«التجمع اللبناني»: لم يعرف الخطاب السياسي اللبناني هذه الدرجة من الانحطاط حتى في جحيم الحرب الأهلية

ناقش “التجمع اللبناني” التطورات وأصدر البيان التالي:

أولاً: يتابع القابضون على العهد اعتماد سياسة حافة الهاوية غير آبهين بنتائجها المدمرة على أوضاع لبنان واللبنانيين، فهم يرون في الظروف الإقليمية الحالية والأخطار التي تهدد البلد فرصة سانحة لاستباحة مقدراته والبقاء في السلطة ولاية رئاسية ثانية. وفي سبيل ذلك يلجأون إلى خطاب شعبوي طائفي ويتبعون شتى الوسائل المحرمة من أجل فرض هيمنتهم الأحادية على الطائفة المسيحية وتهميش منافسيهم على زعامتها. ويصل بهم الاسفاف، من أجل شد العصب الطائفي، إلى درجة تنظيم حملات عنصرية على اللاجئين السوريين والاستعانة بالمفردات الفاشية البالية حيالهم وصولاً إلى استخدام تفوق الجينات اللبنانية على غيرها!!

لم يعرف الخطاب السياسي اللبناني هذه الدرجة من الانحطاط حتى في جحيم الحرب الأهلية. والخطير في الأمر أم هذا الخطاب يستقوي بسلاح الدويلة على منطق الدولة اللبنانية وديبلوماسيتها التي كانت معروفة بتوازنها ويفتح النار على محيطه العربي من أجل استجداء الدعم من قوى الأمرالواقع في لبنان والمنطقة!

اقرأ أيضاً: الحريري من مجلس النواب: للابقاء على الإصلاحات في الموازنة والمحافظة على نسبة العجز المحققة

لقد انقلبت سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ اشتعال النار في سوريا إلى سياسة دفع لبنان إلى حافة الهاوية من أجل تحقيق مكاسب شخصية وسياسية عاجلة لفريق معين!

ثانياً: يرافق الانحدار السياسي السريع تدهور في الأوضاع الاقتصادية والمالية نتج عنه انهيار في الأوضاع الاجتماعية للفئات المحدودة الدخل وتدهور لأوضاعها المعيشية..ولقد ظهر جلياً عجز الطبقة الحاكمة عن إصلاح هذه الأوضاع في الميزانية التي يجري النقاش حولها منذ أشهر طويلة..فالحكومة عاجزة عن اتخاذ تدابير حقيقية للإصلاح ومحاربة الفساد الاداري والمالي المستحكم لأن هذا الفساد هو جزء من طبيعة النظام وكل محاولة حقيقية للإصلاح تعني تغيير النظام نفسه، وهذا ما لن تقوم به أي حكومة تنبثق عن أهل المحاصصة الطائفية.

إن الحكومة التي ترفض المس بمكتسبات الأغنياء تريد أن تنتزع المزيد من الأموال من الفئات المحرومة والمحدودة الدخل، ومن هنا اتساع دائرة الاحتجاجات على الميزانية الجديدة لدى فئات واسعة من اللبنانيين امتدت من متقاعدي القوى الأمنية حتى القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية والمدرسين وسائر موظفي الدولة والقطاعين العام والخاص..وقد امتدت الاضرابات والإعتصامات حتى شملت مختلف القطاعات والهيئات التي لم تتحرك من قبل..فالقضاة يرفعون شعار رفع يد السياسيين عن القضاء في اعتراف منهم بأن القضاء مسيّس وهو ما شاهدناه في المحكمة العسكرية في قضية زياد عيتاني وما نشاهده في الحرب المعلنة من بعض القضاة على بعض الجهات الأمنية..الخ.

إن التجمع اللبناني يرى في الحركة الاحتجاجية الواسعة التي تطال مختلف القطاعات والهيئات ظاهرة صحية وهو يعلن تضامنه الكامل مع كل حركة احتجاجية تطالب بوضع حد لتغول السياسيين وفسادهم وتدخلهم في شؤون القضاء والادارة والقطاعات المصرفية والمالية..وهو بالخصوص يعلن تضامنه الكامل

مع الجامعة الوطنية اللبنانية وأساتذتها وطلابها ويطالب برفع يد السياسيين عنها وإعطائها الامكانيات اللازمة كي تكون الجامعة الوطنية الأولى في البلد..

ثالثاً: يرفع التجمع اللبناني الصوت من جديد من أجل الدفاع عن الحريات العامة في البلد ويحذر من الاعتداء المستمر لأهل السلطة على حرية الرأي والتعبير ويرى في هذه الممارسات الخطيرة استمراراً لنهج الاحتلال السسوري الذي رفضه الشعب اللبناني ووضع حداً له في انتفاضة الاستقلال. وهو يدعو كافة القوى والهيئات المتمسكة بالديموقراطية إلى تشكيل جبهة واسعة من أجل الدفاع عن هذه القيم التي هي جزء لا يتجزأ من الهوية اللبنانية ومبررات وجود لبنان وتميزه في محيطه..

كما يعيد التجمع التأكيد على ضرورة إيجاد صيغة مرنة لإطار يجمع المعارضين الحقيقيين لنظام المحاصصة الطائفية وسياسة حافة الهاوية التي يمارسها القابضون على زمام الأمور في لبنان..ويرى التجمع أن وجود هذه الصيغة صار ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل وهي تفترض منا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية وأن نتحلى بالممارسة الديموقراطية اللازمة وأن نترك المجال واسعاً لحرية الاختلاف في وجهات النظر وفي سبيل الوصول إلى الصيغة الملائمة للحظة السياسية الراهنة.

رابعاً: يرى التجمع أن وتيرة التسارع المحموم في التصعيد نتيجة الدور الذي يقوم به النظام الايراني، بالاعتداءات المباشرة أو من خلال الوكلاء باستهداف السعودية والامارات والملاحة الدولية يدفع المنطقة إلى حافة حرب خطيرة على المنطقة والعالم، قد تؤدي إلى تغييرات غير محسوبة في توازن القوى، سيكون لها التأثير على مستقبل لبنان لفترة طويلة..وهو يحذر من السياسة القصيرة النظر التي يتبعها الحكم في ربط مصير لبنان بالساسة المتهورة التي تتبعها إيران وأتباعها من أجل تحقيق مكاسب خاصة غير عابئين بالأثمان التي ستترتب عنها.

نحن كلبنانيين بحاجة إلى التمسك بوطنيتنا في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها جميعاً وكل تخلٍ عنها من أجل مصالح فئوية ضيقة سيعرض لبنان إلى أفدح الأخطار.. إذا كان لبنان في خطر فإن اللبنانيين جميعاً سيدفعون الثمن ولن تنفع البعض جيناتهم لإنقاذهم من الخطر المحدق!

السابق
من يدفع ثمن أزمة إسرائيل مع إيران
التالي
باسيل التقى مبعوث الرئيس الروسي لارانتييف: أكدنا دعوة لبنان للمشاركة في مسار أستانا بصفة مراقب