قليل من التفاؤل يا جورج غانم!

جورج غانم
السيد جورج غانم.. بات اللبنانيون ليلهم تحت وطأة اليأس والكوابيس التي فرضها كلامك، وذلك للمصداقيّة العاليه التي نعرفك بها، لكن وجهة نظرنا كثوار فيها كثير من الإختلاف..

أولا : إن عدم اكتراث الدول بثورتنا نعلمه ونلاحظه، وعسى أن يكون ذلك سببا في التحامنا أكثر والإتكال على عقولنا وإراداتنا، ونحن نعلم أن هذا العرس الديموقراطي الذي نعيشه هو غصّة في قلوب كثير من الأنظمة، ونعلم أن الدول لن تهتمّ الا اذا أعطيناها اشارات بأننا جاهزون لتمرير غاياتهم وعلى رأسها مواجهة وإضعاف حزب الله، ولن يكون هذا ونحن حريصون على ذلك، وأقوى حِمْيَة لنا في هذه الناحية هي عدم قدرة أي جهة استخباراتية على اختراق قادة الحراك بشكل مؤثر لأن دفق الشعب واندفاعه برهن أنه أقوى من كل محاولات السيطرة عليه من أي جهة. وأكثر قناعة لدينا الآن أن أي سلطة مستقبليّة غير فاسدة نحلم بها تُغلّب مصلحة لبنان على مصلحة المحاور ستتمكّن من وضع خطّة استراتيجية تستغلّ كل نقاط القوّة في لبنان لمواجهة تهديدات العدو الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: لكل «إنتفاضة» مقال.. ومقام فني وثقافي

ثانياً: مع كامل الإحترام لموسوعيَّتِك التاريخية فإن كل المطالب الإحتجاجية التي ذكرتها وتحوّلت لاحقا الى حروب ليست من طبيعة هذا الحراك، هذا الحراك بتنوّعه وزخمه وعديده لم يشهد لبنان مثله منذ عاميّة لحفد وعاميّة أنطلياس 1840، هذا الحراك ضمّ كل المكوّنات اللبنانية دون أدنى استثناء.

ثالثا: إن الحسابات السياسية التقليدية ولعبة المحاور الإقليمية هي هدّامة من دون شك للحراك اذا ما استطاع بعضهم الى جرّه اليها، وحتّى الساعة لا زال الوعي عند الثوار أقوى بكثير من كل هذه المحاولات والفتن التي يتوسلونها لتغيير وجه الثورة فيسهل القضاء عليها، وإن كنت كمواطن ثائر أرفض شِبْهَ الجزْمِ الذي تكلّمتَ به ووصفتَ طريق الحراك بالمسدود، لكنني تلقّفته كإنذار جدّي يحتّم على العقلاء منا أن يعملوا بذكاء وحنكة استثنائيين لتلافيه.

رابعا : صحيح أن سلاح حزب الله هو العقدة الأصعب وهو الصخرة التي يستحيل القفز فوقها، خصوصا بعد أن وضع نفسه الأمين العام لحزب الله في الصفّ الأمامي للمواجهة رغم معرفته بفساد كل المنظومة التي يحميها وتعب في دوزنة توازناتها منذ الإنسحاب السوري، لكنني في تفاؤل كبير أن ارادة الإصلاح الجذري التي يطلبها الثوار ستمكنهم ليس من القفز فوق صخرة حزب الله، بل تفادي الإصطدام المباشر بها وتفاديها لأن الجميع دون استثناء يعلم أن الإصطدام بها هو نهاية لسلميّة الثورة وانزلاق الى المواجهة المشؤومة.
خامساً: إن التحذير من الإنهيار الإقتصادي هو واقعي وليس خافيا على أحد، لكن سوء الوضع الحالي خلق عند الثوار شعورا أن أي اهتزاز سيتبعه قيامة على أسس سليمة هو أسرع بكثير من تسليم دفّة النهوض بالإقتصاد الى المسؤولين عن ضعفه حاليا، خصوصاً وأن أكثريتهم الساحقة هم من السارقين والفاسدين.

اقرأ أيضاً: بالفيديو.. إنتفاضة ١٧ تشرين تفجر وعي تلامذة لبنان

سادساً: هل من ثورة تغييرية على وجه الأرض قامت او استمرت أو نجحت لو أنها وضعتْ نُصْبَ أعينها فشل الثورات التي سبقتها؟

وأخيرا نسألك بكل محبّة واحترام: هل نفهم من تشاؤمك أن نستسلم مجدداً لنفس المنظومة الفاسدة التي نهشتنا كل هذه السنين؟ إن هذا حقا هو أصعب من الموت، وإن كان قدرنا الموت حتما، فلنمت أعزّاء أحراراً، ولن نموت – كما أوحى لنا كلامك – قبل أن يأتينا الموت. 

فقليل من التفاؤل يشفي قلب لبنان.

السابق
والد المطلوب رقم «1» يعتذر عن تعدي ابنه بالعصا على المتظاهرين
التالي
بعد ميقاتي والسنيورة.. باسيل يواجه تهمة «الاثراء غير المشروع»