مسشتفيات حكومية تٌغلق أبوابها في وجه المرضى: لا علاج عندنا!

المستشفى
قصص كثيرة لمرضى انتهت حياتهم بالموت والإهانة عند أبواب مستشفيات لم ترأف بفقير لا يملك تأمينا، ولا ضمانا ليحصل على خدمة الطبابة "بكرامة" في زمن تحولت المستشفيات فيه إلى مؤسسات "تجارية"، الخدمة مقابل حفنة مال لم تعد متوفرة في جيب مواطن يعيش "القلة"، وطبيب لا يكاد يلمس المريض حتى يترتب على الأخير دفع "٥٠ الف" تنته بالقول له "ما باك شي"، فيما الـ٥٠ الف يكاد أن يشحذها "الفقير" الذي يدفع الثمن، قصص كثيرة تسجل يومياً على ابواب المستشفيات، والازمة تكبر ككرة الثلج والناس على مضض يكلّمون الصمت.

تقول ريما عن رحلتها مع المعاناة، حملت الأم ابنها الذي لم يبلغ الـ11 شهراً، المصاب بفيروس خطير على عجل وطرقت باب “مستشفى النجدة الشعبية في النبطية”، لكن الأبواب أوصدت بوجهها لأنها “تريد إدخاله على حساب وزارة الصحة” وبحجة أنه لا يوجد أسرة فارغة، فهرعت إلى “مستشفى النبطية الحكومي” ظنا منها أنها مستشفى “حكومية”، لكن ظنها خاب حين تلقت كلمة “ما في وزارة”، في عحسابك، ورغم استجدائها معالجة ابنها الذي يموت بين يديها لكن “الضمير” مات ورفع على منصة “الفاعل المستتر” لموت لم يعد رحيماً، تقول ريما “ترجيتهم أن يدخلوه ويعلقو له المصل، لكنهم رفضوا واقتصر الكلام ما عنا وزارة شوفي بغير مستشفى، لماذا الوزارة إذا طالما أنها لا تلبي حاجات المواطن، وأين الضمير في مهنة الإنسانية للأسف مستشفياتنا تجارية”.

اقرأ أيضاً: موظفو مستشفى صور لا يتقاضون راوتبهم.. وزارة الصحّة لا تدفع المستحقات

معاناة… وإهانة…
بدموعها تخبر ريما كيف “أهينت” وكيف كادت أن تخسر ابنها الذي ركضت به من مستشفى إلى آخر علها تجد سرير وزارة لكن سقف الوزارة مختفٍ في كل المشافي وعلى المواطن أن يموت في منزله في انتظار الوزارة”.

شؤون جنوبية 170
لا تتوقف معاناة المواطن عند هذا الحد بل تتجاوز كل المعايير ليحضر فقط معيار “المال” ولعل قصة مصطفى تختصر واقع الحال. مصطفى الذي دخل إلى المستشفى الحكومي ليعالج من التهاب في الكلى، على نفقة وزارة الصحة، بقي مصطفى أربعة أيام، خضع لعلاج عادي، القضية برزت عند صندوق المحاسبة إذ توجب عليه دفع مليونين وخمسماية ألف ليرة فرق وزارة فقط، سماع المبلغ سقط كالصاعقة على رأسه، كيف ولماذا؟ وكل الإجابات حاضرة إزاء ثمن العلاج الذي تلقاه، “لم أكن أملك شيئاً، ظننت أن فرق الوزارة لن يتجاوز سقف الـ100 ألف ليرة، لأدرك أننا تحولنا مادة تجارية مربحة، وبعد تدخلات ووساطات خفض السعر إلى ٦٠٠ دولار وهو مبلغ مرتفع جداً وفق ما قال لي الطبيب المعالج، ما يعني أنهم يسرقوننا عالمكشوف بإسم الطبابة”.

اقرأ أيضاً: مستشفى جزين: لا توظيفات سياسية.. ولإبعاد الأحزاب عن المستشفى

لم يكترث أحد من زعماء الوطن لمعاناة الناس عند أبواب المشافي، لم يتحرك ضميرهم ليعملوا على إصدار البطاقة الصحية المجانية، كحق مشروع لمواطن أغرق بالضرائب من كل حدب وصوب، بل جل ما حصده المواطن أمين أنه توجب عليه دفع كلفة طوارئ داخل المستشفى الحكومي ٥٠ ألف والطبيب لم يعاينه، فقط ثمن مصل صغير، يقول أمين قصدت المستشفى الحكومي لمعاناتي من تقيئ، دخلت الطوارئ وأتت الممرضة علقت لي المصل، بإنتظار الطبيب الذي مرّ من قربها وقال لها ما في شي، وذهب من دون أن يدون إسم أيّ دواء على “الروشاته” لكنه تقاضى ثمن الكلمة مع المستشفى 50 ألف ليرة دون معاينة”.
هذا غيض من فيض قصص سجلتها معاناة المواطنين داخل صروح الطبابة الحكومية، معاناة لن تتوقف، ولن تنته، طالما المواطن ينتظر الوزارة في المستشفيات ويُغْدر به، والتأمين الصحي غائباً، والرقابة معدومة، والناس تصرخ عند كل كارثة صحية قبل أن تهدأ وكأن شيئاً لم يحصل فمتى يعالج المواطن بكرامته في وطنه ولا يذل في مستشفياته.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 170 شتاء 2019)

السابق
اللقيس بعد الغريب إلى دمشق
التالي
المستشفيات الحكومية والتشخصيات الخاطئة.. أشخاص خسروا حياتهم!