إحتجاج على مين؟

الاحتجاجات في لبنان
من يحتج ضد من؟ تساؤل يخرق بقوة جدار الصمت المدوي مع كل حراك شعبي، يبدأ بدعوات "فايسبوكية" إلى الإعتصام هنا او هناك ، تبعاً لمطالب الجهة المتضررة، ومن ثم يتحول إلى شعارات حياتية عامة تصدر من وجع وخوف وفقر، تنضم إليها "زرافات وفرادى"، وينتهي سلمياً، وفي أقصى الأحوال يتخلله مناوشات مع القوى الأمنية قبيل إرفضاضه.

غير ان ما جرى البارحة، أصاب السؤال والجواب تعقيدات و”إشتراكات”، حيرة ما بعدها حيرة، خصوصاً بعد “الأصطفاف الشعبوي” الذي شهده الإعتصام وإمتد حتى إشتد، ليحول ليل بيروت إلى ساحة حرب مستجدة بعنفها ونزقها و”غوغائيتها” من قبل فرقة الشغب المحترفة التي كانت تتصدر اول صفوف التظاهرة ولا تشكل إلا نسبة قليلة منها وسط كثرة من المحتجين الذين إنكفئوا إحتجاجا و وذعرا، على نحو غير مسبوق، لم يعهده من قبل قلب بيروت في أقسى حراكه دموية.

اقرأ أيضاً: «الشيعية الموجوعة» إن حكت.. جنوباً

من لم ينزل إلى الساحة، لينازل “الخصومة الحريرية” التاريخية اللازمة والمتلازمة مع اي تحرك، تنبه إلى ان الشرارة التي أشعلت الفقراء والمعذبين في الأرض اللبنانية، هي السطو على مجانية “الواتس اب” التي يتنعمون بها ويروحون عن أنفسهم بها مسايرة وتسامرا.. وعملا أيضاً. الحدث جلل. لكن هذا القرار الجائر، أتخذ كما غيره، في مجلس الوزراء وعلى رأسه سعد الحريري، حيث يجتمع تحت سقفه وزراء من فصيل القديسين والأشرار، كيف ذلك؟ ما يعني ان الجميع (كلهم يعني كلهم) تآمر على هذا الشعب المسكين.

لم تعد تنطلي كل المحاولات البائسة والمقيتة الشعبوية للتنصل من هذه الإجراءات غير الشعبية، ونفض اليد و تقمص شخصية “النعامة”، على أحد وتحديدا الجمهور “الممانع” المستهدف، الذي منع العديد منه على نفسه الإلتحاق بـ”القطعان”، وما جرى في عقر الممانعة في بيروت والجنوب خير دليل.

اقرأ أيضاً: كرّ وفرّ فجراً..إحراق متاجر واغلاق طرقات وسقوط قتيلين

وفي الموازاة، تبرز مواقف لا تقل خيبة عن سابقاتها، التيار الوطني الحر ينأى بنفسه ويهدد ويتوعد المحتجين “على الناعم”، وفي المقابل فتحت “القوات اللبنانية” شوارع واوتوسترادات المناطق المسيحية حيث نفوذها ووجودها جزئيا أو كليا على مصراعيها، لتصفية حساباتها مع الجميع بمن فيهم الحريري، على الرغم من أنها من مكونات الحكومة وتوافق على ما توافق عليه، وكان بينهم الحزب التقدمي الإشتراكي، الذي وقف إلى جانب الحريري “ظالماً أم مظلوماً” راهناً، عله يخرجه من “ظلمات حزب الله”.

لوحة سوريالية سوداء.. لكنها واضحة المعالم والطريق، لم تعد تجدي معها كل الجهود المهدورة، لتحميل مسؤولية منظومة الفساد لفريق بعينه، بينما البقية من جنس الأشراف ينخرطون في “مهام إلهيه” ترفعها عن “صغائر” المال والمناصب.. ليس بعد اليوم.

السابق
التظاهرات «تتسلل» إلى المناطق المسيحية.. وتربك العهد!
التالي
اليكم اخر أخبار التحركات الشعبية!