ماذا لو ركب حزب الله موجة الحراك؟

جمهور حزب الله

لقد بدأ في الشارع الشيعي في لبنان تخطئة قسم كبير من هذا الشارع لحزب الله بسبب عدم تدخله في الحراك الشعبي الحقيقي المطلبي الذي يتنقل في الساحات والشوارع العامة وأمام المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وبيوت السياسيين من الطبقة الحاكمة في مختلف المناطق اللبنانية منذ ستة وثلاثين يوماً، ويعتبر فريق كبير من الشيعة أن حزب الله خسر الحراك بهذه السياسة والاستراتيجية في الوقت الذي بدأ هذا الحراك بتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز، والانتصار تلو الانتصار، ويرى فريق كبير من شيعة لبنان أن حزب الله وضع باستراتيجية النأي بالنفس عن الحراك وضع كل الشيعة في مرمى الاتهام بحماية السلطة الفاسدة والمفسدين الناهبين لثروات الدولة والمال العام، وهو لن يتمكن من ركوب الموجة الآن لأنه سيعتبر دخيلاً على الحراك في المرحلة الراهنة، خصوصاً بعد ما حققه الحراك من تقدم بغنىً عن الحزب وسواه، فمن إسقاط الحراك للحكومة إلى تحديده هوية نقيب المحاميين في نقابة بيروت إلى تعطيله جلسة مجلس النواب لمرتين على التوالي، إلى جانب فرضه الإضرابات العامة المفتوحة ونزول أكثر من مليوني لبنان داخل لبنان وخارجه للمشاركة في تحركاته بالرغم من محاولات الكثيرين التقليل من شأن أعداد المشاركين في التحركات والتظاهرات والاحتجاجات الشعبية ولكن صور الحراك في وسائل الإعلام تظهر الطفح البشري في أكثر من يوم من أيام عمر هذا الحراك الشعبي السلمي الذي تعرض لشتَّى أنواع التمزيق منذ يومه الأول من قبل أحزاب السلطة ورموزها. ولا ينكر كثيرون من ممثلي هذا الحراك اختراق بعض المندسين له والذين حاولوا تشويهه من خلال مواجهات مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية ومن خلال قطع الطرقات العامة وتعطيل المؤسسات الحياتية التي يحتاجها المواطنون لاستمرار أسباب معاشهم، ولكن الحراك تمكن من امتصاص النقمة عبر التوضيحات الكثيرة التي أطلقها ممثلوه عبر وسائل الإعلام المتنوعة.

اقرأ أيضاً: عندما «تؤم» رغدة مشايخ «حزب الله» !

والحراك وإن كان قد قام لمواجهة سياسات أحزاب السلطة المالية والاقتصادية والاجتماعية ولكنه ضم عدداً من الأحزاب اللبنانية كالحزب الشيوعي اللبناني والتنظيم الشعبي الناصري وحزب سبعة وأحزاب أخرى أصغر حجماً تمثيلياً ولكنها مجتمعة شكلت قوة تعادل وقد تفوق مع بقية المشاركين في الحراك من المستقلين قد تفوق هذه القوى مجتمعة أحزاب السلطة الحالية من الناحية العددية.

ولذلك فإن أحزاب السلطة بدأت تحسب لتجمع أحزاب الحراك والمستقلين ألف حساب خصوصاً في الاستحقاقات الانتخابية النقابية والنيابية المقبلة، وبدا الندم واضحاً في وسط نُخب حزب الله كونه لم يتبنَّ هذا الحراك منذ البداية بشكل رسمي ومن اليوم الأول مما فتح المجال ليركب موجة هذا الحراك بعض المناوئين للحزب في الساحتين الداخلية والخارجية، فحزب الله مَهَّد لإلغاء نفسه من العملية السياسية في السلطة المقبلة من خلال سوء تقديره لنتائج الحراك التي ظهرت بقوة في إنجازاته المتعددة في الستة والثلاثين يوماً الماضية. ولو ركب الحزب موجة الحراك لكان في قلب الأمة اللبنانية الآن ولما تمكن أحد من إلغائه سياسياً في المرحلة المقبلة، ولكان من الممكن تحقيق المزيد من الإنجازات والانتصارات في طريق الإصلاح والتغيير ومحاسبة المفسدين وسارقي المال العام.

اقرأ أيضاً: لبنان والخيارات المتاحة

أما تحجُّج الحزب بترك المشاركة في الحراك خوفاً من التصادم الدموي فكان من الممكن تلافي ذلك بحجز ساحة كبرى في الجنوب أو البقاع تكون خاضعة لمراقبته الأمنية كأن تكون ساحة عاشوراء في مدينة النبطية وساحة القسم في مدينة صور وساحة رأس العين في مدينة بعلبك لتكون هذه الساحات الثلاث مركزاً لتظاهر مناصريه وبذلك يمنع من تصادمه مع سائر القوى والفاعليات التي يحتمل الحزب أن تورِّطه في صراعات دموية تريدها أمريكا وإسرائيل.

فلو ركب الحزب موجة الحراك لرفع التهمة عنه في حماية السلطة الفاسدة، وكأن كوادره الفكرية والثقافية ومشايخه لم يقرأوا الحديث الشريف: “رحم الله امرئ جبَّ الغِيبة عن نفسه”…

السابق
اتذكرونها.. عادت الى البنك مع «جاط تبولة»!
التالي
في الذكرى الـ 76 للاستقلال.. الساحات للثوار وعرض مدني للمرة الأولى!