ازدواجية مفهوم الدولة لدى حزب الله.. وكذلك السلطة اللبنانية؟

دفعت العقوبات الاميركية التي فرضت على بعض القيادات السياسية والامنية لحزب الله، قيادة حزب الله الى البحث عن طريق العودة الى احضان السلطة اللبنانية للاحتماء بها وخلفها من تاثير العقوبات دون اطلاق اية اشارة عن رغبته بالتراجع عن ممارسة سياسته المستقلة عن السلطة اللبنانية السياسية منها وكذلك الامنية والعسكرية…؟

كذلك فقد كشفت هذه العقوبات ضعف السلطة التنفيذية الحاكمة في لبنان التي حاولت ان توازن في مواقفها المعلنة بين رفض القرارات الاميركية بطريقة مهذبة جداً..؟؟ وبين عدم ادانتها او على الاقل عدم اعلان رفضها لسياسات حزب الله التي ادت او دفعت الولايات المتحدة الاميركية الى فرض العقوبات على هذه القيادات..؟

اقرأ أيضاً: قلق في بيروت: خوف من «حزب الله» أم من لائحة عقوبات جديدة؟

امين عام حزب الله حسن نصرالله، رفض مراراً وتكراراً سياسة النأي بالنفس التي اجمعت عليها السلطة خلال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي… واكد في اكثر من مناسبة ان حزب الله (يكون حيث يجب ان يكون)…كما تنصل حزب الله من بنود تفاهم بعبدا الذي تم الاتفاق عليه خلال عهد الرئيس السابق ميشال سليمان.. والذي نص على الالتزام بسياسة الناي بالنفس وعدم الانخراط في صراعات دول المنطقة..؟؟؟ بل على العكس من ذلك فقد اشار نصرالله في اخر مناسبة خطابية له بان حزب الله سوف يكون جزءاً من اي حربٍ تقع بين الولايات المتحدة وايران…. نشر موقع فرانس 24 نشر في 31ايار\ مايو 2019، ما يلي: (حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة من أن أي حرب ضد طهران الداعمة له “لن تبقى عند حدود إيران” بل ستشعل كل المنطقة، منبها من أن هذا يعني أن المصالح الأمريكية “ستباح”. وفي كلمة لمناسبة يوم القدس العالمي قال نصرالله “ليسمعني العالم جيدا، إن السيد (دونالد) ترامب والإدارة عنده وأجهزة مخابراته يعرفون جيدا أن الحرب على إيران لن تبقى عند حدود إيران”. وتابع “الحرب على إيران تعني أن كل المنطقة ستشتعل (…) وكل القوات الأمريكية والمصالح الأمريكية في المنطقة ستباح، وكل الذين تواطؤوا وتآمروا سيدفعون الثمن، وأولهم إسرائيل وآل سعود”…)….

طبعا نصر الله لم يناقش او ينسق مع الحكومة اللبنانية او حتى مع حليفه التيار الوطني الحر هذا الموقف باعتبار ان التيار الوطني اصبح جزءاً من منظومة محور ايران بالنسبة لحزب الله… كما ان الحكومة اللبنانية التي يشارك فيها حزب الله لم تعلق على هذا الموقف لا سلباً ولا حتى ايجاباً..؟ ولم تعلن رفضها لاعلان حزب الله استعداده للانخراط في صراعٍ اقليمي ودولي لا علاقة للبنان وشعبه به….

ومنذ ايام جاء الرد الاميركي بفرض العقوبات….على حزب الله.. فكان رد حزب الله هو السعي للاحتماء بمؤسسات الدولة اللبنانية وغابت اللغة العنترية…بحسب مصادر سياسية هو التالي: (وفيما تردد ان الامين العام للحزب حسن نصرالله سيتطرق الى الموضوع ليل الجمعة، أفيد بان حزب الله وجّه رسالة طالب فيها بأن يصدر موقف لبناني رسمي موحد من العقوبات الأميركية وهو بانتظار صدور موقف عن الحكومة اللبنانية…) طبعاً السلطة اللبنانية استجابت سريعاً …. إذ أعرب الرئيس ميشال عون عن أسف لبنان إزاء قرار واشنطن فرض عقوبات على نائبين من حزب الله، من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري العقوبات الجديدة بمنزلة «اعتداء» على لبنان، بينما قال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إنها اتخذت «منحى جديداً» بفرضها على أعضاء في البرلمان، لكنها لن تؤثر على عمل حكومته التي تضم وزراء من حزب الله. مضيفاً أنه «امر جديد سنتعامل معه كما نراه مناسباً وسيصدر عنا موقف بشأنه». وشدد على أن «المهم أن نحافظ على القطاع المصرفي وعلى الاقتصاد اللبناني»، آملاً «ألا يصار الى تضخيم هذا الموضوع لأنه موجود أساساً فلا داعي للتحليلات لأنها ستؤدي برأيي إلى تأزيم الواقع السياسي».(…

