أميركا – «حزب الله».. تقارب فحلحلة فتسمية

سعد الحريري وسمير الخطيب

هل جاءت كلمة السر الأميركية فتحلحلت العقد أمام تشكيل الحكومة؟ سؤال مشروع بعد أن تسارعت في اليومين الأخيرين مساعي تشكيل الحكومة اللبنانية وإعادة تعويم إسم المهندس سمير الخطيب لرئاستها، في مشهد يذكر ببيان السفارة الأميركية بخصوص أزمة قبرشمون والذي كان إيذاناً بنهايتها بعد أن كان كل الظن أنها لن تحل.
ما يعطي مبررا ومشروعية لهذا السؤال هو التغيير في لهجة حزب الله أيضاً في اليومين الأخيرين بحيث صدرت ثلاثة مواقف عن الحزب توحي بحلحلة ما وبلهجة جديدة غير معهودة علناً على الأقل. كان الموقف الأول لرئيس المجلس السياسي في الحزب السيد إبراهيم أمين السيد وقال فيه بالحرف، معلوماتنا أن الأميركي ليس له مشكلة في دخول الحزب إلى الحكومة، وهناك إشارات دولية يجب أن نلتقطها لها علاقة بوجود مساعدات خارجية من أجل عدم إنهيار البلد لكن الموجودين في الداخل لا يريدون ذلك، فماذا يريدون؟ إنتهى كلام السيد.

اقرأ أيضاً: «السلطة» القاضية.. الإتفاق أسوأ من الإختلاف !

الموقف الثاني كان للوزير محمود قماطي قال فيه بالحرف أيضا بأن هناك نوافذ إيجابية للحل قد فتحت مع وصول الرسالة الدولية إلى مختلف الفرقاء السياسيين والتي تجمع اكثر من طرف دولي.
الموقف الثالث الملفت والأهم هو لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد حيث قال، نحن حريصون على أن ننفتح في علاقاتنا الدولية مع الجميع لكن لن نخضع ولن نكون أتباعاً لأحد في العالم، وأضاف أن من حقنا أن نقيم العلاقات مع كل دول العالم بإستثناء عدونا الإسرائيلي.

هذه التصريحات الجديدة واللافتة والغير معهودة لمسؤولين كبار في الحزب تبعها من جانب الإدارة الأميركية قرار بالإفراج عن المساعدات للجيش اللبناني بعد تجميدها منذ فترة مع بداية الحراك الشعبي في لبنان، هذا الحراك الذي أتهم ويا للمفارقة منذ بداياته بأنه مدعوم من السفارات وبأنه ينفذ أجندة أميركية لتركيع العهد والمقاومة عبر الضغط للموافقة على توطين اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان مقابل المساعدة في حل الأزمة الإقتصادية والإجتماعية إلى آخر المعزوفة والأسطوانة المشروخة إياها متخذة من تصريحات السفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان والذي لم يعد جزءا من الإدارة الأميركية، دليلا على صحة إتهاماتها بالتورط الأميركي في دعم الحراك والتدخل في الأزمة الداخلية، وهي التي غضت الطرف عن تصريحات خامنئي قبل فيلتمان والتي وصف فيها الحراك اللبناني بالمؤامرة وتصريحات السفير الروسي زاسبيكين بعد فيلتمان أيضا والتي أبدى فيها إنزعاجه من الحراك وإتهم الولايات المتحدة بإستغلاله والتدخل بشؤون لبنان والمنطقة في كليشيهات باتت ممجوجة وكأن كلاً من إيران وروسيا مجرد منظمات أهلية لا تنشد الربح وليست طرفا في هذه الأزمات التي تعصف بالمنطقة وتعبث بمقدرات شعوبها ومصائرها. فهل هذه التطورات وليدة حوار أميركي ولو غير مباشر مع حزب الله عبر أوروبا، أو هي إشارات على حوار أميركي – إيراني تحت الطاولة كالعادة خاصة في ظل التطورات الخطيرة والمتسارعة أيضاً في العراق، والوضع في إيران نفسها بعد الإحتجاجات التي شهدها الشارع الإيراني جراء رفع أسعار البنزين؟

