القطوع الأمني مرّ.. ماذا عن الإقتصاد والقضاء؟

الاقتصاد اللبناني
يبدو أن تداعيات الإعتداء الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية والبقاع، لن تتطور الى حرب مفتوحة، بعد مرور أيام على الإستهداف، رغم الترقب لرد منتظر من حزب الله، لن يتجاوز الحدود المعقولة، في الوقت الذي تنكب فيه الحكومة الى "العمل" وسط زحمة الملفات العالقة، الى جانب الخطر الذي يهدد الليرة مجدداً في ظل عدم الإلتزام بالإصلاحات المطلوبة، لا سيما من ناحية الشفافية وفصل السلطات بعد تعيينات المجلس الدستوري الأخيرة.

بكل تباه، بات فريق رئيس الجمهورية يعبر عن حصته المسيحية بالتعيينات الإدارية في الدولة، فالى جانب تهميش الأفرقاء الآخرين، فإننا إذ نقف بذهول أمام التعديات التي تطال نقاط دستورية تجرم كل ما بات يحصل جهاراً أمام الجميع، فإلى جانب ما حصل بتعيينات الدستوري، ويحصل في ملف النفايات، وسيحصل في ملفات أخرى، كيف ستكون ملامح المرحلة المقبلة على كافة الصعد؟

ظاهرياً، ينتظر لبنان اجتماعاً اقتصادياً في 2 أيلول المقبل يطرح ملفات مالية واقتصادية كبيرة لمحاولة الخروج من الأزمة التي تهدد الجميع اقتصاديا من رأس الهرم حتى أسفله، وينتظر أيضاً بدء التنقيب عن النفط في تشرين الثاني بحسب ما أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون، وتبدو إتصالات رئيس الحكومة سعد الحريري قد أثمرت من ناحية ضبط التصعيد أمنياً مع اسرائيل.

اقرأ أيضاً: تركيبة الفساد في لبنان ما بعد الحرب

ولكن فعلياً، هل سنشهد على تغييرات في الواقع العام، خصوصا من ناحية ما نراه في مستوى التعاطي حول الملفات العالقة في ادراج ادارات الدولة؟

في هذا الخصوص، رفض الكاتب والمحلل السياسي نوفل ضو، في حديث لجنوبية، النظر الى ما يحصل بشكل مستقل، واعتبر أن كل ما نراه هو جزء من سلة متكاملة أنتجتها “التسوية الرئاسية”، وبالتالي من قام بهذه التسوية عليه تحمل مسؤولية ما وصلت اليه الأمور، فالفريق الذي عارض هذه التسوية منذ اليوم الأول، عارضها على هذا الأساس.

نوفل ضو

وأشار الى أن هذه التسوية ليست اتفاقاً سياسياً و إقتصادياً على حاضر لبنان ومستقبله، وليست اتفاقاً على سيادة لبنان في الحاضر والمستقبل، وأنما كانت عملية توزيع حصص على مستوى الرئاسات، وعلى مستوى الإدارة، وعلى مستوى القضاء أيضاً.

مضيفاً: “عندما نرى إلغاء لفصل السلطات على المستوى التشريعي والتنفيذي، كما حصل عندما تم الإتفاق على رئيس جمهورية من خارج صندوق الإقتراع، فليس طبيعياً أن نرى البعض اليوم يشتكي من عدم فصل السلطات بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وبالتالي هذا الجزء من السلطة التنفيذية “المستقوي” بعدده أو نفوذه قام بتعيين مجلس دستوري موال له، ولكن بالنهاية كل ما يتم بناؤه من 3 سنوات حتى اليوم هو بناء مواز للدستور وللديمقراطية ولفصل السلطات، وهو سلطة لا علاقة لها بالدستور ولا بالنظام السياسي اللبناني”.

وأكد ضو أن المشكلة في لبنان ليست تقنية، بل سياسية بامتياز، ولا يمكن حل كل هذه التفاصيل الصغيرة إلا بالعودة الى منطق الدستور ومنطق النظام الديمقراطي.

نظرة الخارج سلبية

في هذا الشأن، اعتبر ضو أن اليوم لا يمكن الحديث عن اصلاحات اقتصادية تقدم عليها حكومة لا تملك قرارها السياسي في كل المجالات، فشرط الحديث عن هكذا اصلاحات هو الإستقرار السياسي والأمني في البلد، وهذا الإستقرار الأمني والسياسي حدده المجتمع الدولي بالقرارين 1559 والقرار 1701، وبمؤتمر روما الذي سبق مؤتمر سيدر، والذي أكد أن أول شرط لدعم السلطة اللبنانية يكون بتنفيذها للقرارين، نظراً للجو الذي يؤمنه ذلك لإطلاق دورة اقتصادية متكاملة، وهذا غير متوفر حالياً، وبالتالي فان النظرة هي سلبية.

وعن اعلان الرئيس عون عن قرب البدء بالتنقيب عن النفط، قال: “اذا نقبنا عن النفط واستخرجناه، كيف سنصدره؟ فالتصدير تقنياً هناك طريقتين، إما عبر الأنابيب، أم عبر بناء مرافئ ضخمة تصدر الى الخارج، وهذا الأمر ليس بحجم امكانات لبنان.

وعن طريقة مدّ الأنابيب أيضاً، هل نملك وضع أنابيب ممتدة الى أوروبا؟، فنحن سنكون ضمن منظومة اقليمية تصدر النفط ومن خط أنابيب اقليمي بكل أسف له علاقة بإسرائيل، الى جانب مصر وقبرص وتركيا، وبالتالي اذا استخرجنا النفط يجب أن نكون أسياد قرارنا بموضوع تصديره وايجاد السبل المناسبة للتصدير من خلال اتفاقيات وظروف سياسية وأمنية تسمح لنا من الحصول على الغطاء الدولي والإقليمي المطلوب.

اقرأ أيضاً: معركة بأساليب مختلفة بين إسرائيل وحزب الله: لكن ما دور العملاء؟

الإجتماع الإقتصادي ومشاركة المعارضة

في هذا الشأن، قال ضو “لا يهم بالشكل مشاركة المعارضة الممثلة بحزب الكتائب، بل المهم هو المضمون، فإذا حضرت المعارضة هذا الإجتماع فلتذهب بخلفيتها المعارضة، وتقول ان ما يجري من طاولات حوار هو محاولات لابتداع مؤسسات بديلة عن المؤسسات الدستورية، فهذه الأمور من عمل مجلس الوزراء، وهو صاحب القرار بها، وبالتالي لا يمكن الحديث عن معالجات اقتصادية حقيقية في غياب الاستقرار السياسي والأمني والعسكري، وفي ظل علاقات متوترة بين لبنان ومحيطه العربي، وبينه وبين المجتمع الدولي.

وعن شروط الوصول الى قرارات اصلاحية اقتصادية، تتطلب أعادة النظر بالتوجهات السياسية والسيادية المتبعة، فأي فريق يذهب الى أي اجتماع ويقول ذلك ولا يكون جزء من صفقات وتسويات جديدة فيكون هذا موقفه المطلوب منه، أما اذا انجرفنا كمعارضة أو اي فريق معارض الى أن يقبل بأن يكون جزء من صفقة تسوية مرحلية على القضايا الإقتصادية، فنكون أمام ثمن اضافي سندفعه بعد ثمن التسوية الرئاسية.

السابق
هل تعود أصالة إلى سوريا؟!
التالي
أُصيب بإشكال فردي تطور إلى إطلاق نار في «عبا»…