في نقد كلام الشيخ كوراني عن «كورونا»: الأحكام الفقهية تُجيز تطهير المراقد!

بعد انتشار ڤيديو للشيخ علي كوراني منتقداً الإجراءات الصحية التي تقوم بها العتبات المشرفة في العراق وإيران للحد من انتشار ڤايروس كورونا، كيف علّق الدكتور الشيخ ابراهيم العاملي؟

انتشر منذ أيام ڤيديو لأخي العزيز فضيلة الشيخ علي كوراني المقيم في مدينة قم الإيرانية وهو ينتقد الإجراءات الصحية التي تقوم بها العتبات المشرفة في العراق وإيران للحد من سرعة انتشار وباء ڤايروس كورونا المستجد، ووجه – سلمه الله –  نقده بالخصوص لمتولِّي مرقدي الإمامين علي بن أبي طالب عليه السلام في مدينة النجف الأشرف العراقية وعلي بن موسى الرضى عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة الإيرانية، وقد صرَّح الشيخ كوراني بأن التعقيم الحقيقي يكون باللجوء لمراقد أهل البيت عليهم السلام، واليقين الواقعي يكون بالتسليم بتدخل أهل البيت عليهم السلام لشفاء مرضى الوباء وغيره ..

قد يكون الشيخ كوراني محقَّاً في ضرورة اللجوء واليقين بأهل البيت عليهم السلام، ولكنه نسي أن أهل البيت عليهم السلام أنفسهم أمرونا لنهيئ أسباب الشفاء الطبيعية إلى جانب التوسل والدعاء ، فقد ورد أن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام نظر يوماً إلى امرأة تدعو لدابَّتها بالشفاء من مرض الجَرَب فقال لها عليه السلام : ” هلَّا ضممتِ إلى دعائك قليلاً من القَطِران “، فمع الدعاء أمرها عليه السلام أن تدهن جلد الدابَّة بمادة القطران لتشفى دابتها من الجرَب ..

من سنن الأنبياء والأوصياء عليهم السلام اللجوء إلى الطب والدواء!

ومن سنن الأنبياء والأوصياء عليهم السلام اللجوء إلى الطب والدواء، فهذا نبي الله موسى عليه السلام أمره الله باللجوء إلى الطبيب عند مرضه فأوحى إليه تعالى أن يذهب إلى الطبيب عندما مرض عليه السلام وقال تعالى له : ” إني جعلتُ رزق عبادي بيد عبادي ” ، بمعنى إنك إذا أردت أن يرزقك الله الشفاء فعليك باللجوء لأسبابه الطبيعية مع أن موسى عليه السلام هو كليم الله ويستطيع بالدعاء والطلب منه تعالى أن يشفى بالمعجزة .

وهذا أمير المؤمنين عليه السلام جاء إليه إمامنا الحسن عليه السلام بمتطببي الكوفة ومنهم أثير الكوفي وذلك عندما ضربه ابن ملجم على أم رأسه بالسيف المسموم .. وفقهاء الإمامية مجمعون على حجِّية قول الطبيب الثقة الحاذق، وعلى حجية الرجوع إلى الأطباء بوصفهم خبراء من باب حجية قول أهل الخبرة فيما هم خبراء فيه.

إقرأ أيضاً: بالفيديو: تعقيم الأضرحة ومنع الزيارات تشكيك بالقرآن..بدعة جديدة لكوراني!

 ولما شهد الأطباء الخبراء أن وباء كورونا يتفاعل انتشاره بقوة في التجمعات لذلك ألزموا الناس بالامتناع عن التجمعات، فاستجابت المرجعيات الشيعية لمنع التجمعات بالفتوى محمِّلة من يعلم بكونه مصاباً بالمرض مسؤولية معالجة من يتسبب بنشر الوباء إليه وملزمة إياه بدية القتل العمد أو شبه العمد فيما لو تسبب بقتل من نشر إليه الوباء عمداً أو شبه عامد فيما لو كان يجهل بكونه مصاباً وخالط الآخرين على تفصيل فقهي في الفتاوى، لذلك نهى فقهاء الشيعة الناس عن صلاة الجمعة والجماعة، وهذا له نظيره في فقه الشيعة ففي حال وجوب صلاة الجمعة بتوافر شروطها يسقط وجوب الحضور فيها عند تساقط المطر وما شاكل من الأحكام ..

ولم يلتفت الشيخ كوراني إلى أن القتل والتسبب به هو من كبائر الذنوب المحرمة المنصوصة في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، في حين الدخول إلى مراقد أهل البيت عليهم السلام وزيارتهم هو من المستحبات المؤكدة، ومن مسلمات فقه الشيعة عدم إجازة الوقوع في الحرام – وهو قتل الزوار والمصلين في مراقدهم عليهم السلام أو التسبب بذلك – في طريق فعل أمر مستحب مؤكد وهو زيارتهم عليهم السلام ..

لم يلتفت الشيخ كوراني إلى أن القتل والتسبب به هو من كبائر الذنوب المحرمة!

 يضاف إلى ذلك عدم التفات الشيخ كوراني إلى أن خروج الزائر إلى مراقدهم عليهم السلام في ظل انتشار الوباء هو مظنون ومحتمل الضرر بل هو أصبح شبه مقطوع بوقوع الضرر منه عن طريق انتقال الوباء إلى الزائر الذي يريد الخروج للزيارة ، ومن الأحكام العقلية – المبحوثة في علم أصول فقه الشريعة في مبحث المستقلات العقلية وهي الأحكام العقلية التي يمضيها الشارع المقدس – من هذه المستقلات العقلية : ” وجوب دفع الضرر المحتمل ” المظنون فكيف بالضرر شبه المقطوع بوقوعه مع ازدياد نسبة انتشار وباء كورونا في العالم وطرق سرعة انتقاله بالمخالطة والمصافحة والمجاورة والملامسة والتلاقي !

وقد ورد في سيرة النبي صلى الله عليه وآله أمره لمعاذ بن جبل وجماعة الصحابة إذا انتشر الوباء في بلاد الشام أن لا يخرج منها أحد ممن دخل إليها في إشارة منه صلى الله عليه وآله إلى ضرورة العزل الصحي، وكذا ورد في السنة الشريفة ما يدل على الحجر الصحي فيما نقله العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي في كتابه الخالد : ” بحار الأنوار ” ، ج 59 ، ص 213 ، روى بسنده عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام ، قال : ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أقلوا من النظر إلى أهل البلاء ولا تدخلوا عليهم ، وإذا مررتم بهم فأسرعوا المشي لا يصيبكم ما أصابهم “، في إشارة منه صلى الله عليه وآله إلى ضرورة اجتناب المبتلين ومما يشمله الحديث في عمومه المصابين بعدوى الوباء التي من بديهياتها ترك التوافد إلى أماكن التجمعات، وهو ما لم يلتفت إليه الشيخ كوراني في حديثه، وكلامه في استنكار التعقيم للمراقد المطهرة كأنما يقول بطريق غير مباشر”إن هذه المراقد غير قابلة أن تدخلها النجاسات”،  مع أن كل فقهاء الشيعة ومراجعهم قرروا في رسائلهم الفقهية العملية أحكاماً مفصلة لتطهير هذه المراقد على ساكنيها بما لا يعارض “اليقين” والإيمان بفضائل أهل البيت وكراماتهم.

السابق
غضب من البقاع الى الجنوب تُشعله «شائنة» حزب الله..«العمالة» أشد فتكاً من «كورونا»!
التالي
إصابة بـ«كورونا» في طرابلس.. هذا ما أعلنه النائب درويش!