اقتراب ولادة حكومة لبنانية على مقاس حزب الله

حسان دياب

اعتبر مراقبون أن ما غرد به رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من باريس يؤكد المعطيات التي تتوقع ولادة الحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة. وقال الحريري، الثلاثاء، “الأقنعة سقطت، واللعبة انكشفت، هناك أناس لديهم عمى الألوان في السياسة، ونظرهم مركب على اللون الأزرق، يرفضون الدخول إلى الحكومة من الباب ويركضون ليدخلوا إليها من الشباك”.

وكان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قد غرد قبل ذلك قائلا “بالأساس، فإن الأقنعة ساقطة واللعبة مكشوفة. إن تفاهم البوارج التركية والاتصالات بين البرتقالي والأزرق، الذي خرّب البلاد، يبدو أنه يتجدد بصيغة أخرى مع لاعبين جدد في حكومة التكنوقراط الشكلية وهيمنة اللون الواحد”.

واستغرب مراقبون لجوء جنبلاط إلى الغمز من قناة الحريري وتيار المستقبل خصوصا أن موقفهما واضح في عدم المشاركة في الحكومة العتيدة والانتقال ضمنا إلى صفوف المعارضة. وتساءل المراقبون عما إذا كانت مناورة جنبلاط هدفها إشغال الرأي العام في معركة ضد “تواطؤ” مزعوم للحريري، تمهيدا لتبرير تموضع جديد لصالح حكومة دياب.

وترى بعض المصادر أن الحريري بات يملك معلومات عن مفاوضات تجري مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تتيح مشاركة حزبه، بشكل ما، داخل حكومة حسان دياب المقبلة، وأن احتجاج جنبلاط على عدالة التمثيل الدرزي في الحكومة العتيدة يكشف عن قبول جنبلاط الكامل بشرعية الحكومة وظروف تكليف دياب بتشكيلها، وأنه بصدد إطلاق مواقف لتحسين شروط المحاصصة من بوابة حقوق الطائفة الدرزية.

وكانت القيادات الدرزية قد رفضت أن تتمثل الطائفة بوزير يشغل وزارة البيئة فقط. وقد اجتمعت مواقف جنبلاط مع شيخ العقل الطائفة الدرزية مع موقف الوزير الأسبق وئام وهاب (المعارض عادة لجنبلاط) في رفض أن تكون حصة الدروز محصورة بوزارة البيئة ورفض ضمني أن تسمى الحصة الدرزية من قبل الوزير طلال أرسلان.

وتشكل العقدة الدرزية عقبة أمام رغبة دياب في تشكيل حكومة مصغرة من 18 وزيرا وأن إرضاء الدروز قد يرفع العدد إلى 20، ناهيك عن أن إرضاء طائفة قد يفتح الباب أمام بازار لإرضاء بقية الطوائف، وبالتالي العودة إلى المربع الأول في عملية تأليف الحكومة. ولم يستبعد مراقبون أن تكون تغريدة الحريري تغمز من قناة حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع أيضا. وتعتبر أوساط “تيار المستقبل” أن موقف “القوات” السلبي من خلال عدم تسمية الحريري لتشكيل الحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة هو المسؤول عن إضعاف موقف الحريري وسحب الميثاقية المسيحية عن تكليفه.

وتضيف الأوساط أن احترام الحريري للميثاقية المسيحية لم يقابله موقف من قبل جعجع بعد تكليف دياب الذي لا يحظى بغطاء من قبل الطائفة السنية.

وتلفت الأوساط إلى أن موقف “القوات” ملتبس في التعامل مع حكومة دياب العتيدة من زاوية انتظار التأليف والتأكد من الطابع الاختصاصي المستقل لوزرائها، بما يعبر عن موقف إيجابي ودي يؤشر إلى إمكانية منح تلك الحكومة الثقة، علماً أن الحكومة لن تحتاج إلى أصوات نواب القوات، وأن حزب الله وحلفاءه يمتلكون ما يكفي من الأصوات.

وتخلص الأوساط إلى أنه، حتى إذا بقي موقف القوات محايداً فهو يوفر غطاء مسيحيا لتمرير حكومة يشرف وزير الخارجية جبران باسيل على ولادتها.

اقرأ أيضاً: حكومة الثلاثة أشهر تُعيّد اللبنانيين «من كيسهم»!

حكومة لا تستجيب لتطلعات الشارع اللبناني

وذكرت تقارير في الساعات الأخيرة أن الرئيس المكلف يملك لائحة من أسماء لشخصيات سنية أبدت موافقة على المشاركة في حكومته.

ويعول دياب على تعاون الثنائية الشيعية والتيار الوطني الحر في تسهيل مهمته في تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة تعينه على “تدجين” موقف الطائفة السنية لجهة منحه وحكومته فرصة قبل الحكم عليه.

ويعتبر المراقبون أن تغريدة الحريري الثلاثاء قد تؤشر إلى اقتناعه بأن دياب ومن سماه لهذه المهمة ذاهبون إلى تشكيل الحكومة دون أي اعتبار للموقف السني في البلاد.

ويضيف هؤلاء أن حزب الله الذي فرض توزير من يمثل النواب السنة الموالين له (اللقاء التشاوري) داخل الحكومة المستقيلة، لن يتردد في الدفع بتشكيل دياب لحكومته مهما كانت المحظورات المذهبية، واعتبار من يعرقل ولادتها خائنا، وفق منابر قريبة منه.

وترى مصادر دبلوماسية أن الظروف التي يمر بها العراق، لاسيما تلك التي تضع القوات الأميركية في مواجهة الميليشيات العراقية التابعة لإيران، قد عزز ضرورات ولادة حكومة دياب في بيروت بصفتها تشكل “نصرا” جديدا لإيران في معركة إظهار أوراق نفوذها في لبنان بعد العراق.

وتلفت المصادر إلى غياب فيتو دولي، لاسيما أميركي، ضد ولادة الحكومة، بسبب حاجة المجتمع الدولي إلى مرحلة انتقالية في لبنان يتم خلالها السعي إلى تدبير عدد من ملفات المنطقة، في مقدمها مسألة الصراع الأميركي الإيراني ومسارات التسوية في سوريا.

وتعتبر المصادر أن “معركة” غاز شرق المتوسط المستعرة هذه الأيام منذ إبرام مذكرة التفاهم بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية في طرابلس، تحتاج إلى استقرار لبناني لا يشكل تهديدا جديدا لخرائط التنقيب والتوزيع في المنطقة.

السابق
في إنتظار العاصفة الجديدة.. هذه الطرق مقطوعة بالثلوج!
التالي
ضحايا حوادث السير تابع: 17 جريحاً خلال 24 ساعة!