ثلاثية حزب الله الحكومية: إبعاد الحريري، أو إدخاله ضعيفاً، ومنع حيازة «الثلث المعطِّل»

الحكومة اللبنانية
يتسلح الحريري بشارعه السني وبدعم سعودي ودولي، فهل يُحتمل أن يكون "حزب الله" قصد بخطوته إحراج الحريري وإخراجه.

نشرت وكالة “رويترز” الثلاثاء مقتطفات من تقرير البنك الدولي لخريف 2018 تفيد بأن إطار المخاطر الخاص بلبنان يرتفع “في شكل حاد”، وأن “فائدة أدوات يستخدمها المصرف المركزي تُستنفَد بعد سنوات من تطبيقها وتعزيز مخزون المصرف باحتياطيات النقد الأجنبي، وإطالة آجال استحقاق الودائع والحد من السيولة المتاحة”.

كذلك أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تحذيرات من قدرة “حزب الله” على جر لبنان إلى حرب مع إسرائيل، انطلاقاً من “اعتراف أمينه العام حسن نصر الله بامتلاكه صواريخ دقيقة”، ودعا إلى نزع هذا السلاح تماشياً مع القرار 1559، وأشار إلى أن “مساعدة حزب الله الحوثيين في اليمن بمستشارين ومدربين عسكريين تهديد إقليمي وعالمي خطير”، مُديناً في المقلب الآخر”الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادة لبنان”، مطالباً إسرائيل بـ”سحب قواتها من شمال قرية الغجر ومنطقة متاخمة شمال الخط الأزرق، والتوقف فوراً عن تحليق طائراتها داخل المجال الجوي اللبناني”.

اقرأ أيضاً: هل يريدونها «حكومة سليماني»؟

في ظل كل هذه الأجواء حلّ مطلبٌ أطلقه الحزب ثقيلاً على قلوب اللبنانيين، إثر معاينتهم إطاحته في لحظة تفاؤل مفصلية إبصارَ تشكيل الحكومة الجديدة النور، بعد أن كان بلغ خواتيمه السعيدة أو كاد.

وكانت مصادر إعلامية بارزة قد نقلت عن زوار رئيس الجمهورية ميشال عون الذي سقط رهانه بإيجاد حكومة قبل الذكرى الثانية لانطلاقة عهده، أنّ “مسألة تأليف الحكومة متعثرة ومعقدة“، وأنه من المتوقع أن يحتل ما بات موضوعَ الساعة الحيزَ الأكبر من حديث رئيس الجمهورية إلى الإعلام اللبناني مساء الأربعاء 31 تشرين الأول، إثر زيارة الرئيس المكلف مساء الثلثاء بعيداً من الإعلام قصر بعبدا مضحياً بالاجتماع الأسبوعي لكتلة “المستقبل” ،(التي لم تجتمع هذا الأسبوع ولم يصدر عنها بيان)، وإعلانه جهوز تشكيلة حكومته في صيغتها النهائية من دون أسماء وزراء «حزب الله» الذي يرفض تسميتهم قبل القبول بتوزير النواب السنّة المستقلين.

جدّد الحريري رفضه التنازل عن حقيبة سنية من الحقائب الخمس التي في حوزته، وسرعان ما انضم رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى توأمه ضمن “الثنائي الشيعي” في المطالبة بتوزير هؤلاء، الذين زار وفد منهم عين التينة الثلثاء يرأسه النائب الوليد سكرية، ونقل عن بري تأكيده أن “إيجاد حل لهذه المسألة هو عند الرئيس الحريري” ،(مع تصريح وزير المال عضو كتلة “التنمية والتحرير” المقرب من بري علي حسن خليل للصحافيين في عين التينة إن جوّ الرؤساء يدل على أن العقدة الجديدة صعبة التفكيك)، كما تَرَكَ للرئيس المكلف تحديد من حصة مَن سيتم التوزير.

