هل سيعلن نصرالله الأحد المقبل أنه صار حاكماً لعاصمتيّن؟

قاسم سليماني وحسن نصرالله

يتوقع المراقبون أن تكون كلمة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاحد المقبل في الذكرى الاربعين للقائد السابق لـ”فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني ،مؤشرا الى مرحلة جديدة في تاريخ الحزب الذي سيتولى أدواراً جديدة في لبنان والعراق معا، نتيجة التطورات الجارية في البلدين. فما هي معالم هذه المرحلة؟

في جلسة مشاورات ضمت سياسيين وناشطين في ثورة 17 تشرين الاول وإعلاميين، في الوقت الذي كانت الجلسة النيابية منعقدة مساء الثلثاء للتصويت على الثقة بحكومة الرئيس حسان دياب، قال وزير بارز سابق في كتلة “المستقبل”، أن الولايات المتحدة الاميركية “لن تتردد في تكريس زعامة نصرالله على لبنان” لولا مراعاة بعض الشكليات. وكشف عن أنه سمع مباشرة من جهات سياسية بارزة تقول “أن حزب الله صار الجهة النافذة في لبنان في السنوات المقبلة والتي يقدّرها البعض بعشر سنين”!

اقرأ أيضاً: ما هي أهم السياسات المالية الخاطئة للحكومات المتعاقبة التي يشير إليها الثنائي الحاكم باستمرار….

لم يكن خافياً على المشاركين في هذه الجلسة، أن ما قاله الوزير السابق ينطوي على تشاؤم مبعثه الاحوال التي آل اليها ليس تيار “المستقبل” الذي ينتمي اليه صاحب الكلام فحسب، وإنما أحوال كل القوى التي من المفترض أن تناهض نفوذ الحزب الذي يمثل نفوذ إيران مباشرة. وفي رأي احد المشاركين في هذه الجلسة، أن “الرضى” الاميركي على الحزب، إذا جرى الافتراض بإنه موجود، مرده الى أن الاخير يمثل القوة الفعلية التي تضمن الاستقرار على الحدود الجنوبية على إسرائيل، وهو ما تريده واشنطن فعلا ، ولا فرق عندها أن يحقق هذه الغاية هذا الحزب أو سواه. ولفت صاحب هذا الرأي الى ان الادارة الاميركية الحالية على غرار الادارات السابقة، تمارس “سخاء نادراً” في تمويل عمليات قوات “اليونيفيل” المكلفة تنفيذ القرار 1701 التي تلقت منذ العام 2006  تاريخ صدور القرار، ما يقارب ال 11 مليار دولار. علما ان إدارة الرئيس دونالد ترامب رفعت شعار التقشف في كل إنحاء العالم. لكن إستثناء “اليونيفيل” من هذا الشعار ليس بالطبع  “كرمى عيون لبنان”، بل حتما من إجل “عيون “الدولة العبرية.

وفي المناسبة نفسها ، يرى سياسي شيعي ان “حزب الله” يتمتع حاليا بالوضعية ذاتها التي تمتع بها نظام حافظ الاسد منذ إستيلائه على السلطة عام 1971 حتى وفاته عام 2000 .فهذا النظام المستمر حتى الان برئاسة الابن ، وفرّ إستقرارا لا مثيل له على الحدود المشتركة مع إسرائيل بعد حرب عام 1973 التي أستولت فيها الاخيرة على مرتفعات الجولان السورية وضمتها الى إراضيها بتأييد مباشر من إدارة ترامب. واليوم، يقوم “حزب الله” بدور نظام الاسد الاب بحماية الاستقرار الحدودي في الجنوب برعاية “اليونيفيل” ، كما فعل الاسد طوال عقود برعاية “الاندوف”، أي “قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك” ، التي تمثل النسخة السورية لنظيرتها اللبنانية. علما إن إنهيار النظام في زمن بشار الاسد ، لقيّ تعويضا فوريا بالتدخل الروسي المباشر الذي يلقى دعما قويا من إسرائيل.

كيف يرتّد هذا الدور لـ”حزب الله” على الداخل اللبناني حاليا؟ بالعودة الى الملاحظة التي اوردها الوزير البارز السابق في “كتلة المستقبل” وقوله، أن الولايات المتحدة الاميركية “لن تتردد في تكريس زعامة نصرالله على لبنان”، يسود إعتقاد ان الاطراف البارزة في 14 آذار السابقة، وهي “المستقبل” و”الاشتراكي” و”القوات اللبنانية”، تتعامل وكأنها “تسلّم” بالأمر الواقع التي يمثله “حزب الله” والموقف الاميركي منه.ولهذا تحاذر الاطراف الثلاثة المواجهة المباشرة مع الحزب الذي يمثل العقدة الرئيسية في الازمة التي يجتازها لبنان بسبب هدم الحزب جسور هذا البلد مع العالم وتحديدا مع دول الخليج العربية التي تمثل رئة الاقتصاد اللبناني منذ إجيال. ولا يتردد أصحاب هذا الاعتقاد في القول  أن إعتماد الاطراف الثلاثة خطاب المواجهة مع الرئيس ميشال عون وتياره السياسي هو بمثابة “بدل عن ضائع”: فالضائع هنا مواجهة أصل الازمة الذي هو خضوع دولة  لبنان لدولة الحزب.

لا جدال في ان الثقة التي نالتها حكومة الرئيس دياب، هي مباشرة ثقة بنفوذ “حزب الله” .وبدا تأكيد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد في جلسة الثقة ، أن الكتلة منحت تأييدها للحكومة الجديدة، على رغم إن “هذه الحكومة لا تشبه فريقنا السياسي”، هو بمثابة ذر للرماد في العيون. ففي واقع الحال، كما قال المحامي حسّان الرفاعي، في تعليق صحفي، أن “ما نعيشه منذ بداية الثورة، هو نوع من تظهير علني لسيطرة كتلة نواب قاسم سليماني في المجلس النيابي على المؤسسات الدستورية في لبنان…”

هل هي حكومة “حزب الله” في لبنان؟ ما يجيب على هذا السؤال التقرير الذي نشرته “رويترز” في الساعات الماضية حول دور الحزب الان في العراق. فقالت الوكالة نقلا عن مصدريين عراقيين إن الشيخ محمد الكوثراني، ممثل “حزب الله” في العراق، والذي عمل عن قرب مع سليماني لإعوام  في توجيه الجماعات المسلحة العراقية، وحلّ محل سليماني، “وبّخ الجماعات المسلحة، مثلما فعل سليماني في أحد اجتماعاته الأخيرة معها لتقاعسها عن التوصل لخطة موحدة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة بغداد والقوات شبه العسكرية التي تهيمن عليها…وبعد ذلك، تمت تسمية وزير الاتصالات العراقي السابق محمد توفيق علاوي رئيساً للوزراء، في تطور رحبت به إيران ووافقت عليه الأحزاب المرتبطة بالجماعات المسلحة التي تساندها طهران، لكن المحتجين رفضوا تقلده المنصب…”

كأن ما جرى بالأمس في ساحة النجمة، يجري الان في العراق. فهل يعلن نصرالله في كلمته الأحد المقبل بالنيابة عن سليماني، أنه صار فعليا “حاكما” لبيروت وبغداد، عبر حكومتيّن رعى ولادتهما برئاسة أكادميين لبناني وعراقي من الجامعة الاميركية في العاصمة اللبنانية؟ لننتظر الاحد المقبل لنر؟

السابق
On the 41st Anniversary of the Revolution: Iran flounders with Failed
التالي
بعدما رفض المصرف إعطائها أموالها للعلاج.. القضاء يتحرّك!