عشنا وشفنا.. من سيرة العهد القوي

ميشال عون
قديما قيل عيش كتير بتشوف كتير ، وفعلا اللي بيعيش ياما بيشوف خاصة إذا كان لبنانياً. هنا بعض ما نعيش ونرى من أحوال "العهد القوي" في دولة "لبنان العظيم".

فمثلا عشنا وشفنا بالأمس القريب بلدنا بلا رئيس جمهورية لمدة تزيد عن عامين وكان اﻷمر عاديا ، في ظل مجلس نواب الذي من أهم مسؤولياته إنتخاب رئيس للجمهورية ﻻ يجتمع لهذا الغرض بينما يهرول النواب فرادى وتكتلات للتمديد بحجة ملء الفراغ. كل هذا كان بدعوى أن المطلوب وصول رئيس قوي في بيئته ويحمل راية الإصلاح والتغيير، وكان ما كان في العام 2016 ووصل الرئيس القوي فماذا كان؟ كان أن عشنا وشفنا التغيير والإصلاح عبر تعيين البنات مستشارات والأصهار نوايا..
عشنا وشفنا قانون إنتخاب لقيط وهجين أعاد إنتاج أسوأ ما في هذه الطبقة السياسية..
عشنا وشفنا الألقاب تطلق على العهد وصاحبه من بي الكل إلى العهد القوي في ظاهرة جديدة على لبنان وسياسته لم يصل إليها البلد في أسوأ مراحله، تيمنا على ما يبدو وإستنساخاً لأنظمة قمعية يرفضها اللبناني.

اقرأ أيضاً: هل تعود عقدة «اللقاء التشاوري» من باب ملف التعيينات؟

عشنا وشفنا موظفة رسمية تفبرك ملف عمالة للعدو بحق مواطن لبناني بريء، وجهاز أمني يعتقل هذا المواطن بناء على التلفيق ويمارس عليه أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، دون أن يتحرك أحد في الدولة لمساءلة هذا الجهاز وحفظ حق هذا المواطن.
عشنا وشفنا وعطفا على الموضوع السابق، قاضٍ هو مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ينقلب من مدعي إلى محامي دفاع عن المتهمة نكاية بجهاز أمني ومديره بسبب قضايا مثارة بينهما وكأنهما يعملان في مزرعة لا دولة لها قوانينها.
عشنا وشفنا خطاب كراهية وعنصرية وجينات على لسان كبار المسؤولين ينطلق ضد اللاجئين والنازحين دون رادع من قانون أو ضمير رأفة بالبلد وأهله قبل الغير فكان أن وصلت الموسى لذقن اللبنانيين.

عشنا وشفنا خطاب الكراهية وهو يصل حد منع مواطن لبناني من السكن في منطقة لبنانية بسبب ديانته، ووقفات داعمة لهذا القرار في البلدة ومن سياسيين ونواب وحتى رئاسة الجمهورية حسب زعم رئيس البلدية المعني، ومن مقامات سياسية ودينية من طائفة المواطن الممنوع ودائما حسب زعم رئيس البلدية وكأن إتفاق مار مخايل بات بديلا لإتفاق الطائف، والأنكى من كل ذلك أن كل هذا يحدث بإسم الحفاظ على العيش المشترك.

عشنا وشفنا عُنصري أمن دولة تاهوا ودخلوا بالخطأ أرضاً سورية، فلا تم إستدعاء سفير الدولة المعنية، ولا تحرك المجلس الأعلى السوري اللبناني الذي يدفع مخصصاته الشعب اللبناني، لتحرير العنصرين بل أتى “تحريرهما” في إطار رشوة سياسية لأحد الأطراف على حساب طرف آخر من نفس الطائفة والمنطقة، متخطين بذلك الدولة والسبل الرسمية في التعامل رغم وجود رئيس يعتبر حليف وغير معاد للنظام في سوريا.

عشنا وشفنا رئيس الجمهورية وبدلا من أن يأمر بتنفيذ القانون في جريمة الشويفات، نراه وقد تحول إلى ” شيخ صلحة ” بين الطرفين، ومع ذلك يرضى القتيل ولا يرضى القاتل، ثم يحدثونك عن العهد القوي.

وعشنا وشفنا الإستدعاءات المتكررة للناشطين بسبب كتابات على وسائل التواصل الإجتماعي ما هي سوى “فشات خلق” لا تقدم ولا تؤخر وهي في المآل دليل عجز المواطن عن تغيير هذا الواقع المرير.

وعشنا وشفنا، ولسه ياما حنشوف على ما يبدو، نقول هذا لا للإساءة لأحد ولا للتصويب على أحد معين، فالكل مسؤول. المطلوب فقط التواضع وعدم تكبير “الحجر” كما يقال، والعمل بجدية وصمت ودون الكثير من ثرثرة فارغة.

اقرأ أيضاً: ترحيل سوريين معارضين من لبنان بالتنسيق مع السفارة السورية!

في الماضي وأثناء الحرب وفي ظل الوجود اﻷجنبي في لبنان، كنا نتهم اﻵخرين بأنهم يتسلطون علينا وعلى قراراتنا ومع ذلك لم يحصل ما هو حاصل اليوم، فتارة كنا نتهم الفلسطينيين وتارة السوريين ودائما اﻹسرائيليين، فمن عسانا نتهم اليوم وليس على أرضنا أي غريب يحمل مسدسا ويوجهه إلى رؤوسنا؟

لقد سقطت اﻷقنعة وبانت الوجوه الكالحة التي تمارس التشبيح السياسي ويبدو اننا في السنين الماضية كنا نعيب زماننا والعيب فينا وليس لزماننا عيب سوانا.

السابق
لبنان فوق «حبل مشدود» أوّله «غليان الخليج» وآخِره «صفقة القرن»
التالي
تفاصيل لقاء الملك سلمان مع وزير الخارجية الأميركي في الرياض