الـ«EGOCENTRISME» و القوانين المجمدة وراء ارتفاع نسبة حوادث السير

تعددت الأسباب وحوادث السير إلى تصاعد، فلا التشدد في تطبيق قوانين السير نفع، ولا حملات التوعية التي نظمها المجتمع المدني أدت فائدتها المرجوة.

حوادث السير في لبنان غدت أشبه بمقاطع أفلام رعب متنقلة على الطرقات، وتحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات بث مباشر لصور صادمة.

وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع حصيلة الضحايا تحديدا في شهري تموز وآب الفائتين، حيث أفادت غرفة التحكم المروري عن سقوط 281 قتيلا و3432جريحا، خلال العام الجاري، في حين يؤكد خبراء عدم إمكانية تحديد ضحايا حوادث السير بالأرقام نظرا لضعف الداتا المخولة بنقلها، كما أنه لا يمكن الإحاطة بها أو حصرها.

وبالعودة إلى أسباب حادث السير المروع الذي وقع مساء الجمعة على طريق عام أبلح- نيحا، وأدى إلى سقوط 5 قتلى و20 جريحا، نستدرك أنها تتشابه مع غيرها لناحية عدم أهلية الطريق، وضعف الإنارة وغيرها من شروط السلامة العامة، إضافة إلى التهور في القيادة.

مؤسس جمعية “اليازا” زياد عقل أوجز في حديث لـ”جنوبية” أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع حوادث السير في الآونة الأخيرة، ففي حين أن ” السلامة المرورية في لبنان لا تشكل أولوية في حياتنا اليومية، هناك غياب لتطبيق قانون السير اللبناني الجديد رقم 243 الذي صدر في العام 2012 وعُدل في العام 2014 و2016، وهو لا يعدو كونه حبرا على ورق”.

زياد عقل
زياد عقل

ولفت عقل إلى “عدم تفعيل عمل اللجنة الوطنية للسلامة المرورية التي تنبثق عن قانون السير الجديد، كما أن إجازات السوق لا تزال تُعطى من دون امتحان، إضافة إلى عدم تطبيق المعاينة الميكانيكية التي يفترض أن تجري على الموانئ البحرية قبل دخول المركبات الى لبنان”.

ويستمر الواقع المأساوي برأي عقل مع غياب دور “الشرطة البلدية عن تطبيق القانون في معظم البلدات، كما أن قوى الأمن تطبق القانون جزئيا عبر رادارات السرعة، إضافة إلى عدم تنظيم المحاضر بحق المخالفين بشكل فعاّل، خاصة لجهة المرورعكس السير ومخالفة الإشارات الضوئية ووضع الخوذة”.

الجدير بالذكر أن نسبة حوادث السير خلال السنوات الثلاث الماضية قد انخفضت، لتعود و ترتفع هذا العام بشكل كبير.

وقال عقل “تجارب الدول الحديثة تفيد أن الحدّ من حوادث السير يتطلب جهدا مشتركا من الدولة والبلديات والمواطن وهذا التضافر نفتقده في لبنان” متوقعا “تزايد حوادث السير في العام المقبل في ظل الواقع القائم.”

إقرأ أيضاً: نسبة حوادث السير في لبنان.. كارثة تنتظر الحلَ!

وتتحوّل القيادة في لبنان إلى جنوح للجنون واللامبالاة من قبل بعض السائقين، وكثيرا ما تعبّر عن حالتهم ومزاجهم، كما تعكس حمّى المنافسة وما يعرف بلغة السائقين “المطاحشة”، ما يتسبب بفوضى وحوادث مريعة تزهق الأرواح دون حساب.

الاختصاصية في علم النفس العيادي والمعالجة النفسية زينة زيربه، أوضحت في حديث لـ”جنوبية” أن “القانون لا يشكل رادعا خارجيا فقط، بل هو ينخرط في تركيبة الإنسان الداخلية أيضا، ويصبح جزءا منه، كما أن الامتناع عن التعدي على الآخرين ينبع من المساحة المتصلة معهم”.

وأشارت زيربه أن “عملية المراقبة في هذه الحال تصبح داخلية، في حين أن السائق في لبنان يتحول إلى أخذ حقه بيده في ظل غياب غياب القانون المولج حمايته، وهذا الظاهرة تدعى”EGOCENTRISME” أي تضخم الذات وهي أصبحت متقدّمة لدى عدد من السائقين في لبنان، واعتقاد هؤلاء أن ذاتهم تشكل محور الأشياء وكل ما يدور حولهم، وغياب الوعي بوجود الآخر بأولوياته وحاجاته”.

تضيف “هذا الأمر ينعكس جليا في سلوكيات القيادة مثل الوقوف بطريقة عشوائية وقطع الطريق على الآخرين دون اعتبار لهم، وهو ما ينتج حالة تخبط تجعل من يمارسها غير معني بالالتفات إلى من حوله أو التنبّه لهم وإدراك وجودهم وحاجاتهم انطلاقا من حقوق وقوانين تتخطى ذاتيته المفرطة”.

إقرأ أيضاً: حادث سير مروّع على طريق المطار ليلا

وبالاستنتاج اعتبرت الاختصاصية في علم النفس العيادي والمعالجة النفسية زينة زيربه أن “إعطاء الضمانات التي تحمي السائق، تجعله مدركا لحاجات غيره، وأكثر ميلا لتطبيق القانون”.

السابق
عبد الرحيم مراد لـ«جنوبية»: كلام وهاب مرفوض، والحريري لم يكن ميثاقيا
التالي
كيروز ردا على الموسوي: حركة أدهم خنجر بدأت بشعارات وطنية وانتهت بمأساة طائفية