مصانع بقاعية مهددة بالإقفال في آذار وصناعيون إلى الغابون!

المصانع البقاعية

بات الصناعي البقاعي تحت سندان المستهلك الذي يحمّله مسؤولية ارتفاع اسعار بعض المنتجات الصناعية وخصوصا الغذائية منها، ومطرقة الحصار المالي الذي تفرضه المصارف على استيراد المواد الأولية. تسهيلات تجارية كثيرة كانت ممنوحة للصناعيين قبل السابع عشر من تشرين الأول، تم تقليصها وحجب اجراء اعتمادات مصرفية لشراء المواد الاولية للصناعة من حساباتهم في ظل سريان الcapital control  غير المعلن!

الخياران المطروحان اليوم امام الصناعي يتمثلان بال fresh money أي شراء الدولار من الصرافين بحسب سعر الصرف في السوق وايداعه من جديد في المصرف لشراء المواد الأولية من دون إمكانية استعمال الاموال التي تم ايداعها سابقا لهذا الغرض.. او انتظار حوالات مصرفية جديدة من عائدات الصادرات بعد تاريخ 17-10-2019، وتبقى الودائع قبل 17 تشرين مجمدة قسراً.

الإقفال على الابواب

أرسل تجمع الصناعيين في البقاع بتاريخ 3-12-2019 كتابا الى رئيس الجمهورية طالبا فيه الايعاز الى حاكم مصرف لبنان تسهيل فتح اعتمادات لزوم الصناعة الوطنية. ولم يتخذ اي اجراء في هذا الصدد. في وقت يتمثل التحدي الأكبر في الأشهر المقبلة بأوضاع المصانع التي ستزداد تفاقماً.

اقرأ أيضاً: إنشاء السدود فساد بلا حدود.. «بريصا» شاهداً!

يقول رئيس التجمع نقولا ابو فيصل لBekaa.com: نعمل اليوم بنصف طاقة تشغيلية. فمعظم مصانع البقاع قلّصت دوام الموظفين ورواتبهم، وستستكمل استيراد المواد الأولية حتى شهر اذار وبعدها ايقاف المحركات في بعض المصانع والاقفال المرحلي وارد جدا حتى انتهاء الأزمة. وقد يقفل عدد آخر في حزيران. لذلك فإن الأمن الغذائي في خطر داهم ما لم يتمّ تطويق الأزمة سريعا بفتح اعتمادات للاستيراد بالعملات الاجنبية ووضع خطة حكومية فعالة لدعم الصناعة تتضمن رقابة صارمة على الحدود وفي الوزارات، وتبادلا تجاريا يستند الى اتفاقات عادلة مع وزارات الصناعة والزراعة في الدول العربية وغيرها. وعندها قد نستطيع خلال عام الوقوف على أرجلنا.

توجه الصناعيين البقاعيين – إلى الغابون!

نقولا ابو فيصل

في ظل استفحال الأزمة، أفادنا رئيس التجمع بأنه يستعد لترؤس وفد الى دولة الغابون في افريقيا من 28 شباط الى 3 اذار بناء على دعوة وجهها له رئيس الجمهورية علي بونغو عبر السفارة اللبنانية. وعبّر بونغو من خلالها عن رغبته بتشجيع الاستثمار في الغابون ولقاء مستثمرين لبنانيين وتسهيل أعمالهم التي لن تتطلب منهم تحريك ودائعهم في ظل الكابيتال كونترول المفروض عليهم. فبنك التنمية الافريقي جاهز لتمويل المشاريع مقابل الأدمغة والخبرة. ودعا أبو فيصل القطاعات الزراعية والصناعية والسياحية كافة للمشاركة بالوفد.

أسعار الصناعات الغذائية

علاوة على اوضاع المصانع الصعبة، يتمثل التحدي الثاني في زيادة اسعار بعض المنتجات الغذائية. وتمثل الصناعات الغذائية في البقاع 65 بالمئة من الانتاج اللبناني. وهناك حوالي 818 سجلا صناعيا، بحسب دراسات واحصاءات وزارة الصناعة، يتوزعون بين البقاع الشمالي والاوسط والغربي من الهرمل وبعلبك مرورا براشيا وحاصبيا جنوبا.

يقول ابو فيصل وهو ايضا رئيس مجموعة غاردينيا الاقتصادية للصناعات الغذائية ومركزها زحلة: ليس من صالحنا زيادة اسعار منتجاتنا، بما يزعج المواطن وينفّره. اضطررنا كصناعيين الى زيادة بين 10 و20 بالمئة فقط، بحسب الأصناف، وتأرجح سعر صرف الدولار. فالمعيار هو سعر الدولار في ظل الحرب التي يشنها علينا وعلى المواطنين “حزب المصارف اللبنانية” كما وصفها، وفي ظل إطلاق يد الصرّافين للتلاعب بسعر صرف العملة الاجنبية. واذا بقي سعر الصرف على حاله مع تأرجحات طفيفة، لن يكون هناك فارق كبير في أسعار المواد الأولية المستوردة وبالتالي لن ترتفع مجددا اسعار المنتجات اللبنانية، اما اذا وصل مثلا سعر الصرف الى 3000 ليرة عندها قد ترتفع الاسعار تلقائيا بنسبة 50% تقريباً.

