يتناول حكومته التي شكرها الرئيس الامريكي دونالد ترامب على اخراج الفاخوري، بل ذهب ليثني على ادائها المتميز على حد تعبيره، هكذا كشف نصرالله بكلمته أن حزب الله المقاوم مختلف كليا عن حزب الله السياسي المساوم.

إقرأ أيضاً: نصرالله..خطاب التحولات الأخطر منذ عقد.. «تبرير وترهيب» الحلفاء قبل الخصوم!

فكان أمام السياسات الدولية مهزوماً مكسوراً لا حول له ولا قوة الا استجداء قوى العالم وأهمهم اميركا ليقول أنه في الميدان السياسي قادر على المساومة، اما في ميدان الشارع فهذا شأن شيعي داخلي له علاقة بثقافة فقهية.

وما لم يقوله أحد أن الافراج عن العميل الفاخوري هو ابداء حسن نية لإخراج حكومة حزب الله من الشرنقة التي وضعها الحزب نفسه وحلفائه فيها، بإستمالة الاميركي دون العبور بالخليج العربي والاوروبي، للتعامل مع حكومته التي يديرها حسان دياب. فبدت الاوجه مترهلة ومتكررة.

وبين الصمت الحكومي وقراءات الشارع، تصدعت الكرامة الوطنية وانتهكت سيادياً، بتعدد انتهاكات العهد للدستور بحماية حزب الله وأمينه العام شخصياً.

ليبتدع محور “الانتصار الإلهي” مفهوم التواضع الجديد، أمر فيه من السذاجة ما يكفي لحد الاستحمار، لأن التواضع امام الكبار انكسار وهزيمة، اَما الانحناء أمام الضعفاء فهو التواضع بعينه. لذا تواضع الى حد الانزلاق مع الامريكي، وكابر وتكبر الى حد الألوهية مع جمهور ولبنانيين.

ولأن السيد جاهر بانتقاده لانتقادات الحلفاء له، وهو يتحدث بغلو وتكبر مستلهماً ومستذكراً خطاب ٧ آيار لاستنهاض الشارع السني لإعادة شحن وتجييش الشارع الشيعي كخطوة استباقية لقطع الطريق امام اي متغير. قد تحدثه الانتفاضة، فاذ بالشارع السني غير جاهز ولا متموضع.

وهكذا يكون حزب الله السياسي سجل على حزب الله المقاوم انتصاراً جديداً بفتح ثغرة في جدار علاقاته الدولية وخاصة الامريكية، بهدف استجرار موقف دولي يساند حكومته، بعدما دفعت امريكا والاوروبيين والسعوديين الى تشكيل حكومة اللون الواحد للوصول الى تطويع حزب الله، وبحسب المصادر الدبلوماسية أن الامريكي لم يكن يتوقع أن يطوّع الحزب بهذه السرعة ليقدم تنازلات لها علاقة وطيدة بمفهوم المقاومة، وبعلة وجودها، واعتبر المتابعون أن قبول حزب الله باطلاق سراح العميل الفاخوري هو دليل أن الحزب يقبل بأي تنازلات تطلب منه في حكومته، لأنه يدرك ويعلم في السياسة الامريكية من يقبل بتنازل واحد لن يرفض التنازلات الآخرى التي تطلب منه.

في وقت ينهمك اللبنانيين في مواجهة الازمتين الاقتصادية والطبية بعدما فتك بلبنان فيروس الفساذ ولصوص السياسة سارقي حلم الشباب،، والآخر فيروس “كورونا المستجد” الذي يهدد صحة لبنانيين متروكين لقدرهم.

فكان أمين عام حزب الله هذه المرة ضعيفاً بغياب فريق سياسي عن واجهة التجاذبات التي كان يشحن فيها جمهوره ليكون غب الطلب، من هذا المنطلق أسهب السيد في مخاطبة “الشارع الشيعي”، فارضاً حضوره بهالة مقدسة عليائية محاولاً اقناعه عندما قال “من نكد الدهر بعد هالشيبة إنو إطلع على التلفزيون لدافع عن حزب الله بموضوع عميل”، ليستتبع اعادة امساك الشارع بالتذكير ب ٧ ايار تذكير في غير محله.

فكان مرة العالم والداري بخفايا الامور، ومرة كان يدافع عن لبنان من تهديدات امريكية لا يعلم بها الا هو.
فهل اطلاق سراح الفاخوري هي بداية تراجع حزب الله وطي صفحة المقاومة؟
أم أن هذه الازدواجية هي انقسام داخلي في الحزب؟

السابق
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الأخبار المسائية لليوم22/3/2020
التالي
فيروس “متحوّل” وتحوّلات إنسانية بلا حدود