هل تنجح وساطة برّي في «مصالحة» الحريري مع جنبلاط؟

ما زالت الجبهة هادئة على خط بيت الوسط – المختارة بعد حرب "تويترية" دامت لساعات الأحد الماضي، بدأها رئيس الحكومة سعد الحريري بتغريدات كتبها بيده، واستكملها قيادات من المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، الى أن تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري لإرساء "هدنة" ما زالت سارية بين الطرفين.

ويحاول بري ترتيب لقاء بين الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، يتوقع حصوله في غضون 48 ساعة، برعاية الأول، على أن تحضّر الأرضية المناسبة له قبل انعقاده، لطي صفحة توترات دامت لأشهر بين الفريقين، وكان بري قد التقى الحريري أمس على هامش الجلسة التشريعية في مجلس النواب وتطرقا فيه إلى ضرورة التهدئة بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل.

وفي هذا السياق، ذكرت مصادر مقربة من الرئيس برّي أنه سيعمل على جمع الحريري مع جنبلاط من اجل وضع حدّ نهائي للخلاف وتحقيق المصالحة بينهما، لكن شرط ان يتجاوب الطرفان مع المسعى ويلاقي احدهما الاخر في منتصف الطريق، بحيث تتم معالجة هواجس جنبلاط ومطالبه، ويتم تصحيح الموقف الجنبلاطي من الحريري.

اقرأ أيضاً: الفساد في وزارة الصحة العامة برسم الوزير والنائب… والسيد (2)

اللقاء لن يحصل اليوم، بسبب انشغالات الحريري، الذي يرعى عند السابعة والنصف مساء حفل التخرّج لكليات الهندسة والطب والموسيقى واللاهوت في جامعة الروح القدس- الكسليك، حيث سيلقي كلمة سياسية وصفت بأنها تتناول الأوضاع السياسية الراهنة، بما في ذلك ما يحيط بالمشهد السياسي من تقلبات، مؤكداً تمسكه بالتسوية السياسية، وميثاق الطائف. بالإضافة الى أن الحريري وسيرأس عند الساعة 11.30 قبل ظهر اليوم جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير، والتي لن يكون على جدول أعمالها أية تعيينات.

وفي ظل وساطة بري، تتخوف أوساط من وجود “قطبة مخفية” بعيدة عن السياسة بين الرجلين قد تعرقل “تصفية القلوب”، أما سياسياً، فألمحت مصادر خاصة “لجنوبية” عن وجود عتب مستقبلي كبير على زعيم المختارة، الذي يصوب سهامه نحو المستقبل وزعيمه أكثر من أي طرف آخر، رغم المسيرة الطويلة المعمدة بالدماء بين الفريقين .

في حين أن مصادر إشتراكية قالت لجنوبية أن العتب يأتي من جنبلاط الذي يعتبر أن الحريري منغمس بتحالف “خطير” مع التيار الوطني الحر لم ينتج شيئاً حتى الآن سوى مصالح شخصية، تبعد الأول عن حلفائه، في إشارة الى شعور جنبلاط بالمحاصرة “درزياً” خصوصاً في ملف التعيينات، دون أن يقف الحريري بوجه ذلك.

من جهة أخرى أفادت مصادر مستقبلية لجنوبية أن الحريري لم يترك جنبلاط وحده يوماً، أما الأخير فهو من كان سباقاً بمد يده للفريق الآخر “لربط النزاع”، ورأيناه يضع أوراقه في جعبة رئيس الجمهورية خلال أزمة تأليف الحكومة، وسألت: “لماذا يتهم الآخرين بأفعال هم أول من قاموا بها؟”.

هذه التباينات والتساؤلات ستكون الطبق الرئيس خلال اللقاء، والذي سيحرص بري فيه على إضفاء جو من التوازن، يمنع به الخطاب الهجومي بين الرجلين، بحيث لا يقوم جنبلاط باتهام الحريري بالتنازل عن صلاحياته والطائف كما يلمح دائماً، ولا يقوم الحريري بفتح ملفات جنبلاط “التسووية” مع الأطراف الأخرى. وأن تكون نتائج اللقاء عبارة عن “وثيقة” تحدد ملامح العلاقة في المرحلة المقبلة، دون أن يتم التعامل “على القطعة” والعودة الى توجيه الرسائل المبطنة عبر تغريدة جنبلاطية، يعاد مسحها بعد أن تصل الى “من يعنيه الأمر”.

اقرأ أيضاً: هكذا نهضت كل الدول التي كانت منهارة بعد الحروب أو النكبات..

ويمكننا استخلاص بعد النتائج الملموسة للمساعي التي يقوم بها بري، وذلك بعد تغريدة جنبلاط مؤخراً عن قراره بعدم التغريد سوى بمواقف عامة وبعض الصور حيث كتب: ” ان وسائل التواصل الاجتماعي اليوم قد يكون فيها ايجابيات لكن سلبياتها اكبر لذا قررت من الان وصاعدا استخدام الطرق التقليدية للاتصال وهي اضمن وادق وتسمح للمراجعة والتفكير بعيدا عن التوتر والتوتر المضاض والسجالات المرهقة دون جدوى .لن انشر من الان الا مواقف عامة او بعض الصور”.

ويتوقع ان ينجح بري في مساعيه التوفيقية اذا أجرى الطرفان قراءة متأنية لمسار علاقتهما، وقاما باستذكار المراحل التاريخية بينهما للنظر الى “نصف الكوب الملآن”، وكي لا يصطاد آخرون بالماء العكرة، كما أشار الحريري في احدى تغريداته الأحد عندما كتب: ” الي عم يحاول يرمي زيت على النار معي ما بيمشي”. فهل سنشهد على مرحلة جديدة بين الطرفين أم أن “القلوب المليانة” ستبقى على حالها؟

السابق
«من دون إيران لكان الأسد ذكرى».. فكيف تنعكس المواجهة مع أميركا على سوريا؟
التالي
غادة عيد: لا لإملاءات مؤتمر سيدر والبنك الدولي