وردا على سؤال عن تحسّن مداخيل الصناعيين بعد توجه المستهلك الى شراء الانتاج المحلي، أجاب: النصف الملآن من الكأس أن منتجاتنا البقاعية عادت الى تصدر الرفوف الأمامية في السوبرماركت. ولكن الصناعي البقاعي يبيع لتاجر التجزئة بسعر 1520 ليرة مقابل الدولار، ويشتري المواد الأولية بالدولار وفق سعر الصرف في السوق. لذلك من جهة تحسّن الاقبال على المنتجات اللبنانية ولكن خسائرنا ما زالت كبيرة.

وينفي ابو فيصل ان يكون لدى الصناعيين البقاعيين مخزون كاف من المواد الأولية او اكتفاء ذاتي من الانتاج المحلي لبعض المواد الغذائية كالعدس والحمص على سبيل المثال. ويتابع: أهل الدار أدرى بما فيه، والسبب الخطط الحكومية المتعاقبة التي لم تعر الزراعة الاهتمام اللازم.

وفي هذا السياق،أطلقت تحذيرات جدية في البقاع من احتمال نفاد بعض المواد الغذائية الأولية لعدم قدرة بعض الصناعيين على استيرادها في الأشهر المقبلة: كالسمسم والحمص والرز والعدس والفاصولياء وزيت دوار الشمس وبذور البطاطا للزراعة مما يرجح مثلا ارتفاعا مضاعفا لأسعار البطاطا المحلية في العام المقبل.

الرقابة الذاتية على الأسعار

وفي موضوع متصل، يحاول صناعيو البقاع تشديد الرقابة على أسعار منتجاتهم لدى التجار الذين وصلت نسب زياداتهم غير المشروعة الى حدود 30-35%.

يعتبر الصناعي في هذا المجال انه قدّم تسهيلات تفوق طاقته، انما أصحاب محلات التجزئة مارسوا ضغوطا نفسية كبيرة على المستهلك من خلال احتساب أسعار المنتجات وفق سعر صرف الدولار في السوق.

وعليه، أكد لنا عدد من الشركات البقاعية انها ارتأت تفعيل الرقابة الذاتية على أسعار منتجاتها في ظل عدم قدرة وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك على ضبط مجمل الأسواق. والأسباب سبق لمصلحة حماية المستهلك ان شرحتها مرارا: اقتصار عدد مراقبيها على 45 على الأراضي اللبنانية كافة واقتصار العقوبات على محاضر ضبط لا تردع التاجر، ولا تصل الى السجن.

على القضاء لعب دوره

لا يبرئ عدد من صناعيي البقاع إدارات المصارف من التخريب والشغب الحاصل في بعض الفروع للتذرع بالاقفال. ويعتبرون ان المصارف حققت ارباحا طائلة من جراء سياسة الفوائد العالية وهي اليوم تمنع عن الصناعيين والمواطنين أموالهم.

مروان اسكندر

وفي ظل هذه المراوحة وغياب السياسات الحكومية واستفحال الأزمة المالية وتخلي مجلس النواب عن دوره التشريعي لأصحاب المصارف فيما يتعلق بالإجراءات الاستنسابية الاخيرة، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور مروان اسكندر أن جمعية المصارف تتحمل مسؤولية ما يحصل لان غالبية البنوك ليست لديها سيولة كافية اليوم لتحرير اموال المودعين ومنهم الصناعيون. وسبب ذلك ان هذه المصارف وظفت أموال الناس في استثمارات وفروع خارجية ليس من السهل الان تحريرها. وها هي تأكل أموالهم حرفياً.

واعتبر في حديث لـموقعنا أن القضاء اللبناني تأخر بمعالجة هذه القضية وكان باستطاعته إحالة رؤساء مجالس إدارة ومدراء عامين اكبر سبع مصارف لبنانية على المحاكمة والحجز على أموالهم وممتلكاتهم وعقاراتهم الى ان تنتهي الأزمة التي تسببوا بها، لإلزامهم بوضع خطط عاجلة تخفف من وطأتها.

وشجع إسكندر المودعين المتضررين وخاصة الصناعيين على رفع دعاوى على المصارف وبرأيه ان المحامين جاهزون للتوكل عنهم لمساعدتهم على تحرير اموالهم.

وتابع: على الحكومة ان تضع خطة عاجلة للصناعة. فاستمرار الازمة والممارسة كما هي من شأنه ان يقلص حجم الاقتصاد اللبناني بنسبة 10% على الأقل خلال سنة 2020.

ويستنتج أنه اذا بقي الوضع على حاله ولم تبادر الحكومة مع جمعية المصارف الى هذه الخطة، سنخسر جميعا ودائعنا قبل نهاية اذار.

السابق
بيان للهيئات الاقتصادية.. هذا ما جاء فيه
التالي
«حزب الله» متمسك بدياب.. هل تولد الحكومة في الساعات المقبلة؟