هل روى «دقيقة صمت» انقلاب حافظ الأسد؟!

دقيقة صمت
للمرة الثانية التفّ الكاتب السوري "سامر رضوان" على السلطة في دمشق، مستخدماً ذات الأسلوب في مسلسل "الولادة من الخاصرة" ولكن في حنكة أكبر ضمن مسلسل "دقيقة صمت"، الذي يحقق انتشارا عربيا واسعا بعد عرضه على عدة فضائيات عربية ومنصات رقمية.

سارت الحكاية منذ بدايتها لرواية قصة سجينين ينجوان من الإعدام في سياق درامي بحت غلب عليه الطابع البوليسي، وتصدر الواجهة كلّ من “أمير ناصر” أحد السجينين الهاربين والعميد “عصام شاهين” الذي يكتشف حيلة المتورطين معه لتصفيته فيلجأ للتحالف مع “أمير” في وجه السلطة، وهنا تتشابك القصة وتدخل في مستويات عدة من الصراع، لتمتد مساحة الحدث إلى ضيعة “أمير” حيث تدخل الحكاية من باب الدين لصناعة “أمير” كبطل شعبي.

أما التصعيد المفاجئ للحكاية فجاءت ضمن الحلقات الأخيرة بعد اعتقال “عصام” لكافة المسؤولين والضباط المتعلقين بقضية تهريب “أمير” من السجن وما تلا ذلك من تبعات. هنا برز الفنان “خالد القيش” بصورة العميد الذي انقلب على أصدقائه ليستولي على السلطة ويتصدر النفوذ عبر توريط الجميع بفيديوهات ووثائق تدينهم إذا ما قرروا التمرد عليه.

اقرأ أيضاً: مسلسلات دراما 2019: حكايات لا تشبهنا!

ورغم بناء القصة على أحداث تجري في عام 2010 إلا أن دلائل الرمزية لفترة السبعينات برزت بشكل كبير بعدما حلل مصمم الغرافيك السوري مصطفى يعقوب دلالات بعض الرموز في المسلسل كغياب صور الرئيسين حافظ الأسد وابنه بشار عن قاعات الاجتماعات ومكاتب المسؤولين في المسلسل واستبدالها بلوحات فنية، مع حجم التشابه بين ماكياج الفنان خالد القيش وصورة حافظ الأسد في السبعينات إبان انقلابه على أصدقائه، وهنا أشار يعقوب إلى تقاطع قصة المسلسل مع سيرة انقلاب حافظ الأسد. حيث قرر رفاق الأسد الأب التخلص منه ليكون كبش فداء لنكسة عام 1967، فما كان منه إلا أن انقلب عليهم واعتقلهم جميعاً وتصدر الواجهة كرجل السلطة الأول.

وفي انتظار نهاية العمل يوم غد، يحاول الكاتب تصوير الصدامية بين أجهزة النظام السوري من أفرع أمنية وقيادات عسكرية في محاولة تصوير الجميع كقتلة إلا أن الحل الناجع في الأنظمة القمعية هو تصفية الطغاة لبعضهم كي يقدم للجمهور سيناريو انتصار جديد وهو ما سمّي في سوريا بالحركة التصحيحية لمسار البعث أثناء سيطرة الأسد الأب على السلطة.

وفي النهاية يبدو “دقيقة صمت” كأنه مسلسل يؤرخ لمسيرة النظام البعثي الأمني في سوريا، واذا كان ابطال المسلسل هم المحكوم بالاعدام وحبيبته وعائلته واهل قريته، فان النجوم في المسلسل هم الضباط أصحاب الرتب العالية الذين يحيون من يشاؤون ويميتون من يشاؤون، ويلعبون بمصير الناس وبحيواتهم وفق ما تشتهي مصالحهم السلطوية لا المصلحة الوطنية.

السابق
القاضي الخوري يتقدم اليوم بطلب تمييز حكم الحاج
التالي
جنبلاط: نرى في الافق بروز الجنجاويد