حيث لا يجرؤ الآخرون.. الإنتفاضة تهزم بري!

انتفاضة لبنان

عكس تفشيل أو “تأجيل” جلسة البرلمان التشريعية اليوم  جملة معاني ودلالات سياسية:

إقرأ أيضاً: الثورة في النبطية.. تخفت ولا تخبو!

أولا، نجحت الانتفاضة في منع اكتمال النصاب في الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بعد ارغامه على تأجيلها قبل أسبوع، وهو ما يمكن وصفه بالانتصار الذي يؤكد مجددا قدرة المنتفضين على تعرية أطراف السلطة وارباكهم، بقطع الطريق عليهم على الالتفاف على مطالب الانتفاضة المستعجلة، وهي إقرار قانون استقلالية السلطة القضائية، وتشكيل حكومة من المستقلبن ومن خارج الطبقة الحاكمة، او الممثلة في مجلس النواب.

ثانيا، كشف فشل الجلسة التشريعية أو افشالها، عن تراجع في سلطة رئيس المجلس، من خلال تضاؤل دوره ونفوذه الذي اعتاد عليه اللبنانيين من قبل الرئيس بري منذ 27 عاما أي منذ توليه رئاسة البرلمان، اذ بدت حساباته لعقد الجلسة خاطئة، واظهرت هشاشة تأثيره في بقية أعضاء المجلس،و عمليا، هذه اول هزيمة شخصية ايضا، يتلقاها  بري منذ هزيمته امام الحزب في اقليم التفاح، على رغم ادراك اقرانه الذين تغيبوا ان عدم الاستجابة للدعوة عمل يسيء لعلاقتها برئيس المجلس الذي وضع رصيده الشخصي من اجل انعقادها.

ثالثا، أظهر عملية الاصطفاف السياسي داخل السلطة، بحيث برز على الأقل أن تحالفا ثلاثيا أساسيا يشكل نواة السلطة اليوم، يتمثل بحزب الله وحركة أمل والرئيس نبيه بري والتيار الوطني الحر من ضمنه رئيس الجمهورية، وهي القوى التي أصرت على الاستجابة للدعوة، وحضر ممثلين عنها الى جانب الرئيس نبيه بري اليوم في البرلمان، في رسالة تضامن معه. ولا يعني ذلك أن المقاطعين للجلسة من النواب مهما كانت الأسباب يشكلون جبهة مقابلة، بل يمكن القول أنهم اظهروا وجود مسافة بينهم وبين “الحلف الثلاثي” وهو ما يشير الى أن الاتفاق على تشكيل الحكومة لم يزل بعيدا، والاتفاق على طبيعتها وتكوينها بين اركان السلطة لم ينضج، ولن..

وسط هذه الدلالات والمؤشرات يستعيد القريبون من حزب الله مقولة السيد حسن نصرالله من أن الازمة قد تطال قدرة الدولة على دفع رواتب موظفيها، لكنها بالتأكيد لن تضر بقدرة حزب الله على تلبية مطالب محازبيه ورواتبهم، كما يشيع حزب الله بين مناصريه أنه يتحضر لأزمة طويلة، ويدعوهم الى شد الأحزمة وإعادة تنظيم حيواتهم الاقتصادية والمعيشية مع تأكيده انه قادر على التأقلم مع الازمة، طالما أن القوى الشريكة في السلطة وتحديدا الرئيس سعد الحريري لا يريد حكومة سياسية مطعمة باختصاصيين، ويتمسك بحكومة التكنوقراط. في المقابل اعلن الرئيس ميشال عون أن الحكومة السياسية هي الحكومة الوحيدة التي ستشكل، في رسالة ابلغها بوضوح الى ممثل الأمم المتحدة في لبنان خلال استقباله له اليوم في بعبدا. موقف رئيس الجمهورية يعكس من جهة مزيد من الابتعاد عن الرئيس الحريري، ومن جهة ثانية رسالة الى حزب الله لتأكيد الاتفاق بينهما على طبيعة الحكومة المقبلة. علما أن حزب الله حرص ولايزال على حكومة رئيسها سعد الحريري، وهذا ما يزعج الرئيس عون الذي يستشعر في ذلك خطر اضعاف دوره ودور التيار الوطني الحر.

محاولة القول ان الأزمة أو النفق المالي والاقتصادي الذي دخل فيه لبنان، يمكن لحزب الله التأقلم معه، يعوزه التدقيق في أنه يمكن له العيش في عزلة عن التداعيات التي يسببها التأزم السياسي والاقتصادي، لا سيما أن حزب الله بنى الكثير من حساباته على سلطة يمسك بها ويديرها داخليا وخارجيا، اما العودة الى الخلف، فهي غير ممكنة وان كانت متاحة لكن باكلاف عالية جدا ان لم تكن قاتلة. 

السابق
وفد من قيادة الجيش يزور الحريري.. اليكم التفاصيل
التالي
للمرة الأولى.. «الشعب يشلّ عمل برّي لا العكس»!