الرسائل الإيرانية عبر لبنان: من الجبل إلى «إسرائيل»

قبرشمون
إهتزاز الإستقرار الأمني والسياسي وتعثر مفاوضات الحدود في ظل وضع إقتصادي-مالي سيء، مؤشرات لرسائل إيرانية معبرة عبر الساحة اللبنانية.

لمواجهة تصاعد الضغوطات الأميركية على إيران، لجأت هذه الأخيرة إلى التصعيد بوجه أميركا وحلفائها، مستخدمة ساحات متعددة حيث تنتشر فيها مكونات فيلق القدس والكيانات المسلحة المتحالفة معه: غزة، اليمن، العراق، سوريا.
حتى مؤخرا”، ظلت الساحة اللبنانية خارج هذا المنحى التصعيدي. لا بل، بالعكس بعثت إيران برسائل إيجابية لأميركا من خلالها: الإفراج المفاجئ عن نزار زكا على يد الرئيس عون (“وكرمال سود عيون” السيد نصر الله) والدخول في مفاوضات إسرائيلية-إيرانية بالمضمون (وإسرائيلية-لبنانية بالشكل) حول ترسيم الحدود البرية والبحرية الإسرائيلية-اللبنانية.
هدفت إيران من هذا التصرف الإيحاء أنها بإمكانها أن تنتهج الإيجابية مع أميركا، إذا هذه الأخيرة أوقفت تصرفاتها العدائية.

اقرأ أيضاً: بعد غياب البطريرك صفير… إستكمال الثأر من مصالحة الجبل؟

غير أن إستثناء الساحة اللبنانية من رسائل طهران الحامية لها سبب أساسي آخر، هو مراعاة وضع حزب الله في واقع لبناني يعاني إقتصاديا” وماليا” ومرشح لعقوبات قد تنعكس سلبا” على الحزب، بالإضافة أن حزب الله هو المكون-القاطرة لفيلق القدس، مما يحتم عدم إستخدامه إلا في حالات الأخطار القصوى.
لا شك أن للتوترات الأخيرة أسباب لبنانية تتعلق بلعبة السلطة الداخلية (أعني السعي المحموم للوزير باسيل للفوز برئاسة الجمهورية، سعي جنبلاط إلى إستعادة ما تيسر من مكانته في التركيبة اللبنانية وحماية غلبته في الجبل مقابل شهية أخصامه،…)، غير أن كل هذه اللعبة تظل تحت رقابة و/أو إشراف حزب الله الذي “يدوزن” الأحجام كما تقتضيه مصلحته. وهو القادر على التحكم بمسار التطورات، ولا سيما التأثير المباشر على تصرفات “حلفائه”.
ليس صدفة ما حدث في الجبل في هذه اللحظة التي تحتدم فيها المنازلة الأميركية-الإيرانية، ولا صدفة إندفاعة باسيل على زيارات كافة المناطق اللبنانية وإجتماع الثلث المعطل في وزارة الخارجية في وقت يفترض بالوزراء أن يحضروا ألى القصر الحكومي،…
وليس صدفة أن تتعثر المفاوضات الحدودية.
لا شك، برأيي المتواضع، أن كافة هذه التطورات هي رسائل إيرانية.
هذه بداية. والآتي قد يكون أعظم.
ولكن، على المدى المنظور، سوف يعيد حزب الله “ترتيب” الأوضاع والأحجام إلى حين.
أما الحريري، جنبلاط وجعجع، فلن يستقيلوا لأنه ليس بمقدورهم أن يستقيلوا، ولا هم راغبون بذلك تمسكا بمواقعهم في ما تبقى من سلطة، ولمحاولة تحقيق أحلامهم السلطوية المستقبلية.

السابق
بين الدولة العراقية و«الدولة الموازية» المقترحة..
التالي
نتنياهو: ترامب كان على علم بمهمة إسرائيلية لجلب وثائق نووية إيرانية