سكرية صرح معتبراً أن “من حقّنا التمثيل في الحكومة، فـ30 إلى 40 في المئة من السنة انتخبونا”، وهذا كلام استدعى رداً بالأرقام من فريق رئيس الحكومة بيَّن أن حصة الأصوات التفضيلية للنواب الستة (من دون النائب أسامة سعد الذي فضل أن يكون معارضاً مستقلاً لا ينتمي إلى أي تكتل، والنائب بلال عبد الله العضو الأساسي في كتلة “اللقاء الديمقراطي”، والرئيس ميقاتي الذي يدعم الحريري في محنته الحكومية، وكذلك النائب عمر مخزومي الذي يُعتبر مقرباً من المستقبل) بالنسبة إلى مجمل الأصوات التفضيلية السنية هو 8.9 في المئة فقط (وهو ولّد رداً مقابلاً من النائب فيصل كرامي بأن الآلة الحاسبة لديهم معطلة فليستعملوا آلة حاسبة جديدة). من جهته أكد المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين خليل، الذي استقبل الوفد، أنّ “لا علاقة لمطلب التوزير بأي استحقاقات خارجية، وليس وارداً عندنا التراجع عن تكليف الحريري وإلا لكانت الأمور اختلفت منذ زمن”.

خليل أجاب بضبابية على اتهام إحدى الصحافيات من محطة تلفزيونية مشهورة للحزب بأنه يسعى بخطوته هذه إلى عدم تمكين رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” من الحصول على الثلث المعطل بوجود الوزير الدرزي الثالث، في حال اضطرار العهد إلى توزير أحد النواب الستة المشكوك في ولائهم الكامل له في أي استحقاق مصيري، كما رد على سؤال صحافية أخرى حول لماذا لا تعطون هؤلاء النواب من كيسكم أنتم وليس من كيس غيركم، فقد وزّرتم فيصل كرامي في حكومة الرئيس ميقاتي عندما أردتم التسهيل فلماذا لا تعيدون الكرة؟ فأجاب: “هم يقررون هذا وليس نحن”.

من هنا فإن السؤال الذي لا بد من طرحه يتعلق بدلالات توقيت خطوة حزب الله، فالحريري كان واضحاً وصارماً، ومنذ بداية التكليف كان قد أعلن رفضه القاطع إدخال أي “وديعة” سنية من 8 آذار إلى حصته الوزراية، وأعلن موقفه هذا مراراً وتكراراً وفي مناسبات كثيرة إلى درجة أنه هدد في إحداها بالاعتذار، متحصناً بمؤتمرات دعم لبنان التي على الأغلب لن يضاء أمامها الضوء الأخضر مع رئيس آخر غيره ولعلمه بما تمثل الحكومة بحقائبها لحزب الله المصنف عربياً ودولياً على لائحة الإرهاب، من “جائزة كبرى” تتمثل بالتلطي خلف ثلاث وزارات في الدولة اللبنانية إحداها وازنة هي الصحة، وتمثل منفذاً لراعيه الإقليمي إيران، التي تعاني بشدة من عقوبات تكاد تخنقها، عبر إنفاذ صفقات تزويد لبنان الدواء الإيراني الرخيص “الجينيريك”.

اقرأ أيضاً: حزب الله يحيي إشكالية الاعتراض الشيعي: ثرثرة على ضفاف مشروعه السني

يتسلح الحريري بشارعه السني وبدعم سعودي ودولي، فهل والحالة هذه يُحتمل أن يكون “حزب الله” قصد بخطوته إحراج الحريري وإخراجه، أو على الأقل إدخاله الحكومة ضعيفاً، أم لعله قصد حرمان”التيار الوطني الحر” ورئيس الجمهورية من امتلاك “الثلث المعطل” بعد أن فشلت جهوده في “إحراج” القوات لـ”إخراجه” وتحجيم هذا الحزب المسيحي الواسع التمثيل، إثر قبول فريق العهد بحيازته وزارة العدل ثم تراجع رئيسه عن ذلك من بيت الوسط بالتزامن مع إطلالة نصر الله التلفزيونية وإصراره على توزير سنة 8 آذار.

لم يقع حزب “القوات” في الفخ المنصوب، لعلمه أن المعارضة مقدمة للعزل، فمضى “كَرْهاً” إلى قبول ما عُرض عليه معلناً “المشاركة في الحكومة ولو ظلما”، وهو ما وصفه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر “تويتر” بـ”عين الصواب والواقعيّة، وقرار حكيم في الصالح العام”.

أسئلة سوف تتكفل الأيام المقبلة بالإجابة عنها، ويا خبر اليوم بفلوس بكرا ببلاش،وإن غداً لناظره قريب.

السابق
هل يريدونها «حكومة سليماني»؟
التالي
أميركا تتحرّك لوقف حرب اليمن والحوثيون لا يرحبون