فضيحة طوفان بيروت: المحافظ المسؤول يستقيل

مقتطف: فضيحة غرق بيروت بسبب سد منافذ صرف المياه في منطقتي الرملة البيضاء والجناح، هي صفعة لكل اللبنانيين الذين تنتهك حقوقهم وتستباح من دون ان يقابلوا ذلك بموقف مناسب، وهي فضيحة بوجه السلطة وممثلها في هذه المسؤولية محافظ بيروت...فهل بدا المحافظ والقاضي السابق بخط كتاب استقالته...هذا اقل ما يفعله رجل مسؤول.

الحق العام والأملاك العامة منتهكة وطرائد لصيادي السلطة وازلامها، ما قاله محافظ بيروت تجاه ما جرى من اغلاق منافذ صرف المياه أو الصرف الصحي في منطقة الجناح وعلى اطراف الرملة البيضاء، لا يعفيه من مسؤولية انه سمح أو غطى أو سكت ولم يقم بواجبه تجاه منع إقامة مرفق سياحي مخالف للقانون، على رغم وجود أحكام قضائية تتيح له التصرف ليس استناداً الى صلاحياته فحسب، بل الى حكم قضائي كان صدر بحق هذا المرفق والقائمين عليه، والذي يمنع بموجبه استكمال بنائه بسبب المخالفات التي ارتكبها ويرتكبها أصحاب هذا المشروع السياحي الخاص.

لقد حمّل محافظ بيروت القاضي زياد شبيب مجلس الانماء والاعمار، وبلديتي بيروت والغبيري، المسؤولية حيال ما جرى من طوفان اغرق مناطق عدة في بيروت، واحاله الى خلافات بين هذه الجهات على مشروع الصرف الصحي الذي توقف ايضاً، لأسباب لم يوضحها الاّ النكايات والتعسف في استخدام الصلاحيات. ولكن هذا كلام حق يراد به باطل.
طالما أن محافظ بيروت تعامل بخفة ان لم نقل أكثر، حيال مخالفات أصحاب المشروع السياحي الذين عمدوا الى تجاوز القانون من دون أي اعتبار لسلطة المحافظ، هذا اذا افترضنا أن محافظ بيروت ضنين بتطبيق القانون، وأنه قادم من خلفية قضائية ومسكون بالعدالة وساع لتطبيقها في موقعه التنفيذي في بيروت، ونريد أن لا نشكك بذلك ابداً، لذا ان يصمت المحافظ او ان يعبر عن عجزه بالصمت والسكوت، والأخيرة من علامات الرضى، فذلك بطبيعة الحال، سيشجع من خالف القانون على التمادي طالما أنه قادر على تنفيذ ما يراه مناسبا له، ولوكان ذلك فيه تجاوز للحق العام والقانون.

من هنا تكمن المسؤولية على المحافظ، باعتباره صاحب السلطة التنفيذية في بلدية بيروت، فما جرى على هذا الصعيد، في ذلك اليوم الماطر، قبل أيام هو فضيحة لا يمكن البدء بمعالجتها الا باستقالة المحافظ الذي تهاون في تطبيق القانون، صمته وعدم تصديه لأصحاب المشروع السياحي حين مخالفتهم شروط البناء، وتغطيته لتعدياتهم على الملك العام، كان من تداعياته ان بالغ المخالفون بتجاوز القانون وفعلوا ما فعلوا من اغلاق لمسارب صرف المياه الذي أدى الى ما أدى اليه.

يعلم اللبنانيون أن تعيين محافظ لبيروت يتم كما كل التعيينات الأساسية في الإدارة العامة وفي المؤسسات العامة، نتيجة نظام المحاصصة، أي تعيين ازلام السلطة السياسية على اختلافهم، وطالما أن محافظ بيروت تخلى عن مسؤولياته وواجباته الوظيفية، سواء بسبب ضغوط سياسية، أو استجابة ومراعاة لبعض السياسيين الفاسدين والمفسدين، أو أنه هو نفسه متورط في هذه المخالفة عن قصد، اوربما هو لا يعلم ما هي المسؤوليات التي تقتضيها وظيفة محافظ بيروت التي يشغلها.

كل تلك الاحتمالات، هي لتفسير سلوك المحافظ ودوره، وبالتالي اذا كان هناك من شعور بالمسؤولية لدى المحافظ فذلك يتطلب في الحدّ الأدنى أن يسارع لاعلان استقالته، وأن يعود الى سلك القضاء علّه في هذه العودة يساهم في تعزيز هذا السلك، عبر شق الطريق من خلال استقالته، ليكون سلطة وليس مجرد سلك في يد السلطات الشرعية وغير الشرعية تلهو به كما تشاء وهي تحكم الدولة، أو قل وهي تدمر الدولة.

السابق
يحيى جابر في عمله المسرحي الجديد: «شو ها» أو «نحني» بكامل عريها
التالي
البخاري سفيرا فوق العادة ومفوضا في لبنان