الهيبة: قصاصات درامية مفكّكة لا يجمعها سوى الأداء

الهيبة الحصاد
من كان يتوقع أن قصة هوزان عكو ستمتد على الشاشة ثلاث سنوات، مع احتمال بناء جزء رابع لها، وأنّ قرية مفترضة على الحدود السورية اللبنانية تدعى "الهيبة" ستشغل العالم العربي وتفرض قوانينها الخاصة، في حالة لا تخلو من استغباء وعي المشاهدين والاستعراض الجسدي على حساب القيم الفنية والانسانية المغيّبة في المسلسل.

ماذا تبقى من الهيبة في عامها الثالث؟ لا يفكر الجمهور المشاهد بهذا السؤال. ليس لأن وعيه أقل من التفكير بمسلسل تلفزيوني، بل لضخامة الحملة الإعلانية التي تسبق “الهيبة” كل عام، فتحول المسلسل إلى موعد سنوي ينتظر فيه الجميع “الجبل” ليطلّ ويغيّر مجرى الأحداث كما يريد.

وهذا ليس انتقاص من خبرة وتاريخ أبطال هذا المسلسل، فمن مرّ ومن بقي هم نجوم خارج “الهيبة” قبل الدخول في معتركها، ولكن الضريبة الكبرى تدفع حين تصبح القصص تجميعية حتى تطول الحلقات إلى الثلاثين.

اقرأ أيضاً: «شيخ الحارة» يتوقف وبسمة وهبي متهمة!

في “الحصاد” لا داعٍ لكثير من الأحداث المفككة، كما لا مبرر منطقي في ترابطها. اختراق لقواعد البناء الدرامي الأولى في وحدة الزمان والانتقال السلس بين الأمكنة، تذاكي على وعي المشاهد في تقبّل فكرة ظهور “جبل” في أي مكان دون أي رادع. وفوق ذلك كلّه إعادة تكريس فكرة الجندة في سلطة الرجل على المرأة، لنشاهد “جبل” خارج الهيبة في شوارع بيروت ذلك الرجل الرومانسي للحد الأقصى والذي ينهار أمام إعلامية مشهورة، لينقلب ويعود وحشاً في وكره داخل “الهيبة” ويمارس الغطرسة الذكورية التي لا تختلف في طرحها كما حمله “باب الحارة” من تشويه لسنوات.

حتى أنّ “الأصول” التي تحملها “الهيبة” باتت مرنة لدرجة تغييرها وتعديلها كيفما اتفق النص وارتأى المخرج، فلا ضوابط تدلّ ما هو الصح وما هو الغلط، ولا انسياب منطقي للقصص الممتدة من الجزء الأول والعائدة للخلف في الجزء الثاني.

اقرأ أيضاً: سامر رضوان…مغامر في زمن الخذلان!

أما الفجوة الأكبر فتكمن في تشتت حالة الصدامية التي يبينها المسلسل في غياب واضح لمعرفة من عدو “جبل”؟ هل يعادي جبل السلطة السياسية في لبنان ويهرب منها عند أول مفترق طرق؟ هل يعادي تجار السلاح ويختار البقاء تحت عين السلطة عبر التهريب خفيف الكلفة؟ أو يختار تصفية الحسابات داخل الهيبة في حكايا الثأر التي لم يخرج الطرح فيها من مسلسلات بيئة الصعيد المصرية.

وكأننا نشاهد خمس مسلسلات في واحد: “جبل” التركي العاشق الرومانسي في كل جزء لبطلة، “جبل” السوري الشامي الهارب من “باب الحارة” ليمارس ذكوريته على كل امرأة تقع في أسره، “جبل” الصعيدي زعيم العشيرة الذي تدور حياته حول دم أولاد العم، “جبل” اللاتيني الذي يمارس التهريب ويتاجر بالسلاح في امبراطوريته الخاصة. وأخيراً “جبل” الإنسان البسيط الذي ما زال رغم كل قوته طفلاً تحركه أمه وتستفزه حبيبته ويضعف أمام من يحب.

ربما من أجل “جبل” الأخير ما زالت “الهيبة”، وما زلنا نحب تيم حسن!!

السابق
عجاقة لجنوبية: الموازنة الجديدة أفضل من السابقة.. والعبرة بالتنفيذ
التالي
نانسي عجرم الأولى على الانستغرام… لهذا السبب!