من آلآم حرب تموز 2006: المكتبة التي لا تعوض

حرب تموز
في ذكرى حرب عدوان إسرائيل في تموز 2006، والتي كان الشعار بعدها: "ستعود أجمل مما كانت"، أدرك المعنيون أن من الأشياء ما لم يجد من يعيد جماله، وما زال القُبْحُ يَلُفُّه كلما عادت الذكرى.

لقد تركز عدوان العدو الصهيوني يومها على استهداف بيوت علماء الدين الشيعة الذين مدادهم أفضل عند الله من دماء الشهداء، فأصاب صاروخ مباشر من البحر من البارجة الإسرائيلية مكتبة العلامة المفسر والخطيب المدقق والباحث المحقق الدكتور الشيخ إبراهيم العاملي في منطقة حارة حريك.

هذه المكتبة التي حوت نفائس المخطوطات والكتابات إلى جانب مجموعة هائلة من المصادر والمراجع في مختلف العلوم التي كانت ثمار دراسات سماحته وتنقلاته بين قم المشرفة والنجف الأشرف وغيرها من الحاضرات العلمية، فكان فيها نوادر التفاسير القرآنية والكتب الفقهية والأصولية والتاريخية والعقائدية والأخلاقية والعرفانية والصرفية والنحوية والمنطقية والفلسفية واللغوية والحقوقية والقانونية والسياسية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية وغيرها من نوادر ما جمعه وورثه الدكتور العاملي عن آبائه وأجداده وهو المتصل في نسبه من طريق أبيه بثاني الشهيدين صاحب الروضة البهية الذي كان مرجع الشيعة في عصره عند العامليين.

اقرأ أيضاً: «حرب تموز» بعد 13 عاماً: كيف ينظر اللبنانيون إليها؟

ولكن الذي يزيد في الحرقة في القلب هو ضياع ما كتبه يراع سماحته من الأبحاث وألقاه لسانه المفوه من المجالس الحسينية والخطب منذ نعومة أظفاره، فقد أفقدنا العدوان على مكتبته ما يقرب من ألف بحث وكتاب كان سماحته قد دونها وصنفها في مسيرته العلمية، كان أهمها تفسيره القرآني: “المستبين من تفسير القرآن المبين” الذي باشر بإعادة كتابته للمرة الثانية بعد العدوان والذي يُقَدَّرُ له أن يكون أكبر تفسير للقرآن عند الشيعة. ما زال سماحته مشتغلاً بكتابته منذ خمس وثلاثين سنة، ومن جملة ما افتقدناه من العدوان موسوعة سماحته: “الذريعة لمعرفة علماء الشيعة” التي ترجم فيها سماحته آلآف علماء الدين الشيعة من لبنان وسورية وإيران والعراق والبحرين والكويت والإمارات وسائر دول الخليج والحجاز واليمن وأفغانستان وپاكستان وإفريقيا وغيرها من دول العالم ، ولو قُدِّر لهذه الموسوعة بالبقاء لزادت عما كتبه المرجع الراحل والمؤرخ الحجة السيد محسن الأمين في موسوعته الخالدة: “أعيان الشيعة”، ومما أتلفه العدوان من مكتبة الدكتور العاملي مئات الأبحاث التي كان يُعد بعضها للطباعة والبعض الآخر لإلقائه على طلابه في الحوزة العلمية وعلى المنابر الحسينية التي كان يرتقيها يومها بين لبنان ودمشق وإيران والعراق، إلى جانب تقريراته العلمية لأساتذته في الفقه والأصول والتفسير، وإلى جانب أرشيف المئات من مجالسه الحسينية المسجلة والمصورة في طول مدة مسيرته الخطابية قبل العدوان وفيها نوادر المجالس وأشجاها..

اقرأ أيضاً: ذكرى حرب تموز التي أعطت المجد لحزب الله ففرّط به في سوريا

فهل عادت المكتبة التي لا تعوض أجمل مما كانت في ذكرى حرب تموز 2006؟ ولا عجب أن تستهدف إسرائيل بصاروخها من البارجة الحربية مكتبة الدكتور العاملي بعدما اختارت كتابه: “غريب العصر” عن القائد المغيب السيد موسى الصدر لتُتَرجمه للغة العبرية من بين ثلاثين كتاب كُتبت عن القائد المغيب…

السابق
الدكتورة المولى تستقبل المستشار الثقافي العراقي في لبنان
التالي
النيابة العامة العسكرية تدعي على الموسوي؟!