زيارة الحريري إلى السعودية تزيل الشوائب وتجدد العلاقات

محمد بن سلمان
ما بعد زيارة الحريري إلى الرياض ليس كما قبلها. مصطفى فحص لـ"جنوبية": "التعطيل الحكومي مردّه تمسك التيار الوطني الحرّ بمطالبات يؤدي تنفيذها إلى اختراق وثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف".

إصرار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على اشاعة اجواء تفاؤلية على ملف التأليف الحكومي، أضيف إليه بالامس “دفع معنوي” إقليمي، حيث أحيطت زيارته للمملكة السعودية في إطار مؤتمر “مبادرة الاستثمار” المنعقد في الرياض، بحفاوة دبلوماسية وشخصية خاصة.
من جهة أخرى، يسجل للرئيس الحريري مسارعته لحضور المؤتمر في خضم الهجوم على المملكة، وأزمتها مع تفاعل قضية مقتل الإعلامي جمال الخاشقجي عالميا، وقد برز ذلك من خلال مقاطعة العديد من الشركات والمؤسسات العالمية الاقتصادية للمؤتمر،الأمر الذي أعاد للعلاقة قوتها وشدّ من أواصرها، كما أن ولي العهد محمد بن سلمان قد ثمنها بشكل كبير من خلال جلوسه مع الرئيس الحريري في المؤتمر الصحافي الذي تم عقده في نهاية اليوم الأول للمؤتمر، وتشديده على عمق العلاقة مع لبنان ورئيس حكومته.

اقرأ أيضاً: الملف الحكومي بإنتظار عودة الحريري من السعودية

ومما لا شك فيه استقبال الحريري ودعمه من قبل المملكة أطاحا بالادعاءات التي صوّرت الحريري ووصفته انه بات بلا مرجعية، خصوصا بعد أزمة نهاية العام المنصرم عندما قدم استقالة الحكومة اللبنانية في الرياض.

ما كُشف مؤخرا أظهر أن السعودية ومن ورائها دول الخليج مجتمعة تدعم مواقف الحريري الداخلية والخارجية، لجهة تشكيل حكومته العتيدة، منعا للاستفراد به من قبل معسكر الممانعة الذي يقوده حزب الله، كما هو حاصل حاليا مع الضغوطات التي يتعرض لها ومحاولة فرض خيارات لا يريدها، كالإصرار على تمثيل “سنة المعارضة” في 8 اذار، في الحكومة المنوي تشكيلها.
ويرى مراقبون أن تمديد زيارة الحريري ليومين إضافيين انعكس إيجابا على قدرته في تذليل العقبات التي تحول دون إنجاز مهمة التأليف، حيث ظهر على خط التأليف أيضا تفجير خلاف جديد بين القوات اللبنانية والتيار العوني، فالتيار الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل والذي يتباهى بدعم حزب الله له، يرفض تمثيل منافسه الماروني بوزارات وازنة، وذلك في جوّ من التصعيد، إذ يجري الحديث عن تأجيل الزيارة الموعودة للوزير القواتي ملحم رياشي إلى رئيس الجمهورية، مايؤشّر إلى أن الحلّ ما زال مستبعدا.

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى فحص، شدد في حديث لـ”جنوبية” على أن التعطيل في زمن ما قبل زيارة الحريري إلى الرياض لم يكن سببه المملكة السعودية، والتعطيل كان مرده تمسك التيار الوطني الحر بمطالبات يؤدي تنفيذها إلى خرق وثيقة الوفاق الوطني، واتفاق الطائف، لناحية التوازن في الحكم بعيدا عن نتائج الانتخابات النيابية، أما إذا كان المطلوب هو الركون إلى نتائج الانتخابات النيابية حيث يكون هناك أغلبية نيابية تحكم وأقلية تعارض، فإن اتفاق الأقطاب على تكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة المقبلة، معناه أن التوجّه العام أصبح يميل ناحية إيجاد صيغة وطنية توافقية”.

مصطفى فحص
إلا أن فحص رأى أن ” تلك الصيغة الديموقراطية التوافقية لها عدة أثمان فهي بمثابة عملية اغتيال لنتائج الانتخابات، وهي تصنع حكومات وحدة وطنية غير منتجة، لكن يتم اعتمادها من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية، ولكن الحريري لا يمكنه أن يسلم باختراق هذا المعطى وإعطاء 11 وزيرا لرئيس الجمهورية وصهره رئيس التيار الوطني الحرّ، حيث يصبح التيار متحكما بالحكومة ومجلس الوزراء، من هذا المنطلق فإن الرئيس الحريري مضطر للدفاع عن صلاحياته”.

وأكد فحص أنه “بعد زيارة الحريري إلى الرياض وإشاعة تراجع الدور السعودي الإقليمي بعد مقتل المرحوم الصحافي الخاشقجي، وما سبقها قبل شهور (أزمة استقالة حكومة الحريري في الرياض)، فإن مفاعيل هذه الزيارة الإيجابية أدت إلى انهاء ما سمي بحالة الفتور وإلى استمرار الدعم السعودي للمؤسسات اللبنانية”.

اقرأ أيضاً: قضية الخاشقجي تربك العلاقات العلاقات الأميركية السعودية

أضاف فحص “من جهة الفريق الآخر هناك مطالبات متكررة تؤدي إلى التعطيل، فإن خطاب السيد حسن نصرالله الذي جاء بعد خطاب الرئيس عون في الأمم المتحدة، وزيارة الوزير باسيل الى الأوزاعي التي نفى فيها وجود مخازن سلاح لحزب الله يكشفان عن مدى دعم نصرالله الوافر لرئيس التيار العوني”.
وتابع فحص “الاختبار الثاني هو عندما اعلن السيد حسن أنه لن يضغط على حلفائه وسوف يعطيهم الوقت الكافي”.
فحص اعتبر أن ” فكرة التعطيل الحكومي بحد ذاتها تخضع للعديد من التفسيرات، ربما يكون أبرزها الفكرة التي تعتبرأن الرئيس عون يسعى إلى ترسيخ فكرة التعطيل باعتبار أن حزب الله والايرانيين في مرحلة عدم توازن، وهم يسعون إلى تأجيل عملية التأليف إلى ما بعد فرض العقوبات الأميركية على إيران في 4 نوفمبر، أو يريدون استباقها، وتقدير مدى كلفتها على لبنان في حال تم تنفيذها. وهل إن حزب الله هو في صلب الحكومة أو هو يشكل جزءا منها؟ خاصة مع الحديث عن تولي الحزب بعض الوزرات التي تكون على علاقة بالأميركيين والتي قد تخضع للعقوبات”.

السابق
الجامعة اللبنانية مستباحة من جميع الأحزاب
التالي
أزمة الخاشقجي لن تلجم تدفق السلاح الأميركي إلى السعودية