هل يمكننا نسيان التجارب والصدمات المؤلمة في حياتنا؟

الذاكرة والصدمة
الذاكرة هي إحدى قدرات الدماغ التي تمكنّه من تخزين المعلومات واسترجاعها، ولكن كيف تتعامل الذاكرة مع الصدمة النفسية وهل تسمح للعقل بنسيانها؟

قد تكون ذاكرتنا مليئة بالأحداث المؤلمة والتي لا نرغب في تذكرها، كفقدان شخص عزيز على قلبك، أو التعرّض للرفض لمقابلة عمل، وصولاً الى التعثر على خشبة المسرح أثناء الصعود، فالرغبة في نسيان هذه الذكريات هي طبيعة إنسانية، ويبقى السؤال هل من الممكن أن ننسى التجارب والصدمات المؤلمة عن قصد؟

كيف تعمل ذاكرة الانسان؟

رغم صغر حجم العقل إلا أنه أوسع بكثير من السماء، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتخزين المعلومات والذكريات، إذ يشكل المخ الأمامي الجزء الأكبر من الدماغ، وهو مغطى بطبقة من الأنسجة العصبية والتي تُعرف بالقشرة الدماغية حيث يتم تخزين الذكريات هناك.

نسيان الصدمة
نسيان الصدمة

بعض البشر يتذكرون أحداث حياتهم بإستخدام الخيوط العصبية التي تقترن بالمخ مباشرةً من خلال عملية ترميز الخلايا العصبية، لذلك عند استجاع ذاكرة قديمة يحدث نشاط يسمى بالنشاط القشري، وترتبط درجة تذكر الشخص بحسب مستوى النشاط لديه.

وبحسب الدكتور “أيدان هورنر” في معهد العلوم العصبية الإدراكية في لندن: أن الإنسان عندما يتذكر حدثاً سابقاً تكون لديه القدرة على الدخول في التجربة، كإن يتذكر الغرفة التي كان يعيش فيها، والموسيقى التي كان يسمعها أو الأشخاص الذي كان يتحدث معهم، حيث يتم تمثيل كل هذه الجوانب في مناطق مختلفة من الدماغ.

غالباً ما ينسى الدماغ العناصر القصيرة المدى، كأرقام الهواتف التي نتذكرها في أوقات محددة فقط، إلا إذا كان هناك تكرار مستمر لهذه الأرقام، عندها تشارك الذاكرة الطويلة المدى في إعادة الإحتفاظ وتذكر المعلومات لفترات طويلة، كتاريخ زواجك أو تاريخ ميلاد طفلك، أو أي ذكرى جميلة مرّت في حياتك.

تحتوي وظائف الذاكرة الطويلة على أنواع مختلفة من الذكريات، منها: ذاكرة المهارات اللاواعية، التي تتيح لك معرفة ركوب الدراجة مثلاً، وهي تعتمد على الخبرة والتكرار والممارسة الفعلية، عندها يخزن عقلك تلقائياً تلك الذاكرة، لكن في بعض الأوقات يتعرض الشخص الى تجربة مؤلمة أو صدمة معينة ما قد يؤدي الى فقدان العقل للقدرة على التخزين.

كيف تتعامل الذاكرة مع الصدمة؟

هناك أنواع من الصدمات، فالصدمة المتوسطة يمكنها تخزين ذاكرة طويلة المدى وهي تجربة منطقية من الطبيعي ان يمر بها معظمنا، أما الصدمة الشديدة فهي تؤدي الى تعطيل قدرة التخزين على المدى الطويل، ما قد يترك الذكريات مخزنة كعواطف واحاسيس وليست ذكريات، وتجدر الإشارة ان أن هذا الأمر قد يستغرق عدة أيام لتخزين الحدث بالكامل في الذاكرة الطويلة المدى.

وأثبتت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يعيشون صدمة شديدة ينسوت الصدمة أحياناًفي عملية تسمى الإنفصال، وذلك في محاولة لحماية نفسه، بينما يمكن أن تعود ذكرى الصدمة في وقت لاحق، وتلعب العواطف والأحاسيس التي تنطوي على ذكريات الأحداث الماضية دوراً كبيراً، عندها يشعر الشخص كأنه يسترجه الذاكرة.

الجانب السيء للنسيان المتطرف

معظم الناس تتذكر الأشياء السيئة التي تحدث لهم، لكن في بعض الأحيات يتم نسيان الصدمة الشديدة ويصبح هذا النسيان متطرفاً، وقد يحدث إضطراب إنفصالي في بعض الوقت، كفقدان الذاكرة الإنفصالي والشرود الانفصامي، واضطراب الهوية الإنفصالية، او اضطراب نزع الشخصية، عندها تتحول تلك الحالات الانفصالية الى أمراض عقلية.

إختلاف الأدمغة بالتعامل مع الصدمات

نفس الطريقة التي يتعامل بها جهاز المناعة مع الأجسام الغريبة لحماية بقية الجسم، كذلك الدماغ يمكن ان ينفصل الة خصم الصدمة، حيث يقوم الدماغ بالتجول في مواضيع بعيدة عن الحدث الصادم لتجنب الاحتفاظ بالذكريات المؤلمة، وليس كل الأشخاص متشابهين، بحيث يمكن ان تكون الصدمة شديدة لشخصٍ ما، بينما لا تكون كذلك بالنسبة لشخصٍ آخر.

يساهم التركيب الوراثي للشخص وبيئته في كيفية التعامل مع الصدمات، ومازال هناك جدل حول أيهما يحدد طبيعة الشخصية: الجينات الوراثية التي تنتقل من فرد الى آخر أم التأثير بالبيئة، ويمكن الإفتراض أن كلاهما يؤدي دوراً.

كيف يمكن أن يتعامل الشخص مع الصدمة؟

العلاج النفسي
العلاج النفسي

يجب على الشخص السعي للحصول على العلاج من خلال التلفظ ببعض الكلامات والقيام بالتعرّف على التجارب العاطفية والذكريات الجميلة، سواء عبر علاج نفسي رسمي، أو التحدث الى شخص موثوق، وهذه هي الطريقة الفعّالة للتعامل مع الصدمات.

اقرأ أيضاً: بالصور 6 أطعمة تنشط الدماغ عليك تناولها!

السابق
هل سيندم عون قريباً على دفاعه عن «حزب الله»؟
التالي
باسيل يُعطي الحكومة «الثقة».. ويشترط إسقاطها!