فأميركا وإيران في المحصلة النهائية وبعد التجارب حتى الآن على الأقل وبعد اربعون عاما من الصراع بينهما يبدو أنهما يتناغمان ويلتقيان في تقاطع مصالح متين بينهما في المنطقة من المحيط إلى الخليج، ولا تزال الولايات المتحدة تتعامل مع النظام الإيراني بمنطق الإحتواء وهو ما أعلنته بإستمرار على لسان مسؤوليها السابقين والحاليين من أنها لا تسعى لتغيير النظام بل تسعى لتغيير سلوكه، من هنا يظهر أن الخلاف هو على حصة إيران من كعكة المنطقة خاصة في عهد إدارة دونالد ترامب الذي يتعامل مع المنطقة بمنطق المقاول الذي يطلق مناقصات ويستدرج عروض لتلزيم مناطق النفوذ لمن يدفع أكثر ماديا وسياسيا سواء روسيا أم تركيا أم إيران بشرط الحفاظ على أمن وسلامة إسرائيل وهو ما يبدو واضحا وجليا من التطورات في سوريا في لعبة قذرة يدفع ثمنها العرب الغائبون عن المسرح ولا يتعدى دورهم دور كومبارس للأسف، يدفعونه من أمنهم وسلامتهم وإقتصادهم وحتى من ثوراتهم التي تكالبت عليها ضباع العالم لتنهشها وما ثورات الربيع العربي إلا مثالا وعبر، وهو ما يجعل الخوف على ثورة اللبنانيين مشروعا خاصة وأنها ليست المرة الأولى التي يتخلى فيها العالم عن أحلام الشعوب بالحرية والتنمية والديمقراطية والإستقرار مقابل مصالحه مع الطرف الأقوى والأقدر على تنفيذ أجندته، هذه الأطراف التي هي أيضاً مستعدة لفعل كل شيء والتنازل للأجنبي عوض التنازل لشعوبها في سبيل الحفاظ على سلطتها والتمسك بمكاسبها التي تلبسها دوما لبوس الوطنية تارة والقومية والإسلامية تارة أخرى والمقاومة والممانعة في كل الأحوال وهي أبعد ما تكون عن أي قيمة سامية من قيم الإنسانية والوطنية الحقة، وهي مستعدة لأن تلحس كل شعاراتها ومبادئها في سبيل مصلحتها حتى لو إقتضت هذه المصلحة التعامل مع الشيطان الأكبر الذي يتهمون به كل حراك شعبي مشروع وسلمي.

اقرأ أيضاً: الثورة اللبنانية بعيون فرنسية: الحل بحكومة تكنوسياسية!

فهل تكون هذه التطورات بداية ومقدمة لتفاهم جديد بين أميركا وإيران من ضمن سياسة محاولة الإحتواء، خاصة وأن الطرفين يعانيان من مآزق داخلية، إيران جراء العقوبات، وترامب جراء متاعبه مع الديمقراطيين ولا سيما أنه قادم على إنتخابات العام القادم، مما يجعلهما بحاجة إلى فرصة لإلتقاط الأنفاس ولو مؤقتاً؟ قد تحمل الأيام والأسابيع القادمة جوابا عن هذه الأسئلة، فلننتظر ولو أن الإنتظار مكلف لنا كشعب لبناني يتحمل نتائج هذا الصراع وضرباته التي تأتي تارة على الحافر وأخرى على المسمار وفي الحالتين نحن من يصرخ ويدفع الثمن.

السابق
ترند لبنان: خط ساخن للدعم النفسي والوقاية من الانتحار
التالي
رفضاً للتجاوزات الدستورية.. مناوشات نارية بين رؤساء الحكومة السابقين وبعبدا!