اذاً تجاوز حزب الله منطق الدولة واحترام مؤسساتها عندما شعر ان يده فوق السلطة وان ادواتها انما تخضع لارادته، فتجاهلها وتصرف بفوقية مطلقة… متجاوزاً قراءة قدراته الحقيقة وامكانياته الموضوعية التي تخوله مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة والعالم…؟؟ ولكن عندما كشفت الولايات المتحدة عن قراراتها وبرنامجها لمواجهة ايران ومن معها…وجد حزب الله ان دعم مؤسسات الدولة اللبنانية الدستورية ضروري ومطلوب لتحقيق هدفين:

الاول: هو تاكيد ان دوره على الساحة اللبنانية والاقليمية شرعي من خلال انخراطه في مؤسسات السلطة اللبنانية وهذا ما اكدته بيانات الرئاسات الثلاث وان بشكل غير مباشر….

الثاني: توريط الشعب اللبناني برمته ومؤسساته الرسمية والخاصة بحيث تصبح موضع مراقبة ومتابعة من قبل الولايات المتحدة الى ان يصبح لبنان برمته محاصر ومعاقب وليس حزب الله كحزب وميليشيا فقط…. وهذا ما اكده واعطاه الشرعية بيان الرئيس بري حين قال بان القرار الاميركي اعتداء على لبنان….

اذا واضحة هي ازدواجية معايير التعاطي مع السلطة اللبنانية لدى حزب الله، بل يمكن القول انها انتهازية بحيث يتم تجاهلها لحماية مصالح ايران وحزب الله.. بينما الاحتماء بها والتمسك بمؤسسات السلطة والحكومة يتم عند شعور حزب الله بانه بحاجة لحماية داخلية لمتابعة تادية دوره داخليا واقليمياً…

كما يمكن القول انه ليس صحيحاً ان قرار العقوبات الاميركية هو اعتداء على لبنان وشعبه…!! لان من اتخذ قرار المواجهة مع الولايات المتحدة ليس لبنان بشعبه ومؤسساته بل فريق حزبي مرتبط بمحور اقليمي يتخذ من سياسة المواجهة نهجاً واستراتيجيةً امتدت طوال اربعة عقود ولا زالت مع الاسف…

كذلك فإن ازدواجية فهم السلطة وممارسة العمل الحكومي والمؤسساتي مفقودة لدى بعض القادة السياسيين مع الاسف او انهم يتجاهلونها عن قصد.. اذ لا يمكن لهذه السلطة ان تتجاهل ممارسات فريق لبناني يعطل العمل الحكومي ويشكل دويلة داخل الدولة ويؤسس ميليشيات مسلحة ويعبر الحدود ذهاباً واياباً في اتجاهات مختلفة دون محاسبة او اعتراض… ويخدم سياسة محور اقليمي.. ومن ثم تعمل هذه السلطة على احتضانه حين يشعر هذا الحزب بالخوف والقلق..باعتباره فريق لبناني مشارك في السلطة للحفاظ على الوضع الاقتصادي وكان الاقتصاد قطاع منفصل عن الواقع السياسي..؟؟

الدولة سلطة واحدة لا تتجزأ وهي لرعاية وحماية كافة مكونات الشعب اللبناني، ولمنع اي فريق من تجاوز القوانين والقفز فوق سلطتها ودورها…ولحماية مصالح الشعب اللبناني في الداخل كما في بلاد الاغتراب.. ولكن كما يبدو فإن الواقع الحالي يكشف..

الازدواجية في ممارسة السلطة والنفوذ والمعايير التي يمارسها حزب الله صراحةً.. كما تمارسها السلطة اللبنانية الحاكمة.. إما عن ضعف او تواطؤ، لم تجلب للبنان وشعبه سوى الخسارة والعقوبات والحصار.

السابق
تاتيانا مرعب حامل بـ«توأم»!
التالي
المولدات الكهربائية ووضع السكان في منطقة جنوب لبنان