همس دولي في بيروت حول إخراج إيران من سوريا: من يتذكر عام 1982؟

احمد عياش

قبل أيام من إنعقاد القمة الامنية لرؤساء مجالس الامن القومي في الولايات المتحدة الاميركية وروسيا وإسرائيل الذي إستضافته القدس الغربية المحتلة يوميّ الاثنين والثلثاء هذا الاسبوع،كان تقرير ديبلوماسي في بيروت يتحدث عن “تململ” روسي من الدور الايراني في سوريا والمنطقة، ما أعطى إنطباعا في اوساط رسمية، كما علمت “النهار”، أن موسكو طوّرت موقفها من الوجود الايراني في سوريا، وذلك للمرة الاولى منذ العام 2015 عندما تدخلت روسيا عسكريا في الحرب السورية بطلب إيراني مباشر، ما أدى الى قلب موازين القوى في تلك الحرب رأسا على عقب، فكانت النتيجة بقاء نظام بشار الاسد الذي كاد أن يلقى مصير نظيره العراقي صدام حسين عام 2003.
ما هو قيمة هذا “التململ ” الروسي الذي عبّرت عنه شخصية روسية رفيعة المستوى زارت لبنان أخيراً، وأطلعت “النهار” على بعض ما دار في محادثاته مع كبار المسؤولين؟مصادر واسعة الاطلاع أخذت في الاعتبار ما يمكن تسميته ب”التحوّل” في مقاربة موسكو لملف إيران في سوريا وعدد من أقطار المنطقة، ولبنان في مقدمتها.لكن هذه المصادر آثرت التريث في إطلاق احكام على ما جاهرت به الشخصية الروسية. ولفتت في الوقت نفسه الى المواقف العلنية الروسية، ومنها تصريحات سكرتير مجلس الامن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، الذي “ساير” نظيريّه الاميركي جون بولوتون والاسرائيلي ومئير بن شابات بقوله في لقاء القدس ان موسكو “تعير إهتماما كبيرا لضمان أمن إسرائيل”، لكنه في المقابل،صرّح في موسكو قبل وصوله الى إسرائيل،انه سيقوم بـ”نقل وجهات النظر الايرانية الى الجانبيّن الاميركي والاسرائيلي”، داعيا الى “إحترام مصالح” طهران “عند الحديث عن التسوية” في سوريا.

اقرأ أيضاً: ماذا تريد إيران… ماذا يريد ترمب؟

لا يخفى على المراقبين هذا “التخبط”في الموقف الروسي بشأن الحرب في سوريا.والسبب يعود الى ان جدول الاولويات في هذه الحرب، يشهد حاليا فوضى عارمة ،ما جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمنح كل من الاطراف الاقليمية والدولية المعنية بهذه الحرب، ما يود هذا الطرف سماعه. لكن هذا الواقع الذي يجعل موسكو في حالة من الحذر الشديد، لا يختزل الصورة الكاملة للتحولات التي تمرّ بها المنطقة التي تقف الان على شفير حرب بين الولايات المتحدة وإيران، ولو بدا ان هذه الحرب مستبعدة حالياً.
في معلومات لـ”النهار” من اوساط ديبلوماسية عربية، أن هناك “شيئاً ما” يتحرّك عبر قناة الحوار الذي تقوده سويسرا برضى من واشنطن وطهران معا، نظرا لإن جنيف تتولى حاليا رعاية المصالح الاميركية في الجمهورية الاسلامية.أما هذا “الشئ ما” التي تتحدث عنه المعلومات ، فيقوم على إيجاد أرضية مشتركة للحوار بين الاميركيين والايرانيين ، تؤدي إذا ما نجح المسعى السويسري، الى حفظ مصالح الجانبيّن. ولفتت الاوساط ذاتها الى حديث عن “دور إقتصادي إيراني” في المنطقة يلي نجاح سويسرا في ما تسعى اليه حالياً.
في موازاة ما أدلت به الاوساط الديبلوماسية العربية، علمت “النهار” من مصادر ديبلوماسية غربية ، ان الدول الموقّعة على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، تفترق عن واشنطن في خروجها في عهد الرئيس دونالد ترامب من هذا الاتفاق .لكن هذه الدول، وتحديداً الأوروبية، تلتقي مع الولايات المتحدة في رفض الدور الايراني في المنطقة وفي موضوع الصواريخ الباليستية التي زجت بها طهران في مناطق النزاع من اليمن الى سوريا ومنها الى لبنان.
في دراسة صادرة حديثا عن معهد واشنطن ،وأعدته آنا بور شفسكايا ، تحت عنوان “ما يمكن توقعه من الاجتماع الاميركي-الروسي في القدس”، كتبت تقول: “تصريحات روسيا السابقة بأنها غير قادرة بمفردها على إخراج إيران (من سوريا)، تفسح في المجال أمام عرض مقترحات حول كيفية إمكان قيامها بذلك بمساعدة خارجية”.
اوساط سياسية تقارن الدور الروسي في سوريا حاليا ،بالدور السوري في لبنان منذ دخول جيش حافظ الاسد الى لبنان عام 1976 بغطاء خارجي، وتحديداً الأميركي وبـ”غض نظر” إسرائيلي. لكن المهمة الاساسية التي كانت موكلة الى النظام السوري في ذلك الزمن، وهي السيطرة على السلاح الفلسطيني، لم تنجز لإسباب عدة، فكان ان تولى تنفيذ المهمة جيش مناحيم بيغن بقيادة آرييل شارون منهيا في الاجتياح الكبير للبنان صيف عام 1982، الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان.
هل تتكرر نهاية زمن السلاح الفلسطيني في لبنان قبل 27 عاماً، في سوريا اليوم بشأن السلاح الايراني؟ بالطبع، ليس هناك من جواب على هذا السؤال. وبناء على ما ورد في مقال نشره أخيرا الموقع الالكتروني لصحيفة “كيهان” الناطقة بلسان المحافظين في الجمهورية الاسلامية فإن “إيران باقية في سوريا ، ما بقي محور المقاومة منتصرا. ولن تخرج من سوريا، إلا الى فلسطين تحت رايات التحرير”.
مشهد معقّد في كل إنحاء المنطقة.لكن الزمن حافل بالامثولات، بينها تكرار الاحداث مثل أحداث عام 1982 في لبنان.لكن متى يحصل ذلك ؟انه أيضا سؤال بلا جواب الان.

السابق
…صدمات نفسية عالمية، ما بعد الخيبة…
التالي
اللواء إبراهيم: الأمن العام لم يسلّم أي منشق إلى سوريا على مدى السنوات الثماني الماضية