رسائل فرنسية «قاسية» للسياسيين عبر «جنوبية»: كفوا عن الفساد.. وساعدوا انفسكم لنساعدكم!

لبنان فرنسا

تبقى فرنسا “الصوت الثقل”في مقاربة الأزمات اللبنانية السياسية والإقتصادية المتناسلة من أيام باريس وأجزائه وصولاً إلى مؤتمر “سيدر” ، بالنظر إلى علاقتها المميزة مع لبنان تاريخياً، وقدرتها حالياً على فهم تركيبته السياسية الديموغرافية والطائفية، وتمايزها في التعاطي الغربي مع “حزب الله”بفصل الجناح السياسي عن جناحه العسكري.
وفي موازاة الموقف الفرنسي الواضح و المؤيد لإنتفاضة ١٧ تشرين، دخلت فرنسا بقوة على خط الأزمة السياسية والمالية والإقتصادية الراهنة الخانقة، من خلال مساعيها لمساعدة اللبنانيين على تخطيها بأقل خسائر ممكنة.

إقرأ أيضاً: إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أموال المودعين

وغداة انعقاد اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان في العاصمة الفرنسية باريس أمس الأربعاء، أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية ل”جنوبية” أن لبنان “يتجه الى مزيد من التأزم على مختلف المستويات، من دون أن تبادر الجهات الرسمية اللبنانية الى اتخاذ خطوات يمكن وضعها في سياق محاولة جادة للخروج من الأزمة”. وتحدثت عن “صدمتها حيال اعتماد نفس المقاربة والمنهجية القديمة في تشكيل الحكومة المزمعة، من دون النظر الى أن لبنان بات يتطلب لدخوله المسار الطويل للانقاذ، منهجية جديدة قادرة على انجاز الإصلاحات الضرورية والخطوات الصعبة لانتشال الدولة من الغرق المحتوم ماليا واقتصاديا واجتماعيا”.

السجال الدائر حول تشكيل الحكومة بين أقطاب السلطة، لا يوحي بإرادة فعلية لديهم في وضع الدولة على سكة الحلول، وهذا ما يمكن استنتاجه من المتابعة الفرنسية لمقررات مؤتمر سيدر، ولما يمكن أن توفره مجموعة الدعم الدولية للبنان، فحكومة الثقة التي تشكل معياراً لما سيلي من تطورات ويترقبه الجميع، تفسره المصادر الفرنسية لكونه”مسألة جوهرية ولا مفرّ منها، لأنها تتصل باقتناع اللبنانيين بأنهم مستعدون لدفع كلفة الإصلاح، وهي قناعة لكي تتحقق لا بد من ان تلبي تطلع اللبنانيين الى تغيير جدي وحقيقي في مسار السياسة نحو سياسة إصلاحية وانقاذية”.

المسألة لبنانية فيما يتصل بتشكيل الحكومة، ولا يرغب أحد من الخارج التورط في أي تدخل على هذا الصعيد، فلا فرنسا معنية بشكل الحكومة ولا رئيسها ولا بمن يكون عضواً فيها،  وحسمت بالقول “هذا شأن لبناني يجب أن ينجزه اللبنانيون أنفسهم، ولن ينجزه غيرهم” انما ما يريده أصدقاء لبنان هو “حكومة قادرة على الالتزام بما تعد به من إصلاحات، وتنفيذ إجراءات للحدّ من الانهيار، لاسيما أن الحكومات السابقة والمستقيلة التي واجهت الاحتجاجات، لم تقم بتنفيذ ما التزمت به، سواء على مستوى الحدّ من عجز الموازنة، أو في ضبط الهدر والفساد، ولم تتخذ ايّ اجراء إصلاحي يُكسبها الثقة…”

إقرأ أيضاً: «مجموعة الدعم» تتعامل مع الحريري قبل تسميته.. وتعد بتجنيب اللبنانيين شر المجاعة!

الاستياء وربما التشاؤم يبدو غالبا على التقييم الفرنسي لمسار الأوضاع في لبنان، لاسيما أن تداعيات الانهيار تتنامى وتتزايد بشكل خطير، يجعل من الصعب توقع الأثار الاجتماعية والاقتصادية والنقدية وصولا الى الأمنية، فتزايد ظاهرة البطالة واغلاق عدد كبير من المؤسسات التجارية الخاصة، سيدفع الأوضاع نحو الفوضى الاجتماعية وهذا سينعكس بالدرجة الأولى على اللبنانيين، ولن يجد اللبنانيون من يقدم لهم يد المساعدة اذا لم يقرروا هم أولا، مساعدة أنفسهم.

اما على صعيد الانتفاضة الشعبية التي انطلقت منذ 17 تشرين الأول، والاحتجاجات التي طالت كل المناطق اللبنانية، فهي فرضت معيارا في عملية تعامل المجتمع الدولي مع لبنان، فالتظاهرات والاحتجاجات داخل لبنان، وتلك التي يقوم بها المغتربون اللبنانيون في الخارج، عززت من الشروط والقيود على الحكومات التي باتت معنية في ادراج مطالب المحتجين في سياق أي مبادرة أو تواصل مع الحكومة اللبنانية، من أجل مساعدة لبنان، لاسيما أن هذه المطالب المرفوعة هي مطالب محقة وموضوعية، وهي تعبر عن إرادة صادقة بانقاذ الدولة اللبنانية من الازمة التي تخنقها. من هنا فان المصادر الفرنسية ترى أن “حماية المحتجين والتظاهرات ليس امرا استنسابيا ولا مسألة هامشية، وهي قضية تتصل بحفظ الاستقرار من جهة، وعدم جرّ البلاد الى مظاهر عنفيّة وأمنية لا تفيد لبنان.

وفي هذا السياق تشير المصادر نفسها أنها وجهّت رسائل تقع تحت خانة “التنبيه” لجهات لبنانية تعتقد المصادر الدبلوماسية انها معنية بتهديد المحتجين، وحذرت من أن الرهان على الموقف الفرنسي المتفهم لمخاوف هذه الجهات أحيانا، لن يبقى على حاله مستقبلا فيما لو استمرت هذه الجهات في سلوكها المرفوض تجاه المحتجين”.   

السابق
موافقة غربية على إشراك وزير لـ«حزب الله» في الحكومة.. من هو؟
التالي
سعود المولى يسرد وقائع تصدم «الممانعة».. أخرجوا العلامة الأمين من لعبة «التهويد»