«رنا» السورية .. من لاجئة الى ناشطة إجتماعية

الناشطة رنا السورية
رغم الحرب القائمة في بلادها منذ 8 سنوات، تغيّرت حياة "رنا" اللاجئة السورية بشكل كليّ في لبنان. فماذا حصل؟

بعد سنوات قليلة وصلت “رنا” اللاجئة السورية لأن تكون ميّسرة Facilitator في مؤسسة “عامل” براتب 750$.

لم تكن الزوجة رنا (ابنة الـ27 سنة) والأم لثلاثة أطفال تعلم ان حياتها ستنقلب رأساً على عقب. فهي تروي ل “جنوبية” قصة رحلتها من بلدها الذي يغلي منذ سنوات الى لبنان حيث كان التغيير بانتظارها.

هناك في سوريا عاشت كزوجة ترتدي النقاب بناء على عادات وتقاليد، لكن ظروف اللجوء فرضت عليها تغييراً جذرياً في حياتها.

وصلت رنا الى لبنان منذ العام 2013 بعد ان عاشت وعائلتها لمدة سنة في ظل الحرب واهوالها، في منطقة الحجر الأسود بريف دمشق. وتقول رنا “كنا نعيش تحت القصف إلى أن إحتل البلدة تنظيم “داعش”، ولم يخرج منها، فانتقلنا إلى منزل أقارب لنا في الشام”.

وتتابع رنا، الأم لثلاثة صبية صغار، والحاصلة على شهادة الثانوية العامة في سوريا، تقول “هربت من قريتي إلى اقارب لنا في الشام لمدة أربعة شهور، ونتيجة الوضع الأمني فكرنا بالهروب إلى لبنان، فوصلنا إلى الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت، خاصة أن أقاربي وحماتي كانوا قد سبقونا”.

الناشطة رنا السورية
الناشطة رنا السورية

وتتابع رنا بالقول “زوجي كان يعمل كمندوب مبيعات في سوريا، وعندما وصلنا إلى الشياح سكنا في منزل “سلفي”، وكنا كعائلة نشترك مع إخوة زوجي في استئجار منزل مكوّن من خمس غرف، وكنا نقيم في غرفة وندفع بدل إيجارها، فبدأ زوجي يعمل في ورش البناء المتوفرة”.

وتشرح رنا “ولمّا كان ايجار المنزل مرتفعاً، سعيتُ للعمل لمساعدة زوجي، فتعرّفت بعد بحث طويل عن عمل مع أناس في جمعية اسمها “تحسين سبل العيش” في منطقة المكلّس، الذين بدورهم دلوني على مؤسسة عامل في الطيونة”.

وتلفت رنا إلى أنهم” طلبوني للعمل كحاضنة للأطفال، لمدة 3 أيام في الإسبوع من التاسعة حتى الواحدة ظهراً. بدأت بالعمل براتب 250 دولار شهرياً، وهناك إلتقيت بالمدربة لمى عجروش، التي طلبت منها أن تؤّمن لي عمل بعد انتهاء الثلاثة أشهر، وبعد أن قدمت لها كافة المعلومات طلبت مني العمل معها كميّسرة Facilitator”.

وتشرح رنا “تغيّرت أوضاعنا كلها في المنزل حيث انتقل إخوة زوجي من المنزل، وإستقليت وعائلتي مادياً، وبتُ أساعد زوجي حيث كنا سابقاً تعاني من ضائقة مادية صعبة، عاش خلالها أطفالي أسوأ الأيام. اما اليوم فسجلتهم في مدرسة خاصة، وبات لهم غرفة مستقلة في البيت مع الألعاب، وهم كانوا محرومين من أي شيء يخصّ الأطفال. واليوم تسكن حماتي معنا، وتساعدني في تربية أطفالي”.

وتشرح رنا “بعد أن كنتُ ربة منزل ألبس النقاب، ويمنعني زوجي من الخروج من المنزل بتُ اليوم أعمل كمساعدة في مؤسسة عامل كميّسرة، حيث أتواصل مع اللاجئات السوريات في المنطقة وأنقل هواجسهن إلى المدربة حيث تنظّم لهم المؤسسة دورات توعية وتعليم وتدريب، إضافة إلى المهارات التي اكتسبنها منذ خروجهن من سوريا. وكوني نتيجة الدورات التي انجزتها ضمن المؤسسة إكتسبت مهارات التواصل كلها فبت أعمل في مجال الإستقطاب في مجال المحاضرات، وكل ذلك بفضل شخصيتي التي تطورت منذ أن عملت في مركزعامل بالطيونة لمدة 3 أشهر كحاضنة أطفال ممن كانت أمهاتهم يتدربن على اكتساب بعض المهن”.

وتضيف رنا “تنمية الشخصية هنا تناسبت مع شخصيتي التي تحب الناس والتفاعل، فكان التطور الثاني في مركز بعجور مع راوية مهنا ولمى عجروش، وقد استفدت من وجودي في مركز بعجور لأتعلم اللغة الانكليزية لمدة 9 اشهر، إضافة إلى إشتراكي في دورات تدريبية للتواصل مع الناس والأطفال والعمل الميداني”.

وتلفت الى أن “كل هذه الدورات التأهيلية نمّت شخصيتي وظهرّتها، وبتُ إمرأة واثقة من دورها في العائلة، وبتُ أساعد زوجي في مصروف المنزل، علما إني في سوريا لم أكن أعمل، كل هذه التطورات في شخصيتي أفادت عائلتي، حيث صرت مستقلة إجتماعيا بعد أن كان زوجي يمنعني من الإختلاط، وهنا بتُ إمرأة مستقلة، وباتت علاقتي مع اللبنانيين جيدة، وكون عملي هو التواصل الإيجابي، فقد تحسنّت علاقتي مع الجميع . وتختم رنا اللاجئة السورية، لـ”جنوبية” بالقول: “بتُ سيدة مجتمع فاعلة، واثقة من نفسها، غير خجولة، كما تحسّن وضعي المادي فبت أشتري لأولادي ما كانوا هم محرومين منه، وبتُ قادرة على التطور، وأطمح اليوم لأن أكون في وضع أفضل، وأن اتطور أكثر”.

اقرأ أيضاً: وللشباب حصتهم في «عامل»: حياة مهنيّة في زمن البطالة

السابق
القرارات «الاصلاحية» الاخيرة للمحاكم الشرعية الجعفرية: ما لها وما عليها!
التالي
زراعة رقائق إلكترونية في اليد..ذاكرة إنسان المستقبل الجديدة