الانتفاضة اربكت «حزب الله».. سطوته في خطر!

حزب الله الرينغ اشكال

لا شك ان الانتفاضة الشعبية كانت عاملا مفاجئا للسلطة السياسية عموما، الا ان هذه الصحوة ضربت “حزب الله” بالصميم لا سيما انه اعتبرها انقلاب ضدّه وهو ما ظهر جليا في المواقف المتناقضة للأمين العام لـ “حزب الله” من حيث محاربة الفساد والفاسدين من جهة وضرب الحراك عبر التحول الى مدافع شرس عن هذه الطبقة من جهة ثانية.

ردود فعل “حزب الله” على الانتفاضة الشعبية اظهرت مدى الارتباك في صفوفه، وقد رصد مايكل يونغ، محرر مدونة “ديوان” ومدير تحرير في مركز “كارنيغي” للشرق الأوسط، آراء عدد من الخبراء والإعلاميين حول مدى تأثير الانتفاضة اللبنانية على مستقبل حزب الله. يأتي الرصد، الذي تم نشره في باب “عقول باحثة” على موقع مركز “كارنيغي”، في إطار سلسلة من الاستطلاعات يقوم بها يونغ بشكل دوري لآراء الخبراء حول الأمور المتعلقة بالسياسة والأمن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.


سبب مخاوف حزب الله

قالت ديانا مقلّد، إعلامية لبنانية ومؤسِّسة مشاركة وسكرتيرة تحرير في موقع “درج” الإلكتروني، إن الدولة التي أُعيد تشكيلها حول حزب الله غداة انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1990 وصلت إلى شفا الانهيار. بُنيت هذه الدولة حول سلاح الحزب، وتُرِكت بعض المقاعد للشركاء الأصغر حجماً. إنه التفسير المبسّط للأسباب التي تدفع بالحزب إلى إبداء مخاوفه من أن الانتفاضة الحالية ترمي إلى استهداف سلاحه. ويوضح ذلك أيضاً لماذا يبذل الحزب جهوداً دؤوبة لتقويض الانتفاضة مهما كان الثمن. لكنه فشل حتى الآن تماماً في تحقيق ذلك.

وأضافت ديانا مقلد قائلة إنه سرعان ما سيجد حزب الله نفسه في مواجهة واقع أن مَن دفع بهم إلى النزول إلى الشارع لترهيب المحتجّين وإطلاق الهتافات “شيعة، شيعة”، هم أيضاً جياع ومغلوبون على أمرهم وعاطلون عن العمل، علمًا أن انقسامات واضحة بدأت تظهر في صفوف الحزب.


فجوة بين القيادة والقاعدة الشعبية

أما علي هاشم، مراسل “بي بي سي” للشؤون الإيرانية، فقد قال إنه كانت أمام حزب الله فرصة كبرى للبناء على الاحتجاجات الشعبية في مستهل الانتفاضة اللبنانية. فقد كان سجل الحزب نظيفاً في ما يختص بفساد الدولة، مقارنةً مع الأفرقاء الآخرين في النخبة السياسية في لبنان.

إقرأ أيضاً: ماذا لو ركب حزب الله موجة الحراك؟

بيد أن رد فعل الحزب على الحراك الشعبي بدأ بموقف شديد التشكيك وانتهى بالعداء للحراك، ما ولّد هوةً بينه وبين شريحة من قاعدته الشعبية قرّرت البقاء في الشارع.. لكنه لا يرى، حتى اللحظة، أن الانتفاضة تحوّلت إلى تهديد للحزب، إذ إنه تمكّن من الترويج لسرديته لدى القسم الأكبر من مناصريه الذين بدأوا يتعاطون بطريقة سلبية مع المتظاهرين. لكن الخطر الحقيقي يُهدّد، بحسب رأي علي هاشم، مصداقية الحزب على خلفية الحملة، التي أعلنها بنفسه ضد الفساد قبل انتخابات 2018.

التحدي الأشد خطورة

ويشير مهند الحاج علي، مدير الاتصالات والإعلام في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، ومؤلّف كتاب “القومية والرابطة العابرة للقومية والإسلام السياسي: هوية حزب الله المؤسسية”، إلى أن الانتفاضة اللبنانية، لأسباب مالية وسياسية، تمثل التحدّي الأشد خطورة لمستقبل حزب الله منذ النزاع مع إسرائيل في العام 2006.

فعلى الصعيد المالي، يواجه الحزب مأزقاً كبيراً نظراً إلى أن طائفته، والبلاد بأسرها، ينزلقان سريعاً نحو الفقر، في ظل ضآلة الخيارات أو الإمكانات المتاحة له للتخفيف من هذه الأزمة. وهذا أمرٌ جديد. ففي أعقاب الدمار الذي تسبب به نزاع 2006، سارع الحزب إلى تأمين السيولة من إيران للآلاف من أبناء الطائفة الشيعية في لبنان تفادياً لرد فعل غاضب من جانبهم.

على الصعيد السياسي، بدأت تظهر بدائل شيعية عن حزب الله ودائرة النفوذ الإيراني. فالحزب هو اليوم بمثابة خط حماية أساسي للوضع القائم حيث يستشري الفساد، من خلال أدائه دوراً ناشطاً في قمع الاحتجاجات في بيروت وكذلك في البلدات ذات الأكثرية الشيعية في الجنوب وسهل البقاع. بات لتفكير حزب الله في مجال نظرية المؤامرة تأثير أضعف من أي وقت آخر، وتراجعت فاعليته في إقناع الشيعة اللبنانيين بالخروج من ساحات الاحتجاج، ولاسيما أن الوضع الاقتصادي يزداد تدهوراً.

ويعد الرابط العراقي مهم أيضاً، حيث إن الشيعة في لبنان تجمعهم روابط دينية وثقافية بإخوانهم العراقيين الذين التحق عددٌ كبير منهم بالاحتجاجات تنديداً بالنفوذ الإيراني في بغداد. ويتجلى الأثر بصورة خاصة في الميدان الديني. فقد التحق رجال دين مرموقون في لبنان، على غرار جعفر فضل الله، نجل الإمام الراحل السيد محمد حسين فضل الله، بالاحتجاجات، ما يُقوّض المحاولات التي يبذلها حزب الله لشيطنة الحراك. إنها نزعةٌ جديدة سيكون لها تأثير على احتكار ثنائي حزب الله وحركة أمل للتمثيل الشيعي في لبنان.


السابق
اشتباكات في مناطق النظام السوري.. من يدير البلاد؟!
التالي
بعد إعلان الانسحاب.. هجوم «مجهول» على قاعدة أميركية في سوريا