الليرة تحلّق سلباً.. الدولار إلى حدود 2100 ليرة

صرف الدولار

تكفّل الوقت بكشف محاولات مصرف لبنان التغطية على حقيقة وضع سعر سرف الليرة مقابل الدولار، وضمناً على حقيقة كافة الجوانب المتعلقة بسعر الصرف، وعلى رأسها واقع القطاع المصرفي واجراءاته، التي وصلت إلى حد احتجاز أموال المودعين وإجبارهم على سحب ودائعه الدولارية بالليرة، ووفق سعر الصرف الرسمي، أي 1515 ليرة، والذي يتدنّى عن السعر الحقيقي للدولار والمتداول في السوق بما لا يقل عن 2000 ليرة وصولاً إلى 2100 ليرة.

ارتفاع إضافي

منذ نحو شهر على الأقل، لم يشهد الدولار انخفاضاً عن 2000 ليرة، إلاّ نادراً، حين يصل إلى 1950 ليرة. وهذا الفارق هو رقمي فقط، لكن في الجوهر والمفاعيل، لا فرق بين بعض الفواصل إن كانت القدرة الشرائية للمبلغ المالي متهاوية، كما أن الانخفاض سرعان ما سيرتفع بعد ساعات لا تزيد بكثير عن أربعٍ وعشرين.

اللافت أن ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 2000 ليرة، آخذ بالتحول إلى ما يشبه القاعدة وليس الاستثناء بفعل أحداث طارئة. والاستثناء في يوميات المواطنين، بات الزيادة التي ستضاف إلى الـ2000 ليرة، إذ يُتداول سعر صرف الدولار في بيروت وبعض المناطق بين 2030 ليرة وصولاً إلى 2100 ليرة، مروراً بـ2050 ليرة.

إقرأ أيضاً: سرقة كتاب بـ 10 دولارات تُطيح بدبلوماسي غربي.. ماذا عن سارقي المليارات؟

وسبب الارتفاع منسوب لعملية العرض والطلب التي تحكم الأسواق في النظم الاقتصادية الرأسمالية، والتي ينتمي إليها لبنان. ووفق هذا المنطق، فإن السعر مرشّح للارتفاع أكثر، فلا ضوابط ولا قيود ولا من يحاول وضع آلية للحد من تفلت السعر، رأفة بالمواطنين على أقل تقدير. فالمصرف المركزي الذي تناط به عملية الرقابة على المصارف والصيارفة (لجهة منع تبييض الأموال أو التهريب أو أي عملية غير قانونية) يحتكم إلى القانون الذي يعطي الصرافين صلاحية التعامل مع الليرة بوصفها سلعة وليس عملة وركيزة للاستقرار.

سياسيون لمهام أخرى

عدم استقرار سعر صرف الليرة يُرمى على الصرّافين، فيما يرفض هؤلاء تحميلهم المسؤولية، كونهم لا يقومون بعمل غير قانوني. كما أنهم يبيعون ويشترون الدولار أو الليرة وفق سعر السوق، أي ليس هم من يضعون التسعيرة كما يحلو لهم مع اشراقة كل صباح. وسواء كانوا هم من يتحكم بسعر الصرف فعلياً، أم لا، فإن مسؤولية إيجاد حل يحد من الانعكاسات السلبية لتقلب سعر الصرف، تقع على كاهل الطبقة السياسية التي يُناط بها البحث والتحليل، ووضع المشاريع والقوانين وتطبيقها، وتعديل ما يشوبها من أخطاء. وكل ذلك بهدف ضمان مصلحة المواطنين ومصلحة اقتصاد البلاد وماليته، وهذا كله خارج عن مجال عمل الطبقة السياسية التي ابتلي بها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية.

بعض الآمال كانت منعقدة على تسمية رئيس جديد للحكومة وتشكيلها، ولاحقاً نيلها الثقة. ومن المفترض أن كل مرحلة ستحمل معها محطات ايجابية تهدّئ الوضع السياسي والاقتصادي، وترسل بوادر ايجابية للمستثمرين وأصحاب الأموال، فضلاً عن الدول الاقليمية والعالمية. لكن أمراً من ذلك لم يحدث، بل على العكس، عدم حصول اي بوادر ايجابية مع تسمية حسان دياب لتشكل الحكومة، انعكس سلباً على البلاد. وعدم تهدئة التشنجات السياسية بين قوى السلطة، يُنذر بطول أمد تشكيل الحكومة، أي بطول أمد الازمة الاقتصادية والمالية، ما يفتح المجال أمام توقع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى ما يفوق الـ2100 ليرة. ما يعني أن سياسيي هذه البلاد يمارسون أي شيء إلاّ مهام الحفاظ على استقرار ومصلحة بلادهم.

صورة الـ3000 ليرة حاضرة

ما إن يذكر أحدهم أمام صديقه بأن الدولار ارتفع، يسارع الصديق إلى استذكار يوم وصل الدولار إلى 3000 ليرة، وكأن تلك الصورة تعزّي من شَهِدَ تلك المرحلة واختَبَر كيف انهار كل شيء في لبنان.

الاستذكار في هذه الحالة ليس دعوةً لتكرار المشهد، بل هو تذكير بما لا يصحّ استعادته، واستحضار الأزمات التي ارتبطت بذلك المشهد، خاصة يوم استفاق الناس على أموالٍ مكدسة بلا قيمة.

لكن بلسان الواقعية، لا شيء يضمن عدم تكرار أي سيناريو، سواء ما حصل في لبنان سابقاً، أو أمرٌ مستوردٌ عاشته دول أخرى، كاليونان على سبيل المثال، كما لا يملك اللبنانيون ضمانةَ السقوط إلى ما هو أسوأ من حالة اليونان، في ظل قرار أحزاب السلطة عدم معالجة الملف الاقتصادي والمالي بالصورة الصحيحة.

السابق
ما حقيقة «الصفقة بين حزب الله والولايات المتّحدة بوساطة سلطنة عمان»؟
التالي
قصة مهندسة قتلها الأسد.. ذهبت للمخبر لإنقاذ الجرحى ولم تعد!